إيكونوميست: عصيان فاغنر ترك أثره على نظام بوتين ووجه ضربة لتماسكه

2023-07-20

كتبت ألكسندرا بروكوبنيكو من وقفية كارينغي إن بوتين بدأ يتعامل بنجاح مع تداعيات الانتفاضة، إلا أن الضغوط لا تزال واضحة في النظام. (أ ف ب)قالت مجلة “إيكونوميست” إن سلطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعرضت لضربة خطيرة بسبب عصيان فاغنر.

وقالت “قبل عقدين نشر يفغيني بريغوجين المحكوم سابقا وصاحب مطعم فاغنر، جماعة مرتزقة روسية، قصةً خيالية مصورة قال إنه كتبها لطفليه. وتدور الحكاية على مجموعة من الأصدقاء الذين يقومون بإنقاذ ملك يفقد حجمه بطريقة لا يمكنه السيطرة عليها من خلال العزف على الناي. وفي البداية ينمو سريعا، لدرجة أنه حفر حفرة في سقف القصر قبل أن يعيدوه إلى حجمه الحقيقي. ويأخذ الملك الناي منهم قائلا: إنها لعبة خطيرة”.

ولعب بريغوجين، تابع بوتين، دورا في تضخيم الرئيس من خلال إدارة مزرعة للمخربين على الإنترنت مؤيدة للكرملين، وقد مزقه الآن إلى قطع.

ففي الشهر الماضي قام هو وجنوده بالسيطرة على مقرات عسكرية في مدينة روستوف أون دون في جنوب روسيا وقام بالزحف نحو موسكو، وأسقط عددا من المروحيات العسكرية ومقاتلة عسكرية في الطريق. وكانت “مسيرة العدالة” التي قال بريغوجين إنها تهدف للتخلص من الجنرال فاليري جيراسيموف، قائد القوات الروسية في أوكرانيا، وإجبار وزارة الدفاع عن دمج قواته في القوات النظامية. لكنه أضاف لحملته ملمحا عن الفساد استعاره من المعارض الروسي، المكافح للفساد اليكسي نافالني السجين حاليا، وتعهد بتطهير روسيا من نخبة اللصوص.

وترى المجلة أن فشل الخدمات الأمنية في وقف مقاتلي فاغنر وأداء بوتين المحير في وسط الأزمة قوّض من سلطة الكرملين. ففي ظل القانون الروسي كان على بريغوجين مواجهة السجن لفترة ما بين 12 عاما ومدى الحياة، لقيادته عصيانا وتجنيده مرتزقة وحيازة السلاح بطريقة غير قانونية والقتل كجزء من مجموعة مسلحة غير قانونية. وبحسب القوانين غير المكتوبة لدولة المافيا التي يقودها بوتين، فقد كان يجب أن يكون ميتا. وبدلا من ذلك، في 29 حزيران/يونيو وبعد خمسة أيام من تعهد بوتين بسحق التمرد، التقى بريغوجين وعددا من قياداته في الكرملين. وعبر عن أسفه من تورطهم في عصيان وعرض عليهم الحفاظ على سلاحهم تحت قائد جديد. وكان الهدف من هذا هو إظهار أنه لا يزال يتحكم بكل شيء. ولم تتم محاكمة أي منهم على قتل 13 جنديا ماتوا في الطائرة المتحطمة، ونفى بوتين سابقا أية معرفة بالمجموعة مع اعترافه قبل أسبوعين أن الدولة موّلت أفرادها. ولا يعرف مكان بريغوجين، ولا تزال القنوات الرسمية تهاجمه، مع أن القنوات الخاصة به على تيلغرام تعمل بدون أي عقبة. وتم اعتقال عدد من المسؤولين البارزين المقربين من بريغوجين، بمن فيهم القائد السابق للقوات الروسية في أوكرانيا سيرغي سيروفكين.

