إيكونوميست: ماذا ينتظر "حميدتي".. فرصه ضعيفة وسلاحه المال؟

2023-06-01

الجنرال محمد حمدان دقلو والمعروف بحميدتي (أ ف ب)

تساءلت مجلة “إيكونوميست” في عددها الأخير، عمّا ينتظر المتمرد الأشهر في السودان، الجنرال محمد حمدان دقلو والمعروف بحميدتي؟

وقالت المجلة إن “حميدتي” أسوأ الرجلين المتحاربين ومن الصعب هزيمته. وأضافت أن رحلته من الصحارى البعيدة في دارفور إلى قصر مموّه بالذهب على ضفاف النيل في العاصمة المحاصرة، من الصعب فهمها.

وأشارت إلى “حميدتي” كان سارق جمال ورجل أعمال صغيرا، وبدأ بدون تعليم أو تدريب عسكري رسمي. لكنه بحلول العقد الأول من القرن الحالي، أصبح  أقوى زعيم لميليشيا في دارفور، ويحمل مفتاح مستقبل السودان.

وتُتهم الميليشيا المكونة من رعاة الجمال العرب والمعروفة بالجنجويد، بارتكاب أعمال إبادة ضد القبائل الأفريقية دارفور نيابة عن الديكتاتور الذي حكم السودان طويلا، عمر البشير. ووصف دبلوماسي سوداني مخضرم الحال، بأن حميدتي هو “زعيم مافيا بدأ حياته في زوايا الشوارع قبل أن يسيطرعلى المدينة”. وبعد عقد، اعترفت الحكومة المركزية بالجنجويد، وغيّرت اسمها إلى قوات الدعم السريع، وتحولت إلى قوة شبه عسكرية بعشرات الآلاف من المقاتلين المجهزين جيدا.

وأصبح حميدتي الآن جنرالا وعقد صفقات مربحة مع الإمارات والسعودية، وأرسل رجاله لدعم حرب البلدين في اليمن، وبسبب سيطرته على مناجم الذهب الواسعة في السودان، فقد أقام إمبراطورية تجارية عابر للدول.

ومع خروج البشير من السلطة نتيجة لثورة شعبية وانقلاب عسكري عام 2019، أصبح حميدتي أقوى رجل في السودان. وصافحه الدبلوماسيون الغربيون، وسلّحه المرتزقة الروس، وعملت شركة علاقات عامة كندية لصالحه. وبدعم من جيشه الخاص، دفع بنفسه وبذكاء إلى منصب نائب الرئيس في الحكومة الانتقالية التي تشكلت بعد رحيل البشير. ولم تشكّ إلا قلّة في طموحات حميدتي، وأن عينه على المنصب الأول في البلد.

واليوم، يقاتل حميدتي للبقاء حيا بعد اندلاع المعارك منتصف نيسان/ أبريل مع القوات السودانية المسلحة، في صراع على السلطة يهدد بتدمير الدولة المركزية ودفع ملايين المدنيين للهجرة.

ومع أن قواته تسيطر على مناطق في العاصمة الخرطوم ولا تزال تتحكم بالمطار والمصرف المركزي ومصفاة النفط الرئيسية، إلا أنه لا يزال الطرف الأضعف. وربما ساعدته سلسلة من اتفاقيات وقف إطلاق النار التي لم تعمر طويلا ورعتها السعودية والولايات المتحدة، حيث منحت قوات الدعم السريع الفرصة لتسليح نفسها من جديد وتعزيز مواقعها، إلا أن فرصه في تحقيق النصر الحاسم على قوات الجيش ضئيلة.

ورغم أن كلا الطرفين عبارة عن تحالفات متنافرة، إلا أن قوات الدعم السريع تتمتع بقيادة جيدة، وعلى حميدتي والدائرة العائلية والقبلية الضيقة، اتخاذ قرار إما الاستسلام أو تدمير العاصمة أو الفرار إلى معقلهم التقليدي في دارفور، حيث سيواصلون عملياتهم وتكبيد الجيش خسائر.

وبالنسبة للجيش، فالأولوية هي إما قتل أو القبض على حميدتي وشقيقه عبد الرحمن دقلو، نائب قائد قوات الدعم السريع، حيث لم ير أي منهما منذ اندلاع الحرب في منتصف نيسان/ أبريل.

ويرى الباحث الفرنسي جيروم توبيانا الذي يعرف حميدتي منذ بداية العقد الأول من القرن الحالي، أن حميدتي “براغماتي”. وأشار إلى تحولاته من داعم للقبائل العربية وأنه يقاتل من أجل الديمقراطية. ولكن هذا لم يمنعه من التعاون مع الجنرال عبد الفتاح البرهان للإطاحة بالحكومة المدنية. ومن أجل الحصول على دعم دول الخليج، صوّر نفسه بأنه يقاتل الإسلاميين، مع أنه تعاون مع حكومة البشير الإسلامية لعدة سنوات.

ومشكلة حميدتي أنه لا يحظى بدعم شعبي، فرغم جهوده الأخيرة لتصوير نفسه بأنه المدافع الحقيقي عن الجماهير المضطهدة في السودان، إلا أن قوات الدعم السريع تظل في جوهرها أمرا عائليا، يتركز حول قبيلة حميدتي، الرزيقات.  كما نفّر سلوك المقاتلين الشرس منذ بداية الحرب المواطنين منها، وقال مسؤول في الحكومة الانتقالية السابقة: “لقد خسر عقول وقلوب الناس”. ولو أُجبر الشعب على الاختيار بينه وبين الجيش، فسيختار الأخير.

ولكن لدى حميدتي ميزة كبرى على الجيش، وهي المال، الذي ساعده على شراء شراء شبكة من الأصول العامة والخاصة، وتهريب السلاح والوقود من ليبيا، وربما من الدول على الجانب الآخر من البحر الأحمر. وكان قادرا على دفع المال للمرتزقة الذين جنّدهم من منطقة الساحل.

ومنذ بداية الحرب الأهلية، تدفق المقاتلون إليه من تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى. ولا يعرف إن كان حميدتي قادرا على مواصلة حرب طويلة، فقواته معظمها تدفعها المصالح المالية والتضامن القبلي وليس الأيديولوجيا.

ورغم التوافق على عدة اتفاقيات لوقف إطلاق النار، إلا أن الحرب مستعرة في دارفور ومرشحة للتصعيد الأكبر. وربما بدأ السخط من حميدتي بالتزايد داخل قواته وقبيلته.

ولا يعرف أحد مكان حميدتي الآن، ويقال إن بعض أفراد عائلته نُقلوا إلى دول الخليج. ويقول مجدي الجزولي من معهد ريفت فالي: “جعل أبناء قبيلته يدفعون الثمن الباهظ بسبب طموحاته”. ولا يعرف الوقت الذي سيقررون فيه أن القتال لا يستحق كل هذا الثمن.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي