
هاكم بشرى بمناسبة يوم السبت، كل عائلة في إسرائيل خسرت في نصف السنة الماضية آلاف الشواكل عقب الانقلاب النظامي. في نصف السنة الحالية، لم ترتفع مخصصات التقاعد وبقيت صناديق التقاعد على حالها في حين يزداد التضخم؛ هذه هي الضربة التي أنزلها عليها نتنياهو والذي كما يبدو لا يحبنا كثيراً. ففي حين أن البورصات ارتفعت وازدهرت في أرجاء العالم، لم تتحرك بورصة تل أبيب تقريباً. في نيويورك مثلاً، حتى نهاية يوم التجارة الأربعاء، ارتفع مؤشر “اس آند بي 500” 15 في المئة منذ بداية السنة، في حين أن مؤشر تل أبيب 125 ارتفع 3 في المئة فقط. هذه أرقام تحكي القصة كلها.
نجح نتنياهو في تحويلنا إلى دولة يضربها الجميع وجهات اقتصادية دولية (موديس وبنوك كبيرة في أمريكا) لا تتردد في المس بنا. هذه نتيجة واضحة لتشريعه الأخير المناهض للديمقراطية: إلغاء ذريعة المعقولية.
المنطق يقول إن على نتنياهو أن يقلق من التسونامي الاقتصادي. هو يرى أن مستثمرين في الهايتيك يهربون، والبورصة تسقط، وأن الشيكل يتم تخفيضه، وهو يعرف أن هذا سيؤدي إلى تضخم وبطالة. ويعرف أيضاً أن الكثيرين يصوتون في الانتخابات حسب وضعهم الاقتصادي، والمتوقع أن يكون سيئاً أكثر. ولكن المستقبل لا يعنيه. ما يعنيه والآن هو: كيف يقسمون وظيفة المستشار القانوني ويعينون مدعياً عاماً على هواه والذي سيقرر أن الجمهور لا يهتم باستمرار المحاكمة، وسيقوم بسحب لائحة الاتهام.
سلوك بيبي يذكر بسلوك القيصر نيرون في العام 64م، عندما وقف فوق إحدى التلال في روما وعزف على القيثارة وبدأ يغني وهو ينظر إلى ألسنة النار الضخمة التي تحرق روما. هناك من يقولون إنه أصيب بالجنون وأشعل النار بنفسه. الآن يبدو أن بيبي أصيب بنفس “متلازمة نيرون”. فهو يحرق إسرائيل اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، وفمه مليء بالأكاذيب وأعمال التحايل.
رد نتنياهو على التقرير الاستثنائي لـ “موديس” التي حذرت من الاستثمار في إسرائيل، بغطرسة واستخفاف ونفي الوقائع. وقد بنى لنفسه عالماً بديلاً فيه كل شيء جيد. من المهم معرفة كيف سيرد عندما تخفض موديس تصنيفنا الائتماني. هل سيبدأ عندها في العزف والغناء؟ في التقرير الاستثنائي الذي نشرته، كتب أن للتشريع تداعيات سلبية على اقتصاد إسرائيل وعلى أمنها، وأن 80 في المئة من شركات الهايتيك الجديدة في إسرائيل سجلت في الولايات المتحدة، وأن الهايتيك هو محرك النمو الاقتصادي. موديس ليست الوحيدة، فالاقتصاديون في بنك “سيتي” أعلنوا بأن وضع إسرائيل الاقتصادي أصبح “معقداً أكثر وأخطر”، والاقتصاديون في بنك “مورغن ستانلي” أشاروا إلى أن “عدم اليقين في أسواق رأس المال الإسرائيلية ازداد، ورسوم المخاطرة زادت، وهناك تخوفات من خفض العملة، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض النمو وارتفاع التضخم، لذلك فإن البنك سيقلل التوصية للاستثمار في إسرائيل.
جميع هذه الجهات قلقة. المؤشر الموضوعي على الوضع الاقتصادي لدينا، سوق رأس المال، يثبت إلى أي درجة كانت على حق. في اليومين التاليين للتشريع الذي ألغى ذريعة المعقولية، انخفضت البورصة 5.2 في المئة والدولار ارتفع 2.7 في المئة. ولسنا بحاجة إلى دليل أفضل من ذلك.
كل ذلك يتسرب بقوة إلى جيوبنا الخاصة. فقد تضررت في أعقاب التجميد في البورصة، والتخفيض الكبير، وارتفاع سعر الفائدة. هذا يؤدي إلى تضخم وازدياد أقساط قروض السكن وانخفاض الاستثمارات وإبطاء النشاطات الاقتصادية والبطالة – المرض الاجتماعي الأكثر صعوبة منها جميعها. لكن نتنياهو في عالمه الخاص، مقطوع عن الواقع وتظهر عليه كل علامات “متلازمة نيرون”.
نحاميا شترسلر
هآرتس 28/7/2023