وول ستريت جورنال: القتال في السودان يزيد جوع الناس ويدفعهم إلى البحث عن الفتات وسط الأنقاض

2023-06-08

فاقم عنف الحرب انهيار التجارة وتوقف الخدمات المصرفية التي تدار بشكل كامل من العاصمة الخرطوم وتوأمها على نهر النيل، مدينة أم درمان (أ ف ب) 

نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا لمراسلها نيكولاس باريو قال فيه إن السودانيين الذين انقطع عنهم الطعام والمال يجوعون ويبحثون عن الفتات وسط الحرب المستمرة بين الجنرالين، التي قلبت الحياة رأسا على عقب وأوقفت التعاملات التجارية.

وقال إن فني الكهرباء أحمد سري الذي كان يبحث بيأس عن طرق لإطعام أطفاله باع أثاث بيته. وفي أثناء فترات توقف القتال يقوم بتمشيط البنايات المنهارة ويبحث في الأنقاض عن فتات من الطعام أو علب مياه. وأغلق المطبخ بالقفل لكي يقنن ما تبقى من طعام. وقال سري الذي يعيش بمدينة أم درمان، في مكالمة هاتفية “ربما متنا من الجوع وربما خرجنا من هذه الحرب” و”لكننا نزداد هزالا”.

وبعد مرور 8 أسابيع على اندلاع الحرب بين الجنرالين المتصارعين على السلطة، فقد خلق نقص الطعام والماء الصالح للشرب أزمة جوع للكثير من سكان البلد البالغ عددهم 46 مليون نسمة.

وفاقم عنف الحرب انهيار التجارة وتوقف الخدمات المصرفية التي تدار بشكل كامل من العاصمة الخرطوم وتوأمها على نهر النيل، مدينة أم درمان.

وزادت الأوضاع في جنوب السودان وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى سوءا، فهي تستورد معظم طعامها ووقودها عبر السودان. واستقبلت هذه الدول أكثر من 120 ألف لاجئ سوداني، وجاء الكثيرون منهم بملابسهم التي عليهم إلى مجتمعات تعاني أصلا مشكلات مزمنة.

ويقول الأطباء السودانيون إن نحو 886 مدنيا قتلوا منذ بدء القتال منتصف نيسان/إبريل وجرح أكثر من 3 آلاف شخص.

واندلع القتال بين قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو، حميدتي، والقوات المسلحة بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان. وخسر الملايين المنفذ، فلا يستطيعون شراء الطعام أو الماء ولا دفع أجور النقل للخروج من السودان، بحيث تحولت العاصمة السودانية التي كان يسكن فيها مرة أكثر من 5 ملايين نسمة وعملت فيها كبرى المتاجر والشركات في البلد إلى ساحة معركة.

وفي ميناء بورتسودان الهادئ نسبيا، لا يمكن للمستوردين تحميل البضائع من القوارب والسفن المحملة بالمواد الضرورية والأطعمة، نظرا إلى عدم توفر المال لدفع ثمن النقل والأمور الأخرى.

ويقول نيك كوليك، تاجر السلع ومقره في العاصمة الكينية، نيروبي، الذي يستورد السكر إلى السودان، “في الأساس لا توجد حركة للمال”. و “لو استمر الوضع على حاله، فخلال أسابيع لن يظل في السودان طعام وإمدادات أخرى”.

ويعاني السودان وضعا اقتصاديا حادا، حتى قبل اندلاع القتال، حيث عانى واحد من كل ثلاثة سودانيين من الجوع، حسب برنامج الغذاء العالمي. وفي ظل تراجع الإمدادات ترتفع أسعار السلع، مما قاد برنامج الغذاء العالمي إلى إضافة 2.5 مليون شخص إلى عدد غير القادرين على تلبية حاجاتهم الغذائية الضرورية خلال الثلاث إلى ستة أشهر المقبلة.

وفي المدن حول السودان، تتجمع الحشود أمام المصارف لساعات على أمل سحب المال، ويجري إرجاعهم. ويقول الموظفون في البنوك إنهم لا يستطيعون سحب أو معرفة الحسابات التي يجري التعامل معها في العاصمة، حيث توقف الموظفون في مصارفها عن العمل بسبب الأوضاع الأمنية، إلى جانب توقف نقل الأموال النقدية إلى المدن الأخرى بسبب القتال.

وفي مدن مثل الخرطوم وأم درمان، قام السكان اليائسون والباحثون عن الطعام باقتحام المتاجر والأسواق المغلقة للحصول على المواد الأساسية مثل القمح والأرز. وقالت وكالات الإغاثة إن النهابين بمن فيهم مقاتلون، استهدفوا مخازن الطعام والمواد الإغاثية الأخرى. وقدر برنامج الغذاء العالمي في الأسبوع الماضي حجم الإمدادات الغذائية المسروقة من المنشآت حول السودان بقيمة 60 مليون دولار، منذ بداية الاقتتال.

وتقول الأمم المتحدة والوكالات الإغاثية إنهم بحاجة إلى 3 مليارات دولار من أجل تقديم المساعدات الإنسانية والحماية لنحو 25 مليون سوداني وأكثر من مليون لاجئ من دول أخرى.

وقالت وكالة الصحة العالمية إن أكثر من 30 طفلا ماتوا بمستشفى في غرب دارفور لأن السلطات فيه لم تستطع تحديث المواد الغذائية والإمدادات الطبية. ومات العشرات في دار للأيتام بالخرطوم حسب تقارير إعلامية محلية.

وقالت متحدثة باسم منظمة “أطباء بلا حدود”: “بات من الصعب الحصول على الطعام والسلع نظرا إلى القتال المستمر وانعدام الأمن والدمار”. وتعتبر المنظمة واحدة من قلة لا تزال تعمل في السودان، وخسرت الإمدادات الطبية والعربات والوقود جراء عصابات النهب.

ولا يوجد في الأفق إشارة عن نهاية قريبة للقتال. وقرر الجيش السوداني في الأسبوع الماضي الخروج من المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة والسعودية، زاعما أن قوات الدعم السريع لم تلتزم بالهدنة. وحمّل كل طرف مسؤولية انهيار ثامن اتفاق لوقف إطلاق النار، للطرف الآخر.

وقال محمد عمر، عامل الغذاء في المنظمة التي تتخذ مقرها بالولايات المتحدة “ميد غلوبال” إنه لم يستطع سحب جزء من توفيره منذ نيسان/إبريل، وتعيش عائلته اليوم على الخس والقرنبيط. و “لا توجد إمدادات للمعكرونة أو زيت الطعام في أي مكان” و”نعيش فقط على الخضار التي ارتفع سعرها ثلاثة أضعاف”.

وتقول ميد غلوبال إنها تعمل على إخراج عمر وبقية الموظفين خارج العاصمة. ويقول سيري إنه يريد إخراج عائلته من العاصمة إلى مكان آمن، لكن المال غير متوفر لشراء تذاكر الحافلة. ويتجاوز هو وزوجته وحماته وجبة طعام في اليوم للتأكد من وجود ما يكفي من طعام للأطفال. و “لم نكن نتوقع حدوث هذا ولا نعرف كيفية الخروج منه”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي