
حذر أستاذ العلاقات الدولية والعامة بجامعة دنفر، فرانسيسكو رودريغيز، من تشديد العقوبات على سوريا؛ لأن ذلك سيزيد من معاناة المدنيين.
وفي مقال نشره موقع “ذي هيل” قال فيه إن حوالي 10 آلاف سوري ماتوا جراء هزة أرضية بدرجة 7.8 على مقياس ريختر، ضربت الحدود التركية- السورية في شباط/ فبراير الماضي. وربما كان العدد ليزداد أكثر لو تقم إدارة بايدن بعد دعوات متزايدة بمنح إعفاءات على نشاطات إنسانية من العقوبات المفروضة على سوريا. وكان القرار اعترافا واضحا من أمريكا بأن العقوبات على سوريا والتي توسعت بشكل غير مسبوق منذ تمرير قانون قيصر عام 2019، تضر بالمدنيين العاديين في البلد الذي مزقته الحرب.
ومهما كانت مساحة التنفس المحدودة التي منحها ذلك الترخيص مؤقتا، إلا أنه والكثير الناجم عنه في خطر الآن. وأشار الكاتب إلى مشروع قانون تقدم به النائب الجمهوري عن ساوث كارولينا، جو ويلسون ويهدف لتشديد العقوبات على سوريا.
فإلى جانب تمديد صلاحية قانون قيصر من عام 2024 إلى 2032، فإن قانون منع التطبيع مع نظام الأسد (أتش أر 3202) يوسع قائمة النشاطات العقابية والكيانات، ويتطلب من الرئيس الرد على مطالب العقوبات من الكونغرس، ويدعو لاستخدام “كامل السلطات” بما فيها العقوبات “لمنع نشاطات إعادة الإعمار في أي منطقة واقعة تحت سيطرة بشار الأسد”.
ويرى الكاتب أن الناس العقلايين ربما كان لديهم مواقف أخرى تتعلق بالطريقة والكيفية التي يجب على حكومة الولايات المتحدة التعامل فيها مع الأسد، ولكن “ما نعرفه بالتأكيد هو أن العقوبات الاقتصادية ستعرقل عمليات إعادة الإعمار من الهزة الأرضية وسنوات الحرب الطويلة وستفاقم معاناة الشعب السوري”.
وقال: “في تقرير أعددته قبل فترة لصالح المركز لأبحاث سياسات الاقتصاد والسياسة، قمت بمراجعة شاملة للأدبيات المتعلقة بأثر العقوبات الاقتصادية وبعدة طرق على حياة المدنيين. ومن بين 32 دراسة متوفرة، كلها محكّمة، وجدت 30 منها أن العقوبات تسببت بضرر جوهري على السكان في الدول المستهدفة، بما في ذلك زيادة الفقر وعدم المساواة وحقوق الإنسان”.
وربطت دراسة واحدة بين العقوبات المتعددة وانهيار معدل الناتج المحلي العام للفرد بما حدث أثناء الكساد العظيم. ووجدت أخرى أن العقوبات المتعددة مرتبطة بمستويات الحياة لدى الإناث مقارنة بوباء كوفيد-19. ومعظم الآثار الملاحظة متشابهة مع تلك التي وجدت أثناء الحرب.
وهناك 9 من 10 سوريين يعيشون بمستوى الفقر، وزادت أسعار الطعام بنسبة 800% خلال عامين، ما ترك 12.1 مليون نسمة في حالة انعدام الأمن الغذائي. وانهارت قيمة الليرة السورية إلى معدلات قياسية في الفترة الماضية. ووسط التضخم والاستهلاك ونقص الوقود والأدوية، قال ممثل الأمم المتحدة في سوريا، نهاية العام الماضي إن “احتياجات السوريين وصلت إلى أسوأ المستويات منذ بداية النزاع”.
ومن الصعب بالطبع، التفريق بين حجم الكارثة الإنسانية التي تسببت بها العقوبات، من تلك التي تسببت بها الحرب أو سوء الإدارة والفساد من النظام، إلا أن غياب الدليل الواضح والبيانات، غالبا ما استخدم لتبرير استمرار العقوبات.
وتظهر الأدلة الاقتصادية بأن أثر العقوبات التي استهدفت الاقتصاد لا تترك أي مجال للشك بأنها فاقمت من الوضع السوري. ففي دراسة قريبة نشرها مركز كارتر، توصلت إلى أن العقوبات الشاملة تركت “آثارا كارثية مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد السوري والسكان بشكل واسع”.
وفي الوقت نفسه، قال خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، إن العقوبات المتعددة التي فُرضت على الاقتصاد السوري، تركت أثرا مدمرا على كل أصناف حقوق الإنسان”.
وكما هو الحال، لم يأت الثمن الإنساني العميق بأية منافع ملموسة. فمن النادر أن تؤدي العقوبات لتغيير سلوك الأنظمة المستهدفة، وتحديدا تلك التي لا تشعر أنها ملزمة أمام مواطنيها.
وفي الحقيقة، فكل الأدلة تشير إلى تدهور لا تحسن الديمقراطية في سوريا. وبعد 12 عاما من الحرب والعزلة الاقتصادية، لا يزال بشار الأسد في السلطة، ولو كان هذا هو بالتأكيد الهدف، فمن الصعب فهم ما الذي يريده المؤلفون للقانون من تشديد الخناق على الشعب السوري، في وقت تبدو حكومة النظام أنها قد أحكمت سيطرتها وبدأت بعمليات إعادة الإعمار.
ويقول الباحث: “لصناع السياسة الأمريكيين الحرية بمناقشة فكرة تطبيع العلاقات مع الأسد أو عدم ذلك، وكيف سنرد عندما تفعل دول أخرى هذا، ولكن عندما سيفكرون بالتصويت على أتش أر 3202 أو الامتناع، فيجب على أعضاء الكونغرس أن يعرفوا بأن القانون سيعاقب ملايين الأبرياء السوريين. وعلى إدارة بايدن رفع العقوبات عن سوريا وليس فرضها، فقد عاني السوريون بما يكفي”.