
جوع المستوطنين لا يعرف الشبع. أحلامهم بالضم لم تعد تنحصر في المناطق ج “فقط”؛ فمع القوة تأتي الشهية. والآن باتوا يريدون كل شيء، “المناطق” [الضفة الغربية] كلها. لشدة الكارثة، لا أحد يقف في وجههم. في بيع التصفية لدولة إسرائيل بإدارة نتنياهو، الرجل الذي لا يرى أمام عينيه إلا كيف يستمر في حكمه بأي ثمن، يستعد شركاؤه المستوطنون للسطو على نعجة الفقير الفلسطيني في المناطق “أ” و “ب”.
الوزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش، الذي تلقى السيطرة في المناطق المحتلة، أطلع الأسبوع الماضي أعضاء لجنة الخارجية والأمن على الخطة التي ستسمح لإسرائيل بهدم بناء للفلسطينيين حتى في المناطق “أ” و “ب”. وشرح بأن المباني التي ستهدم تتعارض و”الأمن القومي” لإسرائيل. القيمة المركزية التي ينبغي أن توجه إنفاذ القانون على البناء في الضفة ليس سلطة القانون، كما شرح الوزير، بل “حماية المصالح القومية، السياسية والأمنية، لإسرائيل في المجال”.
حين لا يعود ممكناً استخدام كذبة الذريعة الأمنية للسطو على أراض فلسطينية، يخترعون مفهوماً جديداً يوفر علة للسرقة بقدر الاستطاعة. يدور الحديث عن خطر قومي: الخطة تمثل انعطافة لسياسة إسرائيل في إنفاذ قانون البناء، والتي تتم اليوم حسب اتفاقات أوسلو في مناطق “ج” فقط.
حين يشير جناح ما في الحكومة إلى أهمية تعزيز السلطة الفلسطينية، يلقي جناح آخر باتفاقات أوسلو إلى سلة المهملات ويعمل على سحقها. نذكر بأن ليس لإسرائيل أي صلاحيات إنفاذ للقانون في هذه المناطق. لكن حسب الفكر السائد في إسرائيل نتنياهو، فإن الاتفاقات لا تلزم إلا الطرف الآخر. لحكم اليمين إعفاء جارف من الالتزام بها.
على حد قول سموتريتش، نتنياهو مشارك في هذه الأمور. “نأمل إنهاء هذا العمل في غضون شهر، يصادق عليه لدى رئيس الوزراء ونرفعه إلى الكابينت”، قال. فدهاء المستوطنين مرادف لطمعهم. فليس الضعف السياسي والشخصي لدى نتنياهو هو وحده ما يستغلونه، بل إن المستوطنين في الحكم يستغلون حقيقة أن الاهتمام الإعلامي ومعظم عمل المعارضة وطاقة حركة الاحتجاج والنقد الأمريكي، معظمها موجه إن لم تكن كلها، لمحاولة الانقلاب النظامي، وإلى الجهد البطولي لمنعه دون عنف. وهكذا في الوقت الذي تركز فيه كل القوى الديمقراطية على الجبهة ضد الانقلاب النظامي، يستعد المستوطنون الذين في الحكم للدفع بقواتهم إلى الأمام للسيطرة على الضفة كلها.
إن الصراع ضد المستوطنين وخطط الضم الخطيرة خاصتهم لا يمكنها انتظار نهاية الصراع ضد الانقلاب النظامي. محظور المخاطرة بذلك. محظور على المعارضة والاحتجاج ووسائل الإعلام والولايات المتحدة أن يزيحوا عيونهم عن سموتريتش. إذا لم يعملوا فوراً، سيفوت الأوان.
أسرة التحرير
هآرتس 23/7/2023