وكشفت برامج تلفزيونية عن مصادرة الجيش لأسلحة فاغنر وانتقال جنودها إلى بيلاروسيا، مع أن صحيفة “نوفويا غازيتا” المستقلة تقول إنه من الباكر جدا استبعاد “الطاهي”. ومهما كان مصير بريغوجين، فقد كشف تمرده عن تآكل في الدولة الروسية وضعف قاعدة الدعم لبوتين الذي اعتمد في ديكتاتوريته على عملية التطهير أكثر من الإجماع بين جماعات المصالح. فقد انتهى المنافسون السياسيون له في السجن مثل نافالني، أو المنفى.

وفي الوقت نفسه، بذر بذور التنافس وسط الجماعات الموالية له، ونصّب نفسه كوسيط ومحكم بينها. وعند الانقلاب في القصر وقف أمام تقوية الجيش والأجهزة الأمنية وأنشأ منظمات موازية مثل فاغنر. وفي زمن السلم، كان هذا الترتيب مناسبا، ولكنه ترنح بسبب ضغوط الحرب. ولم يكن تمرد بريغوجين خلافا يجري خلف الستار بين الفصائل الموالية له، بل كان انقساما علنيا بين الداعمين للحرب. ويقف على جانب النخبة المتوافقة أو الملتزمة التي تحاول التظاهر بأن الأمور عادية، وعلى الجانب الآخر، الوطنيون العسكريون الغاضبون، مثل بريغوجين، لكن الأكثر قلقا لبوتين هو أن الجيش نفسه بات منقسما. ويراقب الرأي العام ما يجري، فبحسب مركز ليفادا، وهو منظم استطلاعات مستقل إن نسبة 92% من الروس تابعوا الانقلاب، ونصفهم كان متعاطفا مع بريغوجين وانتقاده للفساد وعجز الجيش والأكاذيب حول الحرب. فقط قالت نسبة 22% إنها تثق بفاغنر.

وفي غياب الأصوات الناقدة، فقد جذب بريغوجين جمهورا من الوطنيين العسكريين. ومعظم المتعاطفين لا يدعمون أي جانب، كما قال عالم الاجتماع في ليفادا دينيس فولكوف، لكنهم كانوا توّاقين لمراقبة القتال بين “الضفدع والأفعى”.

وأظهرت القنوات على تيلغرام والمخربون التابعون لفاغنر والمدونون تراجعا لاحتكار بوتين والكرملين للمعلومات. وفي الوقت الذي انتظر فيه الدعائيون في شبكات التفلزة تعليمات من الكرملين، انتشرت أخبار التمرد على الإنترنت. وأقل من ربع الروس يثقون بالتلفاز.

ونظم بوتين جلسة مع عدد من الضباط ومدح قرارهم عدم المشاركة في العصيان، ثم سافر إلى داغستان في القوقاز، ذات الأغلبية المسلمة لإظهار حب الشعب له. وتم نقل فتاة عمرها 8 أعوام إلى الكرملية بكت لأنها لم تر الرئيس وقدم لها هدية بـ 5 مليار روبل (55 مليون دولار) لمساعدة بلدها.

وكتبت ألكسندرا بروكوبنيكو من وقفية كارينغي إن بوتين بدأ يتعامل بنجاح مع تداعيات الانتفاضة، إلا أن الضغوط لا تزال واضحة في النظام.

وفي غياب الانتقام العلني ضد المسؤولين العسكريين الكبار الذين دعموا بريغوجين ومدح الخدمات الأمنية التي فشلت في منع العصيان يعني أن بوتين خائف من أي عملية تطهير ستخلق فجوة في الجيش وتخرق صورة الرجل القوي التي خلقها لنفسه.

وظهرت صدوع أخرى في 13 تموز/يوليو، تم عزل الجنرال إيفان بوبوف، قائد الجيش 58 عندما أخبر المسؤولين عنه بما يجري في الجبهة.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي