نيويورك تايمز: واشنطن تظهر عدم اهتمام بالضربات الأوكرانية داخل روسيا وتزيد من دعمها العسكري

2023-06-06

بعد 12 شهرا أرسل بايدن إلى أوكرانيا مقاتلات أف-16 وهي مقاتلات فتاكة بنفس المستوى. فماذا حدث؟ (أ ف ب)

قالت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير أعدته هيلين كوبر وإريك شميدت  وجوليان إي بارنز قالوا فيه إن إدارة  بايدن حذرت في الماضي من خطورة عمليات أوكرانية داخل الاراضي الروسية وعندما حدثت لم تأبه بها.

 ففي الأيام الأولى للحرب في أوكرانيا عبرت الإدارة عن مخاوفها من إمكانية ضرب كييف أهداف في داخل الأراضي الروسية مما يتسبب برد انتقامي من الرئيس فلاديمير بوتين ضد أوكرانيا وربما الناتو ودول الغرب.

 إلا أن هذه المخاوف تلاشت مع قرب الهجوم الأوكراني المضاد، حيث حدثت سلسلة من الهجمات الجريئة سواء عبر أسراب من المسيرات التي ضربت موسكو أو قصف البلدات في منطقة بيلغورد القريبة من الحدود الأوكرانية والتوغل في الأراضي الروسية باستخدام العربات الامريكية المصفحة، وتم استقبال كل هذا بنوع من اللامبالة الدبلوماسية في البيت الأبيض. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي الأسبوع الماضي “هذا لا يعني أننا سنقوم بالتحقيق في هذا”، في إشارة ان كانت الهجمات التي حدثت اوكرانية أم أنها من عمل جماعات روسية تدعمها كييف.

وفي يوم الإثنين قام مسلحون من داخل أوكرانيا بمهاجمة 10 قرى في منطقة بيلغورد الروسية وقصفها بالمدفعية حسب قول حاكم المنطقة.

وخلف الأضواء يبدو المسؤولون أقل انزعاجا حيث قال مسؤول بارز في البنتاغون “أنظر إنها حرب” و “هذا ما يحدث في الحرب”. ويتعامل المسؤولون الأمريكيون مع الهجمات على أنها عمليات تحضيرية، ربما لهجوم مضاد قادم، وإشارة من أنه سيكون على عدة مراحل. ويقولون إن العمليات مهمة لفحص الدفاعات الروسية واستعراض العضلات قبل الحملة العسكرية.

 وتعلق الصحيفة أن هذا الموقف يختلف عن حذر الإدارة في العام الماضي، عندما حاول الأمريكيون التأكد من عدم تزويد اوكرانيا بأسلحة قد يصل مداها للأراضي الروسية، خوفا من التصعيد. وقال الرئيس بايدن بمقال نشرته “نيويورك تايمز”  في أيار/مايو العام الماضي “نحن لا نشجع او نساعد الهجمات الأوكرانية أبعد من الحدود” وبعد شهر من إحباطه مقترحا أوروبيا لتزويد اوكرانيا بطائرات ميغ-29 الروسية الصنع إلى أوكرانيا  و “لن نرسل إلى أوكرانيا أنظمة صواريخ تضرب روسيا”.

وبعد 12 شهرا أرسل بايدن إلى أوكرانيا مقاتلات أف-16 وهي مقاتلات فتاكة بنفس المستوى. فماذا حدث؟

منذ بداية الأيام الأولى للغزو، كشف الجيش الروسي عن ضعف لتحقيق مكاسب ملموسة ضد أوكرانيا وزادت المخاوف من تورط الولايات المتحدة والناتو في نزاع طويل إلى جانب تراجع إمكانية استخدام بوتين أسلحة تكتيكية، مع أن المسؤولين لا يستبعدون هذا السيناريو في اللحظة التي يشعر فيها بوتين أنه محشور بالزاوية.

وتقول إيفلين فركاس، المسؤولة البارزة في شؤون روسيا وأوكرانيا أثناء إدارة باراك أوباما “أعتقد أن الإدارة قلبت الطاولة لفهم باتت فيه روسيا الخاسر الإستراتيجي الوحيد بدلا من أنها ستكون الخاسر على الأرجح”. وقالت فاركاس إن مخاطر التصعيد لا تزال قائمة و “رغم أنها حقيقية إلا أنها لا تثير الخوف من انتصار روسيا”.

ويقول المسؤولون العسكريون الأمريكيون إن واقع الحرب يعني أنك لا تستطيع لعب دور الدفاع في كل الأحيان ومواجهة العدو في منطقة واحدة بدون تهديده في مناطقه. وقال فردريك هودجز، الجنرال المتقاعد والقائد السابق للقوات الأمريكية في أوروبا “لو كنت في حرب، فإنك لا تجلس وتعطي المبادرة لعدوك” و “بناء على ميثاق الامم المتحدة فكل دولة لها الحق بالدفاع عن نفسها، وبالنسبة لأوكرانيا من الناحية القانونية والعسكرية فهذا منطقي”.

ومن الناحية الرسمية تواصل إدارة بايدن التمسك بأنها لا تريد استخدام أسلحتها ضد روسيا، سواء من القوات الأوكرانية أو الجماعات شبه العسكرية الموالية لها. وفي الوقت الذي يقول المسؤولون إن مخاطر التصعيد النووي لم تختف إلا أن العمليات عبر الحدود لن تؤدي إلى هجوم نووي. ولا يزال الأمريكيون يعتقدون أن الخيار النووي التكتيكي قائم لو أصبح وضع بوتين خطرا في داخل روسيا أو انهارت القوات الروسية في أوكرانيا أو أجبرت موسكو على خسارة شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام  2014. وبحسب مسؤولين فهناك مخاوف من أن يؤدي خطأ أو سوء تقدير من الميليشيات التي تقوم بعمليات داخل الأراضي الروسي إلى شعور الكرملين بأنه بحاجة لرد قوي أو إلى خلافات بين الحلفاء في أوروبا الذين يعارضون توسيع الحرب إلى داخل الاراضي الروسية. وأضافوا أن الهجمات الأوكرانية في روسيا لن تدفع الروس لضرب الناتو أو منشآت غربية لأن بوتين يريد التأكد من عدم انتشار الحرب إلى دول أخرى مما يدفع أمريكا للتورط أكثر أو إرسال معدات عسكرية ترددت بتزويدها لأوكرانيا خشية استخدامها في عمليات داخل روسيا. بالطبع بدأ بايدن عمل هذا من تزويد كييف بمقاتلات أف-16 إلى مدرعات أم1.

ويرى عدد من المسؤولين الحاليين والسابقين في الولايات المتحدة وأوروبا أن الهجمات بالمسيرات وعمليات الميليشيات هي جزء من الهجوم المضاد. وتهدف هذه كما يقول المحللون لعرقلة خطط الحرب الروسية ودفعها لسحب القوات من مسرح العمليات الرئيسي  وتقويض ثقة المواطنين الروس بقوات بلدهم. وزادت الهجمات في الأونة الاخيرة على القرم وخطوط الإمداد ومخازن الذخيرة. ويقول مايكل كوفمان، مدير برنامج روسيا بمركز سي أن إي، بأرلينغتون إن العمليات عبر الحدود تريد تحقيق هدفين “الأول هو نقل المعركة إلى داخل روسيا وإظهار أنها ليست محصنة” و “الثاني جعل الروس يتعاملون بجدية مع فكرة الدفاع عن حدودهم وتخصيص المصادر وربما سحب قوات من مناطق أخرى”.

 

وقال كوفمان إن هذه العمليات ذات كلفة قليلة مقارنة مع أثرها الإستراتيجي الذي تضخمه الآلة الدعائية لأوكرانيا. وقال مسؤولان إن آخر شيء يريده بوتين هو خوف الروس من أن الحرب باتت على أبوابهم. وتحاول إدارة بايدن السير بحذر، فمن جهة تحث أوكرانيا بعدم استخدام السلاح الأمريكي لضرب الروس في أراضيهم، تقول إن الأمر يعود في النهاية للرئيس فولدومير زيلينسكي وقواته اتخاذ القرار بشأن استخدامها . وقال كيربي الأسبوع الماضي “لا نخبرهم أين يضربون ولا نخبرهم عن الأماكن المحظور  ضربها” و “لا نخبرهم  كيف يديرون العمليات بل ونقدم لهم معدات وتدريبا ونصحا واستشارة”.

وذهبت بريطانيا الحليف الآخر لأوكرانيا أبعد من هذا، فقد قال وزير خارجيتها جيمس كليفرلي الأسبوع الماضي أن من حق أوكرانيا إظهار قوتها خارج حدودها لوقف الهجمات الروسية وأن الهجمات خارج حدود بلد “معترف بها دوليا كضربات شرعية وجزء من الدفاع عن النفس”، قائلا إنه يتحدث بشكل عام ولا علاقة هذا بهجمات المسيرات. ويرى المحللون إن الهجمات الجريئة داخل الأراضي الروسية لن تؤدي للتصعيد.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي