احتفال نتنياهو والحريديم وسموتريتش بـ "المعقولية"… انتصار ينبئ بهزيمة  

2023-07-26

 

يصعب تخيل غباء أكثر من مشروع القانون هذا الذي يعتبر بمثابة صب الزيت على نار الاحتجاج العلماني (أ ف ب)أسد مسن مريض دمر خلال ساعتين في هذا الأسبوع إرثاً عمره تقريباً 30 سنة من النشاط العام. بدلاً من الراحة في المنزل بعد زراعة جهاز لتنظيم ضربات القلب، جر نفسه إلى الكنيست وسمح لمجموعة من المتطرفين بإملاء تحركاته وجره إلى تدمير كل ما آمن به حتى الآن.

لم يكن هذا ليحدث لنتنياهو قبل خمس سنوات. في ذروته، كان نتنياهو يستغل الفرصة التي سنحت له للمصالحة ويضع نفسه مرة أخرى كرئيس حكومة رسمي يملي خطواته.

كان نتنياهو سيتبنى الحل الوسط فيما يتعلق بتأجيل سن القوانين، وسيقوم بعقد صفقة سرية مع آريه درعي من ليجعل الحاخامات يطلقون دعوة لوحدة الشعب عشية 9 آب – على خلفية الذكريات الأليمة من الكراهية المجانية التي أدت إلى دمار الهيكل، وكان سيرسل سموتريتش وبن غفير وياريف لفين للتمرغ في الصورة المتطرفة، حيث ليس لأحد منهم بديل سياسي إلا الوجود في حكومته.

وبعد ذلك على الفور، كان سيستمتع بالحصول على دعوة لزيارة البيت الأبيض، وربما كان سيحرك خطوات سياسية أمام السعودية من جديد، ويضع نفسه كساحر سياسي ومنارة للشعوب.

بدلاً من ذلك، توقع الأسد المسن والمريض أن يتعلم الآن، بطريقة صعبة، حدود القوة. إن انتصار سن قانون إلغاء ذريعة المعقولية بشكل أحادي الجانب في كنيست لا أحد فيها سوى أعضاء الائتلاف، هو بالطبع انتصار باهظ الثمن، انتصار في معركة ينبئ بالهزيمة في الحرب.

الهزيمة مكتوبة على الحائط مسبقاً: ملايين الإسرائيليين في الشوارع، جيش الاحتياط وربما الجيش النظامي أيضاً في حالة تفكك، والشيكل ينهار، وقطاع تجاري يبحث عن الهرب من الاستثمارات في إسرائيل.

صب الزيت على نار الاحتجاج العلماني

سيتعلم نتنياهو ثمن الهزيمة، وشركاؤه السياسيون أيضاً. العمى بثمل القوة تسبب للأحزاب الحريدية بالكارثة الأفظع لها. سيشتاقون الحريديم لحكومة بينيت – لبيد ومشروع قانون التجنيد المعتدل الذي قدمته تلك الحكومة، والذي كان سيصادق عليه في حينه تقريباً بدون معارضة الجمهور. أما الآن فأي مشروع قانون مشابه سيجعل نصف الشعب يعتلي المتاريس، وسيثير في الجيش ردوداً مضادة فظيعة.

الأحزاب الحريدية قدمت أمس، بغباء، مشروع قانون الأساس: تعلم التوراة كخدمة مهمة، الذي تتفاخر فيه بالقول إن “الذين أخذوا على عاتقهم التفرغ لدراسة التوراة لفترة طويلة سيعتبرون مثل الذين يقدمون خدمة مهمة لدولة إسرائيل وللشعب اليهودي، وسيكون لهذا تداعيات على حقوقهم وواجباتهم”. أو باختصار، هذه الأحزاب تتفاخر بالقول إن تعلم التوراة يساوي الخدمة العسكرية. لذلك، فإن كل من يتعلم التوراة معفي من الخدمة العسكرية.

