كارثة "كاخوفكا" قد تطال العالم.. كيف يمكن أن يتسبب انهيار السد في تفجير نووي وأزمة غذائية

الامة برس-عربي بوست:
2023-06-08

 

    دمار سد نوفا كاخوفكا بأوكرانيا (أ ف ب)

كييف: لم يعد تفجير سد نوفا كاخوفكا حدثاً يخص فقط طرفي الصراع روسيا وأوكرانيا بل تعدى هذا الخطر عدداً كبيراً من دول الجوار وربما قد يطال هذا الأثر العالم أجمع نظراً للكوارث التي قد تترتب على هذا الانفجار.

فأول التهديدات الناجمة عن هذه الكارثة هو تضرر محطة نووية شهيرة في أوكرانيا وقد تخرج المفاعلات النووية فيها عن الخدمة والأمر الآخر له علاقة بدور أوكرانيا في تصدير الحبوب والزيوت للعالم أجمع.

وتسببت الحرب الروسية على أوكرانيا في شح السلع والحبوب والزيوت في العالم أجمع وارتفعت الأسعار بشكل جنوني في العالم بسبب هذه الحرب نظراً لخروج ملايين الأفدنة من الأراضي الصالحة للزراعة عن الخدمة بسبب المعارك التي ما زالت جارية.

وبالعودة إلى تفجير سد نوفا كاخوفكا فقد تسبب في وقوع تداعيات وخيمة في اتجاه مجرى النهر. إذ قالت الحكومة الأوكرانية في السابع من يونيو/حزيران إن هناك 42 ألف شخص عرضة لخطر الفيضانات، وقد تم إجلاء الآلاف بالفعل.

خطر نووي محتمل

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي  قال إن مئات الآلاف من الناس "لا يستطيعون الوصول بشكل طبيعي" إلى مياه الشرب. لكن الدمار قد يُشكل خطراً في اتجاه منبع النهر أيضاً، عند محطة زاباروجيا للطاقة النووية. حيث تسحب أكبر محطة طاقة نووية في أوروبا المياه من خزان كاخوفكا، الواقع وراء السد المُدمر، لتبريد مفاعلاتها. بينما ينخفض منسوب المياه في الخزان بسرعة، فما مدى خطورة ذلك التهديد على المحطة؟

إذ استولت القوات الروسية على محطة زاباروجيا في مارس/آذار عام 2022. ودخلت مفاعلاتها الستة في وضع "الإغلاق" قبل أكثر من ثمانية أشهر، مما يعني أن حرارتها أصبحت أقل من درجة الحرارة التشغيلية، لكنها تظل بحاجةٍ إلى الماء لتبريدها. وقد دخلت خمسة مفاعلات في وضع "الإغلاق البارد".

ويقول مارك وينمان، خبير الطاقة النووية في كلية لندن الإمبراطورية، إن ذلك يعني أن الحرارة الناتجة عن تحلل وقود المفاعل المشع ليست كافيةً لغليان مياه التبريد، مما يقلل الحاجة إلى مياه جديدة في نظام التبريد بدرجةٍ كبيرة. بينما لا يزال المفاعل السادس في وضع "الإغلاق الساخن"، مما يعني أنه يحتاج لمياه أكثر. ويجب تدوير مياه التبريد عبر خزانات تحوي الوقود المستهلك والجديد حتى لا يصل إلى درجة الغليان. وتحتاج المحطة إلى كمية ماء تتراوح من نحو 500 ألف لتر/ساعة وصولاً إلى ضعف هذا الرقم.

في ما تقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي لديها فريق من المراقبين في المحطة، إنه "ليس هناك خطر وشيك" على المنشأة. ويرجع السبب إلى أن المياه المسحوبة من خزان كاخوفكا يتم الاحتفاظ بها في بحيرة صناعية بالقرب من المحطة.

وقال ليونيد أولينيك، المتحدث باسم شركة Energoatom التي كانت تدير المحطة قبل سقوطها في يد الروس لصحيفة The Independent، إن البحيرة تحتوي على مياهٍ تكفي لبضعة أشهر. لكن البعض يشعرون بقدرٍ أقل من التفاؤل. إذ قال موظف سابق من إنيرهودار، المدينة الخاضعة لسيطرة روسيا قرب محطة زاباروجيا، إن عوامل استهلاك المياه ومعدل التبخر الناجم عن الطقس الدافئ قد تؤدي إلى استنفاد البحيرة في غضون شهر.

ويتراجع منسوب الماء في خزان كاخوفكا بمقدار نحو 9 سم/ساعة وفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية. بينما تتحدث بعض المصادر عن معدل استنزاف أسرع. وهناك فرق تعمل على نقل أكبر كمية مياه ممكنة من الخزان إلى احتياطيات المحطة، وذلك قبل أن يصبح منسوب الماء دون مستوى الصمامات المؤدية إلى البحيرة الصناعية.

وفي يوم الثلاثاء، السادس من يونيو/حزيران، قدّرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن هذا الأمر قد يحدث في غضون بضعة أيام. ولهذا تم تقييد الاستخدام غير الضروري للماء داخل المنشأة النووية. لكن أحد مستشاري شركة Energoatom انتقد قرار الإدارة الروسية بالإبقاء على أحد المفاعلات في وضع الإغلاق الساخن. ويعزو المستشار ذلك القرار إلى استراتيجية "تصعيد المخاطر"، لأن المفاعل الأعلى حرارة يُشكّل خطر انصهارٍ أكبر حال تدميره في معركة داخل المحطة، مما سيُعقِّد الجهود الأوكرانية لاسترداد الموقع.

ورغم كل ما سبق، يُمكن القول إن الوضع في المحطة يبدو قابلاً للإدارة؛ إذ لا يزال بالإمكان شفط بعض الماء من الخزان باستخدام المضخات المتنقلة، حتى عندما يصبح منسوب مياه الخزان دون مستوى الصمامات. كما يمكن تحويل مسار الماء من شبكة إنيرهودار البلدية. وإذا كانت روسيا هي التي دمّرت السد فعلاً حسب شكوك غالبية المحللين الغربيين؛ فمن المرجح أن هدفها لم يكن التسبب في انصهار المفاعل.

وربما يتمثل أحد أغراض التفجير في تحويل الموارد الأوكرانية إلى جهود الإجلاء، وبعيداً عن الجهود العسكرية. بينما رجحت موظفة سابقة من إنيرهودار أن يكون الغرض الآخر هو منع المحطة من توليد الكهرباء مستقبلاً. حيث كانت المحطة تُولِّد 13% من كهرباء أوكرانيا في وقتٍ من الأوقات. وتقول إنه من الصعب تصور كيفيةٍ لإشعال المفاعلات مرةً أخرى بعد تفجير السد.

وتؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أهمية حماية نظام المياه في المحطة. وقد تبدو الفكرة بديهية. لكن روسيا قد تقرر خلق حالة فوضى لتغطية انسحاب قواتها. وفي حال فقدان القوات الروسية لسيطرتها على المنطقة؛ يطرح أولينيك سؤالاً يقول: "هل سيفجرون شيئاً آخر؟" -كالبحيرة الصناعية الخاصة بالمحطة مثلاً. ومن المؤسف أن هذا السيناريو يبدو الآن أكثر معقوليةً مما كان عليه قبل بضعة أيام فحسب.

ليست الأزمة النووية وحدها، فأزمة غذائية محتملة أيضاً

وبحسب صحيفة The Economist البريطانية، من المرجح أن يتسبب تدمير السد في تحويل حقول أوكرانيا الجنوبية "إلى صحاري" في غضون عام، مما سيُشعل أزمة أمن غذائي عالمية، بحسب تحذيرات مسؤولين كبار في أوكرانيا.

حيث دمّر الفيضان المنازل، وأغرق الحيوانات، وقطع إمدادات المياه النظيفة، وأجبر آلاف الناس على الرحيل.

وقد أدى التفريغ المفاجئ للخزان إلى شل أنظمة الري الأساسية في ثلاث مناطق محيطة. وأسفر ذلك عن قطع إمدادات المياه التي تصل إلى نحو 1,428,570 فداناً من الأراضي الزراعية، وهدد إنتاج 4 ملايين طن من محاصيل الحبوب والزيوت، بحسب ما كتبته وزارة الزراعة الأوكرانية في بيانها.

وقالت الوزارة إن "حقول جنوب أوكرانيا قد تتحول إلى صحاري بدايةً من العام المقبل"، مضيفة أن المناطق الريفية وإمدادات الماء القريبة قد تعرضت للدمار، بينما نفق مخزون الأسماك. وخلصت الوزارة إلى التالي: "تُفيد الحسابات الأولية بأن الخسائر الإجمالية، نتيجة موت كافة الموارد البيولوجية، ستصل إلى 285 مليون دولار".

وحذر ميخائيل بودولياك، المستشار الكبير للرئيس زيلينسكي، من أن هذه "الكارثة البيئية العالمية" قد تؤثر على إمدادات الغذاء العالمية، لأن أوكرانيا تحمل لقب سلة غذاء العالم وتُعد من أكبر منتجي الحبوب والزيوت.

إذ أفاد لصحيفة The Independent البريطانية قائلاً: "إن النفوق الفوري لأعدادٍ كبيرة من الأسماك والحيوانات، وغرق الأراضي الجافة بالماء، وتغيُّر النظام المناخي في المنطقة كلها عوامل ستنعكس آثارها على الأمن الغذائي للعالم لاحقاً".

ويُعَدُّ السد الكهرمائي وخزان كاخوفكا ضروريين كمصدر لمياه الشرب والري في مساحات شاسعة من جنوب أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، الخاضعة للاحتلال الروسي منذ عام 2014. ويقع السد داخل منطقة خيرسون التي تسيطر عليها قوات موسكو منذ العام الماضي، بعد أن شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هجوماً على البلاد.

بينما حذّر أولكساندر كوبراكوف، نائب رئيس وزراء البلاد، من انجراف الألغام الأرضية التي أخرجها الفيضان من باطن الأرض. حيث قال: "ينشر الماء الألغام التي تمت زراعتها في السابق، مما يتسبب في تفجيرها. كما أن الأمراض المعدية والمواد الكيميائية وصلت إلى المياه نتيجة الفيضان".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي