موقف شديد العداوة.. هل تنجح خطة بايدن لحصار الصين عبر تحريض جيرانها؟ إليك شكل المنطقة إذا وقعت الحرب بين واشنطن وبكين

الأمة برس - متابعات
2023-06-04

الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الصيني شي جينبينغ يتصافحان خلال قمة مجموعة العشرين في نوسا دوا بجزيرة بالي في إندونيسيا بتاريخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 (ا ف ب)

حين تولى جو بايدن منصبه، ساد بعض القلق، لا سيما بين حلفاء الولايات المتحدة مثل اليابان، من احتمالية أن يتخذ موقفاً من الصين أضعف من سلفه دونالد ترامب، الذي كان يتبنى موقفاً أشد صرامة من الرؤساء الأمريكيين السابقين، ولكن نهج بايدن مع الصين بدا أشد حتى من ترامب الذي كان ينتقد الديمقراطيون اندفاعه في العداء مع بكين.

إذ اتخذ بايدن موقفاً قوياً غير متوقع فيما يتعلق بالأمن وإجراءات أخرى مثل ضوابط التصدير التي تهدف إلى منع الصين من الحصول على أشباه موصلات متقدمة، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Financial Times البريطانية.

إليك أبرز ملامح نهج بايدن مع الصين.. أولاً تشكيل تحالفات ضدها

منذ بداية إدارته، اتخذ بايدن بعض الخطوات المهمة لتأكيد نفوذ الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

فأوائل عام 2021، أعاد إحياء المجموعة الرباعية، وهي مجموعة أمنية تشكلت عام 2007 وتتألف من الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند، لكنها غرقت في حالة سبات بعد أن تزايد قلق كانبيرا ونيودلهي من استفزاز بكين.

ولكن نهج بايدن مع الصين أعاد إحياء هذا التجمع، ضمن خطط متعددة لخلق سلسلة من التحالفات في المنطقة ضد الصين.

وبيع أسلحة متقدمة لجيرانها

وأواخر ذلك العام، وقَّعت الولايات المتحدة اتفاق أوكوس مع المملكة المتحدة وأستراليا لتمكين كانبرا من الحصول على أسطول غواصات تعمل بالطاقة النووية. وستنشر الولايات المتحدة أربع غواصات تعمل بالطاقة النووية في أستراليا اعتباراً من عام 2027، ثم ستبيع كانبرا بعد ذلك ثلاث غواصات على الأقل من طراز فرجينيا.

ووافقت الولايات المتحدة أيضاً على نشر مزيد من الطائرات المقاتلة والقاذفات وغيرها من الأسلحة في أستراليا  للرد على الوجود الصيني المتزايد في غرب المحيط الهادئ.

ودفعت اليابان للتخلي عن سلميتها وجعلتها تتورط في خطط الدفاع عن تايوان

وكانت خطوة بايدن التالية تقوية علاقة واشنطن بطوكيو. إذ زادت إدارته من التعاون معها في كل شيء، من التدريبات العسكرية ومجسمات الحروب المصغرة إلى التخطيط العملياتي المشترك لأي حرب محتملة.

لكن الإنجاز الأكبر في منطقة المحيطين الهندي والهادئ كان التحول الزلزالي في سياسة الدفاع اليابانية مع الصين، التي وصفتها بأنها "التحدي الاستراتيجي الأكبر". ففي ديسمبر/كانون الأول عام 2022، كشفت طوكيو عن استراتيجيتها الخاصة بالحفاظ على أمنها القومي، التي تعهدت فيها بزيادة الإنفاق الدفاعي بدرجة كبيرة والحصول على أسلحة مضادة للهجمات. وعلى المدى القصير، تخطط طوكيو لشراء 400 صاروخ كروز أمريكي من طراز توماهوك، تمنحها القدرة على ضرب الصين.

ومؤخراً، في يناير/كانون الثاني، أعلن البلدان أن سلاح مشاة البحرية الأمريكي سينشر وحدات متنقلة مزودة بقدرات استخباراتية ومراقبة وأسلحة مضادة للسفن، تُعرف باسم "فوج البحرية الساحلية"، في أوكيناوا، الجزيرة اليابانية التي يوجد فيها حضور عسكري أمريكي منذ فترة طويلة. واتفقا أيضاً على زيادة التدريبات في سلسلة جزر نانسي، وهي منطقة حيوية لحماية تايوان.

يقول فيل ديفيدسون، الرئيس السابق للقيادة الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ إن "أهم تطور في منطقة المحيطين الهندي والهادئ منذ مطلع القرن كان قرارات الأمن القومي الياباني الجديدة وإعلانات التحالف في يناير/كانون الثاني، كانت قوية فعلاً".

ثم توسيع النفوذ الأمريكي في جزر المحيط الهادئ

لكن الولايات المتحدة لا تركز فقط على أكبر حلفائها. إذ اضطرت أيضاً إلى تكثيف التعاون مع دول جزر المحيط الهادئ الصغيرة، بعد أن صدمت بكين واشنطن العام الماضي بتوقيعها اتفاقية أمنية مع جزر سليمان.

ورداً على هذه الخطوة، وقَّعت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي اتفاقية أمنية مع بابوا غينيا الجديدة ومددت ما يسمى باتفاقيات الارتباط الحر مع بالاو وولايات ميكرونيسيا الموحدة، وهذه الاتفاقات ستمنح الجيش الأمريكي حق الوصول الحصري إلى بعض المنشآت لمدة عقدين من الزمن.

يقول زاك كوبر، المسؤول السابق في البنتاغون: "حقق فريق بايدن تقدماً ملحوظاً في توسيع الوصول إلى المنشآت في شرق آسيا خلال الأشهر الستة الماضية. والاتفاقات التي أبرموها  مع اليابان والفلبين وأستراليا وبابوا غينيا الجديدة ودول اتفاقيات الارتباط الحر كلها عوامل مهمة لنشر القوات والأسلحة الأمريكية".

يقول كيرت كامبل، مدير شؤون المحيطين الهندي والهادئ في البيت الأبيض: "كان التعاون المستمر مع منطقة المحيطين الهندي والهادئ أولوية قصوى لهذه الإدارة في إطار مساعينا لتجديد تمسكنا بالتزاماتنا وتوسيع فرص التعاون بين الولايات المتحدة وشركائنا".

وتخطِّط لنشر قدراتها العسكرية على نطاق أوسع بالمنطقة

وفي الوقت الذي تتطلع فيه الولايات المتحدة إلى معالجة ما تعتبره مشكلة المسافة، فهي تخطط أيضاً لنشر قدراتها العسكرية على نطاق أوسع في جميع أنحاء المنطقة، لخلق قوة أقدر على التنقل والانتشار وأقل عرضة للصواريخ الصينية.

لكن كوبر يرى أن امتلاك الصين لعدد أكبر بكثير من المرافق التي يمكنها العمل منها يعني انتهاء "عصر إظهار الولايات المتحدة لقوتها بسلاسة ويسر في آسيا في حالات الطوارئ".

وهذا يجبر البنتاغون على البحث عن طرق جديدة. ففضلاً عن نموذج "القوة الاحتياطية" لسلاح مشاة البحرية، تتبنى القوات الجوية الأمريكية نموذج "التوظيف القتالي المرن"، الذي يمكّنها من نشر وحدات متنقلة بسرعة.

ويضيف كوبر: "الهدف منها تمكين الوحدات الصغيرة من الحفاظ على الفعالية القتالية، وبالتالي تقليل الأهداف المغرية التي يمكن أن تضربها الصين والحفاظ على قدرة الولايات المتحدة على العمل في حالة الطوارئ".

البنتاغون تتوجه لصواريخ كروز والمسيرات

يقول مسؤول أمريكي رفع المستوى إنه فضلاً عن تغيير البنتاغون للكيفية التي تتمركز بها قواتها، فهي تحتاج أيضاً إلى بذل مزيد من الجهود في شراء صواريخ بعيدة المدى والمنظومات المسيرة. وهذا يقلل من خطر تركز قدرات كثيرة في الأماكن المعرضة للهجمات الصاروخية.

يقول روري ميدكالف، خبير شؤون المحيطين الهندي والهادئ في الجامعة الوطنية الأسترالية، إن محاولات الولايات المتحدة لزيادة مرونتها تبعث رسالة مهمة، وهي أن "الولايات المتحدة قادرة على الانتشار السريع في المحيطين الهندي والهادئ. وهذه الإشارات مهمة لطمأنة الشركاء بأن الصين لن تكون قادرة على تدمير الأسلحة المتطورة في الأيام الأولى من أي حرب، وهو الذي لو حدث فسيخرج أمريكا فعلياً من الحرب".

ويقول إيلي راتنر، رئيس الشؤون الآسيوية في البنتاغون، إن من ضمن العناصر "الحديثة" في نهج واشنطن هو تنامي التعاون بين حلفائها. وهذا عنصر في استراتيجية شاملة لـ"حضور أكثر مرونة، وانتشاراً، وتنقلاً، وفتكاً في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".

اتفاقات للتدريب بين حلفاء واشنطن بالمنطقة

واليابان، على سبيل المثال، وقعت اتفاقيات تعاون متبادل مع أستراليا والمملكة المتحدة، ستسمح لجيشها بالتدرب مع القوات البريطانية والأسترالية في بلديهما والعكس. وطوكيو ومانيلا تتفاوضان على اتفاقيات مماثلة.

يقول الجنرال ستيفن رودر، الذي تقاعد العام الماضي من منصبه قائداً للقوات البحرية الأمريكية في المحيط الهادئ، إن هذه التحالفات لها تأثيرات قوية. وقال: "إمكانية التعاون مع أستراليا واليابان والفلبين وسنغافورة وتايلاند والهند وغيرها تصنع هذه الوحدة في الجهود، وهذه الوحدة نموذج ردع مستقل بذاته".

ويقول راتنر إن البنتاغون يحاول أيضاً دمج اليابان في مبادراته مع القوات الأسترالية التي تهدف إلى تعزيز إمكانية تبادل التعاون بين الجيوش الثلاثة. وفي سابقة تاريخية، أرسلت اليابان العام الماضي طائرات مقاتلة للمشاركة في مناورة Pitch Black الجوية متعددة الأطراف في مدينة داروين شمال أستراليا. وشاركت ألمانيا وكوريا الجنوبية فيها لأول مرة أيضاً.

أمريكا تدفع للتقارب بين اليابان وكوريا الجنوبية، في الصورة ن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا ورئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول في سيول مايو/أيار 2023 2 – رويترز

وتعمل الولايات المتحدة على التقارب بين اليابان وكوريا الجنوبية وتجاوز الخلافات التاريخية بين البلدين.

ووفقاً للمسؤول الأمريكي، تأمل واشنطن في إتمام بعض اتفاقيات التعاون الدفاعي الثلاثي مع اليابان وكوريا الجنوبية حين يحضر وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، منتدى شانغريلا للأمن في سنغافورة هذا الأسبوع.

ويضيف: "رغم كل اليأس الذي يخيم على المناقشات المتعلقة بالجغرافيا السياسية الدولية في الوقت الحالي، فهذه ليست الصورة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي