طهران تصر على إجهاض العقوبات بموازاة المسار الدبلوماسي

أ ف ب-الامة برس
2023-08-12

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان (أ ف ب)طهران: قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، إن بلاده «لم تترك طاولة المفاوضات»، وذلك في وقت قالت فيه مصادر حكومية في طهران إن الأنشطة النووية الإيرانية مستمرة دون انقطاع في المجالات جميعها، بناء على الخطط السابقة لمنظمة الطاقة الذرية، ووفقاً لقانون المبادرة الاستراتيجية.

وكتب عبداللهيان في منشور على منصة «إكس» (تويتر سابقاً) إنه «بالإضافة إلى مسار إبطال مفعول العقوبات غير القانونية، لم نترك مسار التفاوض الدبلوماسي»، وذلك في دفاع ضمني عن الأداء الدبلوماسي لحكومة الرئيس المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي.

وقال عبداللهيان: «سنواصل الجهود للتوصل للنتائج النهائية وإحقاق حقوق إيران». وتصر حكومة رئيسي على استراتيجية «إجهاض العقوبات» لمواجهة العقوبات الأميركية.

وأفادت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن «مصدر مطلع»، لم تذكر اسمه، بأن الأنشطة النووية الإيرانية «مستمرة دون انقطاع في المجالات جميعها»، استناداً إلى البرامج السابقة لمنظمة الطاقة الذرية في المجالات جميعها، مضيفاً أنه «يتم تنفيذ قانون الخطوة الاستراتيجية» الذي أقره البرلمان الإيراني في ديسمبر (كانون الأول) 2020 لاتخاذ مرحلة ثانية من مسار التخلي عن الاتفاق النووي، وأوقفت بموجبه التزامات كبيرة في الاتفاق.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال»، (أمس الجمعة)، عن أشخاص مطلعين قولهم إن إيران أبطأت بدرجة كبيرة وتيرة تكوين مخزون اليورانيوم المخصب بدرجة قريبة من اللازم لصنع أسلحة، وخففت بعض مخزونها.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي للصحافيين، إنه لا يمكنه تأكيد هذا التقرير، لكنه أشار إلى أن «أي خطوات قد تتخذها إيران لإبطاء وتيرة التخصيب ستكون بالتأكيد موضع ترحيب».

وأضاف كيربي: «لسنا في مفاوضات جدية حول البرنامج النووي. لكن مثل هذه الخطوات هي بالتأكيد، في حالة صحتها، موضع ترحيب».

وتفاقمت حدة التوترات بين واشنطن وطهران منذ انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، الذي كان يهدف إلى كبح البرنامج النووي الإيراني. وفشلت المفاوضات بين إدارة جو بايدن وإيران في استئناف الاتفاق.

وتقوم إيران بمراكمة مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة منذ أبريل (نيسان) 2021، في توقيت متزامن مع بداية المفاوضات الهادفة لإحياء الاتفاق النووي، وهي أعلى نسبة تصل إليها إيران منذ امتلاكها برنامجاً نووياً، ما يجعلها قريبة من النسبة المطلوبة لتطوير سلاح نووي.

مناورات معقدة

وفي خطوة أولى فيما يمكن أن يكون «مجموعة معقدة من المناورات»، التي من المحتمل أن تستغرق أسابيع، سمحت إيران بالإفراج عن 4 مواطنين أميركيين محتجزين في سجن إيفين بطهران (الخميس)، وقررت وضعهم قيد الإقامة الجبرية.

وكان هناك أميركي خامس قيد الإقامة الجبرية بالمنزل بالفعل. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إن الاتفاق لا يعني تخفيف العقوبات المفروضة على إيران.

في طهران، كتب محمد جمشيدي المساعد السياسي للرئيس الإيراني، أن طهران لم تسمح للأميركيين الخمسة بمغادرة البلاد حتى تتسلم أموالها المجمدة في كوريا الجنوبية كاملة، التي تقدر بستة مليارات دولار.

وأكد كيربي أنه ستكون هناك قيود على ما يمكن لإيران فعله بأي أموال يفرج عنها بموجب اتفاق وشيك أدى إلى انفراجة في قضية الرعايا الأميركيين المحتجزين في زنزانة تابعة لـ«الحرس الثوري» بسجن إيفين في طهران.

وقال كيربي: «في الأساس، لا يمكن الوصول إلى الأموال إلا من أجل الحصول على الأغذية والأدوية والمعدات الطبية التي ليس لها استخدام عسكري مزدوج.

وستكون هناك عملية صارمة تحظى بالعناية الواجبة والمعايير المطبقة بمدخلات من وزارة الخزانة الأميركية».

إطلاق أموال طهران في سيول

وقال محافظ البنك المركزي الإيراني محمد رضا فرزين، اليوم (السبت)، إن كوريا الجنوبية أفرجت عن الأموال الإيرانية المحتجزة جميعها. وأضاف، في منشور نشره عبر حسابه على شبكات التواصل الاجتماعي، أن «جميع موارد العملات الأجنبية الإيرانية في كوريا الجنوبية أُفرج عنها، وستُسخدم بوصفها دفعات بنكية لشراء سلع لا تطالها العقوبات الأميركية».

وكانت وزارة الخارجية الإيرانية قد أعلنت، في بيان، بدء مسار الإفراج عن الأصول الإيرانية في كوريا الجنوبية، لكنها ذكرت أن الأموال «ستكون تحت تصرف إيران... الأجهزة المعنية ستتولى عملية الإنفاق على النحو الذي تراه مناسباً وفقاً لاحتياجات البلاد».

ولم تؤكد كوريا الجنوبية ولم تنفِ تقارير إعلامية حول ما يدور حول تحويل للأموال الإيرانية المجمدة لديها، لكنها أعربت عن أملها في حل «سلس» للقضية التي ظلت قضية حساسة في علاقاتها مع طهران.

وأوضح فرزين أن «ما تحقق حتى الآن يتجاوز التفسيرات الحالية». وقال: «قوبلت تكاليف تحويلها من الوون إلى اليورو من قبل دولة ثالثة». وأوضح أنه تم إيداع ما يقرب من 7 مليارات دولار من موارد النقد الأجنبي في البنوك الكورية الجنوبية بالوون (عملة كوريا الجنوبية) منذ 13 عاماً، ولم تحصل على أي فائدة، بل إن قيمتها انخفضت بنحو مليار دولار خلال تلك المدة بسبب انخفاض قيمة الوون مقابل الدولار. وأضاف فرزين، في بيان، أنه سيتم قريباً إيداع جميع موارد اليورو هذه في حسابات 6 بنوك إيرانية في قطر، واستخدامها بوصفها مدفوعات مصرفية لشراء سلع لا تشملها العقوبات.

وأفادت وكالة «إيسنا» الحكومية بأن «موارد إيران من العملات الأجنبية في دول عدة ستكون متاحة قريباً، وستترك آثارها على السوق والتعاملات التجارية».

من جهتها، ذكرت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» أن الأموال المحتجزة لدى بنك التجارة العراقي ستنقل أيضاً إلى حسابات مصرفية إيرانية في دولتين إقليميتين، في إشارة إلى قطر وسلطنة عمان.

ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، فدا حسين مالكي، القول إن استراتيجية النظام بشأن الأموال الإيرانية المجمدة واضحة تماماً.

ورفض مالكي ما سماه «مزاعم غربية» بأن الأموال المُفرج عنها ستستخدم فقط في شراء الأغذية، وقال: «يمكنهم طرح هذا الادعاء، لكن المهم أن هذه الأموال تخص الشعب الإيراني، وستُسلم لإيران بعد الإفراج عنها»، على حد التعبير الذي نقلته «وكالة أنباء العالم العربي».

خفض التوتر

ويؤذن الاتفاق الحساس بتخفيف حدة التوتر بين الخصمين، ويعتقد خبراء ودبلوماسيون بأنه قد يفضي إلى مزيد من الجهود الهادئة للرد على مخاوف، منها ما يتعلق بالنشاط النووي لإيران وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

غير أن عدداً قليلاً من الأشخاص يتوقعون اتفاقات كبرى وشيكة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2024.

ويأمل التيار المؤيد للاتفاق النووي أن تكون الصفقة عودة للمفاوضات، و«ليس بالضرورة إلى اتفاق»، وذلك بعدما استبعدت الإدارة الأميركية احتمال استئناف الاتفاق النووي، عندما شنت طهران حملة لإخماد الاحتجاجات الشعبية تقدمتها النساء.

نزع فتيل التصعيد

قال مصدر قريب من المفاوضات إن الاتفاق بشأن السجناء منفصل عن الملف النووي. لكنه قال أيضاً إن الدبلوماسية أظهرت فاعلية في خفض التوتر مع إيران، مشيراً إلى هدنة لا تزال صامدة منذ أكثر من عام في اليمن الذي يشهد نزاعاً، وحيث تدعم إيران المتمردين الحوثيين، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويبدو أيضاً أن هجمات فصائل مرتبطة بإيران على القوات الأميركية تراجعت في العراق، كما يشير دبلوماسي من دولة حليفة للولايات المتحدة.

وقال الدبلوماسي إن «التوتر لا يزال قائماً، لكن الحكومتين تتواصلان، وهذا يحدث فارقاً».

استأنف مسؤولون أميركيون وإيرانيون الجهود الدبلوماسية في مايو (أيار) على شكل اجتماعات غير مباشرة، قامت بالترتيب لها سلطنة عُمان، مع محادثات تستطلع إجراءات للحد من البرنامج النووي لإيران دون العودة كلياً للاتفاق النووي، وفق دبلوماسيين.

ويشكك المحللون في عودة إدارة بايدن إلى الاتفاق النووي مع اقتراب موعد الانتخابات.

إشارة سيئة

تقول هولي داغريس، الزميلة غير المقيمة في معهد أتلانتيك كاونسل، إن الاتفاق المتعلق بالسجناء بمثابة «إجراء لبناء الثقة، ويمكن أن يحيي المحادثات بشأن برنامج إيران النووي».

وتضيف: «لكنه أيضاً مؤشر لطهران إلى أن بإمكانها الاستفادة من نموذج احتجاز رهائن، ما قد يدفعها إلى مواصلة الوضع الراهن بالنظر إلى أنها تستطيع أيضاً بيع النفط بسبب ضعف تطبيق العقوبات المفروضة».

وطرحت أيضاً تساؤلات بشأن توقيت الاتفاق. فتاريخ 16 سبتمبر (أيلول) يصادف مرور عام على وفاة الشابة مهسا أميني عقب توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران. وأشعلت وفاتها احتجاجات حاشدة مناهضة للحكام، مثّلت أحد أكبر تحدٍ للمؤسسة الثيوقراطية التي تحكم قبضتها على مؤسسات الدولة منذ سقوط نظام الشاه في 1979.

وقالت داغريس إن «إبرام اتفاق مع الولايات المتحدة في فترة حساسة مثل هذه، في جوهره، بمثابة القول للمتظاهرين إن واشنطن غير مهتمة بمحنتهم».









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي