
علقت مجلة “بوليتيكو” في تقرير لها، أن التعديلات القضائية كشفت عن محدودية تأثير بايدن. وقالت إن علاقة الحب القاسية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ربما نجحت قبل عامين ولكن ليس الآن.
وفي التقرير الذي أعده ألكسندر وورد وناحال توسي، قالا فيه إن الملحمة المتعلقة بالتعديلات القضائية كشفت عن محدودية نهج الإدارة الأمريكية لدفع حكومة إسرائيل على تغيير مواقفها. فموافقة الكنيست يوم الإثنين على الجزء الأول من حزمة التعديلات التي تحد من قدرة المحكمة العليا الاعتراض على قرارات المشرعين فيها.
وجاء التصويت بعد حملة طويلة من الرئيس بايدن والمسؤولين الأمريكيين، لإقناع نتنياهو والحكومة بالتخلي عن المقترحات، حيث قالوا إنها تعمل على الانقسام في بلد يشهد احتجاجات. لكن دبلوماسية الأبواب المغلقة التي استمرت عدة أشهر، تحولت إلى توترات مفتوحة في آذار/مارس، عندما شجب نتنياهو الذي يواجه اتهامات بالفساد “الضغوط” من البيت الأبيض.
وبعد تمرير الإجراء يوم الإثنين، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جين- بيير في بيان: “كصديق قديم لإسرائيل، عبّر الرئيس بايدن في العلن والسر بأنه لكي تدوم التغيرات الكبرى في الديمقراطية، يجب أن يتم التوافق عليها بشكل واسع وقدر الإمكان. وللأسف أجري التصويت اليوم وبأضيق هامش من الأغلبية”.
ومع أن التعديلات القضائية تظل أمرا محليا في إسرائيل، إلا أن تمريرها وبهامش ضيق، يعبّر عن تحول في الكيفية التي ينظر فيها للضغط من بايدين على إسرائيل. وفي 2021، وأثناء حرب أخرى بين إسرائيل وغزة التي تسيطر عليها حماس، ضغط بايدن بشكل خاص على نتنياهو لقبول وقف إطلاق النار، مع أنه دافع عنه علنا.
وعندما حان وقت وقف القتال، دعا بايدن نتنياهو علنا لوقف الغارات ردا على القذائف الصاروخية. وتباهت إدارة بايدن أن وقف الأعمال القتالية التي استمرت 11 يوما كان نتيجة محادثات خاصة وحبّ قاس يفضله بايدن في اللحظات الدبلوماسية الحرجة. وحاول بايدن الذي يعتبر العلاقة مع إسرائيل بأنها “تنخر في العظام” نفس الأسلوب هذه المرة.
وتم إيصال رسائل عدم الدعم في اللقاءات خلف الأبواب المغلقة والمكالمات الهاتفية، وزادت حملة الضغط العامة في الأيام الأخيرة، حيث حث بايدن المسؤولين الكبار في إسرائيل على عدم التعجل في التعديلات القضائية. وفي مؤتمر أسبين الأمني، قال وزير الخارجية أنطوني بلينكن: “كديمقراطيات، نعرف أنه عندما تقوم بتغييرات كبرى ستترك أثرا اجتماعيا كبيرا، فأحسن طريقة للقيام بها هو بناء إجماع، ومحاولة الحصول على أكبر دعم ممكن ولو أردت أن تكون هذه التغييرات دائمة، وهذا ما يجب مشاركته حقا”.
وتقول المجلة إن الظروف المحيطة بالإصلاحات القضائية، تختلف عن جولة التصعيد التي قتل فيها 10 إسرائيليين و260 فلسطينيا، لكن محاولة حكومة نتنياهو تحييد المحكمة العليا الإسرائيلية أثارت غضب السكان، وقادت إلى أسابيع من التظاهرات التي عبّر فيها الإسرائيليون عن مخاوفهم على مصير الديمقراطية، في وقت هدد 10 آلاف جندي احتياط بالامتناع عن أداء الواجب.
وكان تمرير الكنيست للإجراء ضربة قوية للمعارضين له ولطريقة بايدن. وتقول المجلة إن الخلافات بين أمريكا وإسرائيل موجودة، إلا أن بايدن وفريقه لم يتجاوزوا الخطاب للضغط على إسرائيل وتجنبوا استخدام ما لديهم من نفوذ. ورفض الرئيس بايدن ربط مليارات الدولارات من الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل بتغيير السلوك.
ولم يغير الكثير من السياسات المؤيدة لإسرائيل، والتي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب. بل عيّن فريق بايدن، في الفترة الأخيرة، رجل اتصال لجلب المزيد من الشركاء العرب لاتفاقيات إبراهيم. ولم يحاول الفريق بأي طريقة إعادة العملية السلمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وقبل أيام، منح بايدن الجائزة التي رغبت بها إسرائيل طويلا: تقدم في برنامج يسمح للإسرائيليين بالسفر بدون تأشيرة إلى الولايات المتحدة. وعندما سئلت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، ليندا توماس- غرينفيلد أثناء مشاركتها بمؤتمر أسبين، إن بات من الصعب الدفاع عن إسرائيل في المنظمة الدولية، لم تجب على السؤال مباشرة، ولكنها أكدت على العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية الوثيقة.
إلا أن البعض يرى أن عدم الموافقة الأمريكية القوية لم تكن لتردع نتنياهو عن مساره. ويقول غاي زيف، المحاضر في الجامعة الأمريكية: “أنا واثق من أن نتنياهو كان يعي التداعيات الخطيرة للتعديلات القضائية وطوال الوقت. إلا أن خسارة ائتلافه لم يكن ثمنا راغبا بدفعه”. و”اندفع لخدمة حاجاته السياسية والشخصية والتي تتفوق على اعتبارات الأمن القومي والاقتصاد والعلاقات مع الولايات المتحدة”.
وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان على هامش مؤتمر أسبين إن الضغوط التي قادها بايدن لم تكن عن “الإملاء أو المحاضرة” ولكن “التعبير عن موقف مبدئي حكيم، ولكنه صريح، وهو ما نفعله مع أفضل أصدقائنا”.