يصعب تخيل غباء أكثر من مشروع القانون هذا الذي يعتبر بمثابة صب الزيت على نار الاحتجاج العلماني. إن أفضل أبنائنا اضطروا إلى وقف التطوع في خدمة الاحتياط على خلفية الانقلاب النظامي وتحطيم الاتفاق الذي يقف في مركز الخدمة العسكرية. والآن، من المؤكد أن التفكك قد وصل أيضاً إلى الجيش النظامي. كل ما يجب أن يحدث هو إرسال رسالة إلى أبناء الـ 18، إلى بضعة آلاف أو عشرات آلاف الصف 12، الذين سيعلنون بأنه في ضوء تهرب الحريديم من الخدمة في الجيش، سيضطرون إلى الإعلان وبألم بأنهم لا ينوون التجند للخدمة الإلزامية. وإذا حاولت الحكومة المضي بهذا التشريع الذي لا أساس له في قانون الأساس: تعلم التوراة، فإن رسالة أبناء الـ 18 هذه ستأتي عاجلاً أو آجلاً، ولن يكون لنتنياهو الساحر أي رد على ذلك.

التهديد الحقيقي على التجند للخدمة النظامية هو السلاح الوحيد الذي لا يمكن لأي حكومة إسرائيلية أن تقف أمامه. وأول من سيدفع ثمن ذلك هم الحريديم. نتنياهو والليكود سيدفعون نحو ذلك وستتلاشى أحلامهم في الإعفاء من التجنيد الإجباري.

الإنجاز الذي كان يمكن للحريديم الحصول عليه من حكومة وسط معتدلة، لا توجد أي احتمالية في الحصول عليه من حكومة يمينية متطرفة ومسيحانية؛ لأنها لم تعد تحظى بثقة الجمهور. مع قليل من الحكمة السياسية، كان باستطاعة الحريديم ذلك بحذر من إشعال الأرض أكثر. سيضطرون في هذه الأثناء إلى تعلم الدرس بالطريقة الأقسى.

أزمة اقتصادية تخدم مصالح مسيحانية

لن يكون الدرس هذا الوحيد الذي سيتم تعلمه. وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، أكد في الأشهر الأخيرة مرة أخرى بأنه لم تكن ولن تكون أزمة اقتصادية، لأن التهديد بالأزمة هو حملة لليساريين الخونة.

“لا أعتقد أن رجال الاقتصاد خبراء كبار في موضوع الدستور”، قال في نقاش في اللجنة المالية للكنيست في نيسان الماضي. “إذا حدث أي ضرر للاقتصاد، ولا أعتقد ذلك، فسيكون بسبب جميع أنواع حملات الأكاذيب التي تخلق عنصراً سلبياً في الاقتصاد”.

لكن للتأكيد، ولكيلا يظهر كمجنون تماماً إذا وجدت أزمة اقتصادية صغيرةـ فقد أعد سموتريتش لنفسه مهرباً. “بطبيعتها، الخلافات السياسية الشديدة تؤدي إلى احتجاج وربما تخلق عدم يقين مؤقتاً”، كتب سموتريتش ونتنياهو في بيان مشترك في نيسان الماضي. “هذه أخطار يجب أخذها في الحسبان وتعتبر ضمن التقديرات الاقتصادية لدولة إسرائيل”. بكلمات أخرى، الأزمة الاقتصادية أمر جيد إذا كانت تخدم مصالحنا المسيحانية في تنفيذ الانقلاب النظامي في إسرائيل.

عندما نشرت هذه الجملة في نيسان، أثارت التساؤل حول سلامة عقل نتنياهو “السيد اقتصاد”، الذي آمن دائماً بأن قوة إسرائيل العسكرية تستند إلى قوتها السياسية والاقتصادية. ولكن لم تُطرح تساؤلات مشابهة بخصوص سموتريتش الذي يعتبر شخصاً مسيحانياً ومهووساً. في هذه الأثناء، مسيحانية سموتريتش ستواجه صعوبات الواقع.

ميراف ارلوزوروف

هآرتس/ ذي ماركر 26/7/2023









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي