سلام مستدام في الشرق الأوسط.. هل يمكن أن تفعلها الصين؟

الأمة برس - متابعات
2023-06-05

الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الصيني شي جين (ا ف ب)

اعتبر الباحث دانش حنيف أن الصين شريك موثوق به لدول الشرق الأوسط على عكس الولايات المتحدة، وتساءل إن كان بإمكان بكين أن تحقق سلاما مستداما في المنطقة لم تستطع واشنطن أن تحققه، بحسب تحليل في موقع "ذا جيوبوليتيكس" (The Geopolitics).

وتابع حنيف، وهو باحث في "معهد الاستقرار الاستراتيجي في جنوب آسيا" (مقره في إسلام أباد)، أن "منطقة الشرق الأوسط ظلت واحدة من أكثر المناطق التي تشهد نزاعات عبر التاريخ، ومنطقة مضطربة وسط صراعات مستمرة بين الدول، وغالبا بين الدول العربية وإسرائيل حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلى جانب تنافس القوى العظمى على موارد الطاقة".

وأضاف أنه "في البداية، امتنعت الصين عن التورط في الصراعات الداخلية بالمنطقة، ولكن مع توسيع العلاقات الاقتصادية، بدأت في فرض نفسها بشكل أكثر استباقية في الشؤون الإقليمية، وظهرت قصة نجاح الدبلوماسية الصينية في دائرة الضوء عندما وقَّعت القوى الإقليمية المعادية، السعودية وإيران، اتفاق مصالحة".

وقال حنيف إن هذا "التحول السياسي الأخير في الشرق الأوسط فاجأ العديد من أصحاب المصلحة، عندما وقَّعت إيران والسعودية، في مارس/ آذار 2022، اتفاقا تاريخيا بوساطة الصين لاستئناف علاقاتهما الدبلوماسية (بعد قطيعة استمرت 7 سنوات) وحل الخلافات الثنائية بالحوار".

واعتبر أن ذلك الاتفاق هو "أهم تطور سياسي في الشرق الأوسط بعد اتفاقيات إبراهيم التاريخية (لتطبيع العلاقات) بين دول عربية (الإمارات والبحرين والسودان والمغرب) وإسرائيل تحت مظلة الولايات المتحدة" في 2020.

وزاد بأن "الاتفاق له أهمية قصوى لسببين، أولا، مهد الطريق لتطبيع العلاقات بين الخصمين اللدودين في الشرق الأوسط، وثانيا، يتحدث الاتفاق عن دور الصين المتنامي في تجديد سياسات الشرق الأوسط".

فلسطين وإسرائيل

و"تهدف الصين أيضا إلى التوسط في محادثات السلام بين إسرائيل وفلسطين لإنهاء الصراع، وطرحت في 2021 خطة سلام لحل هذا النزاع طويل الأمد"، بحسب حنيف.

ومفاوضات السلام بين فلسطين وإسرائيل متوقفة منذ أبريل/ نيسان 2014؛ لأسباب بينها رفض تل أبيب وقف البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة وإقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو/ حزيران 1967.

وتابع حنيف: "وفي الشهر الماضي، أجرى وزير الخارجية الصيني شين غانغ محادثات هاتفية مع نظيريه الإسرائيلي والفلسطيني وعرض تسهيل محادثات السلام بين الدولتين".

وأضاف أن "الصين تنتهج سياسة خارجية أكثر براجماتية كما يتضح من مبادرتها لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وفلسطين، وإذا نجحت في التوسط باتفاق سلام بين الجانبين، فسيتم تجديد المشهد الجيوسياسي بأكمله في المنطقة مع كون الصين هي الدولة الرائدة الجديدة والموثوق بها (بدلا عن الولايات المتحدة)".

شريك موثوق به

ويأتي النفوذ السياسي والاقتصادي المتصاعد للصين في الشرق الأوسط، وفقا لحنيف، بموازاة "دور الولايات المتحدة المتضائل على ما يبدو في المنطقة، وهناك نقاشات حول ما إذا كانت الصين ستحل محل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أم لا".

وتراجع الشرق الأوسط في أولويات الولايات المتحدة لصالح مواجهة الصين في آسيا والمحيط الهادئ والتصدي لغزو روسيا المستمر لجارتها أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

وأردف حنيف: "على الرغم من أن الصين زادت نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي في المنطقة، إلا أنها تبدو الأقل اهتماما بأن تحل محل الولايات المتحدة في المنطقة".

وأضاف أنه "لطالما شاركت الولايات المتحدة بنشاط في المنطقة كضامن وحيد للأمن، ولها تاريخ سيء السمعة في الانغماس في الحروب وإزاحة الأنظمة المنتخبة والتدخل في الشؤون الداخلية بحجة دعم حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية".

واستدرك: "أما الصين فشريك موثوق به لدول الشرق الأوسط على عكس الولايات المتحدة لسببين، أولا، تلتزم الصين بمبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وثانيا، تهدف من خلال مشروع مبادرة الحزام والطريق (التنموية) إلى تحقيق تكامل عميق للاقتصادات الإقليمية عبر تعزيز التجارة والاستثمار ومشاريع البنية التحتية".

وتابع حنيف أن "القوة الاقتصادية المتنامية للصين، إلى جانب مناوراتها الدبلوماسية البراجماتية، تجعلها وسيط سلام موثوقا به بين الدول، وطالما أنها تتجنب تقليد السياسات التي تنتهجها الولايات المتحدة، فستظل قوة لا جدال بشأنها في المنطقة".

وختم بأن "المشاركة النشطة للصين في المنطقة والخطر الذي تشكله على الديناميكيات الإقليمية الراسخة قد يضعها في مواجهة مع الولايات المتحدة في المنطقة. ويبقى أن نرى في المستقبل المنظور ما إذا كانت هذه المشاركة ستحقق سلاما مستداما في المنطقة أم لا".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي