إيكونوميست: المعارضة ضيعت فرصة العمر لإصلاح الديمقراطية التركية وهزيمة أردوغان

2023-05-30

زعمت المجلة أن قليجدار أوغلو ظهر في معظم الوقت عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى جانب عدد قليل من القنوات المؤيدة للمعارضة (أ ف ب)

تحت عنوان “خمس سنوات أخرى” حيث تمت إعادة انتخاب رجب طيب أردوغان رئيسا، قالت مجلة “إيكونوميست” إن انتخابه من جديد هو فرصة العقد الخاسرة لإعادة إصلاح الديمقراطية المفقودة.

 وقالت “كما في الكثير من الانتخابات فإن الشائعات عن نهاية رجب طيب أردوغان السياسية تبين أنها مبالغ فيها. وبعد فرز كل الأصوات للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التركية في 28 أيار/مايو، فقد حصل الزعيم التركي على نسبة 52.1% من الأصوات وهي كافية لأن يعلن النصر. وحصل المنافس له كمال قليجدار أوغلو على نسبة 47.9% وسيكون أمام أردوغان الذي حكم تركيا منذ عشرين عاما، كرئيس للوزراء أولا ثم كرئيس، خمس سنوات أخرى وربما أكثر”.

 وقالت إن الرئيس تحدث إلى أنصاره من فوق حافلة قرب جامع جماليكا في حي إسكودار بإسطنبول، ودعا إلى الوحدة وقال “المنتصر الحقيقي اليوم هو تركيا” وبعد دقائق عاد لخطابه المعروف واتهم المعارضة بدعم المنحرفين “بالنسبة لنا العائلة مقدسة” وظل في مزاج الحملة الانتخابية، حيث يتطلع للانتخابات المحلية المقررة في آذار/مارس العام المقبل “لا توقف”.

وفي سيكوربا، بعيدا 1.000 كيلومتر عن العاصمة وقفت امرأة في منتصف العمر أمام حطام بيتها وعلم تركي يرفرف من قضيب حديدي، وأطلقت السيارات أصواتها. ومات حوالي 200 شخص في القرية قبل أربعة أشهر عندما ضرب زلزال الجنوب. ولم تصل فرق الإنقاذ إلا في وقت متأخر، وقتل حوالي 50.000 شخص، لكن الكارثة لم تترك أي أثر على أردوغان، الذي حصل في 2018 على نسبة 78% من أصوات تيراغلو التي تنتمي إليها قرية سيكوربا. وبعد خمسة أعوام حصل على نسبة 82% من أصوات السكان الذين قالوا إنهم يثقون برجل واحد منحوه صوتهم وبجهود عمليات التعافي من الكارثة. وقالت المرأة “نحبه” حيث لوحت بالعلم التركي “من أذان الصلاة إلى بيوتنا وحجابنا”.

وكان لدى المعارضة أفضل فرصة للتخلص من أردوغان في جيل، حيث تجمعت ستة أحزاب على برنامج شامل ومرشح رئاسي. وظل الاقتصاد كما هو يعاني من أزمة ووصل التضخم العام الماضي نسبة 80%، كل هذا نتيجة لسياسة رأت في أسعار الفائدة طريقا لتخفيض الأسعار. وكشفت الهزة الأرضية التي غطت منطقة بمساحة بلغاريا عن أساليب الغش في البناء والفساد وعدم الاستعداد. ولكن لم يكن أي من هذا كافيا لهزيمة أردوغان الذي استخدم نفس الأسلوب للفوز بانتخابات بعد أخرى. فقد فاز الرئيس من خلال إشعال نار الحرب الثقافية ووصف المعارضة بكونها تهديدا على الثقافة التركية والأمن القومي. واستخدم الدعم الذي حصل عليه قليجدار أوغلو من حزب تركي اتهمه بالتعاطف مع حزب العمال الكردستاني، بي كي كي لمهاجمة المعارضة.

وقبل أيام من الانتخابات اعترف أردوغان بطريقة عرضية أن شريط فيديو يظهر عناصر بي كي كي وهم يغنون أغنية حملة قليجدار أوغلو- مزيف. كما وساعد التحيز الإعلامي على هزيمة المعارضة، فهي تدار من رجال أعمال مرتبطين بأردوغان في وقت تحول فيه إعلام الدولة لأداة بيد الحكومة وقدم للرئيس تغطية غير محدودة ورفض تحدي مزاعمه التي لا أساس لها أمام الكاميرات.

وزعمت المجلة أن قليجدار أوغلو ظهر في معظم الوقت عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى جانب عدد قليل من القنوات المؤيدة للمعارضة. ولم تنجح محاولته الأخيرة للحصول على أصوات اليمين المتطرف ووعده بإرسال اللاجئين إلى بلدانهم وتراجع عن فكرة عقد سلام مع بي كي كي. ودعم المرشح القومي سنان أوغان الذي حصل على نسبة 5% أردوغان ويبدو أن الكثيرين من أتباعه فعلوا نفس الشيء. وكان هامش أردوغان في انتصاره بعد حصوله على 2.3 مليون صوت أقل من 2.5 مليون صوت في الجولة الأولى.

 وقالت المجلة إنه تمت خسارة فرصة لإصلاح الديمقراطية التركية. ووعدت المعارضة بإلغاء النظام الرئاسي الذي يقود إلى حكم الفرد، وإطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين وتسليم السلطة إلى مؤسسات مستقلة بدءا من البرلمان والمصرف المركزي. ولدى أردوغان اليد المطلقة لفعل ما يريد واستخدام السلطات التي جمعها للتحكم بالمحاكم والمصرف المركزي. وبدلا من متابعة أرقام الاستطلاعات على الأتراك متابعة سعر الفائدة.

ولمساعدة أردوغان الفوز في الانتخابات، كان المصرف المركزي يبيع مليارات الدولارات من العملة الصعبة كل أسبوع لمنع انهيار العملة التركية وكذا الحفاظ على معدلات التضخم وعدم خروجها عن السيطرة. والنتيجة هي المبالغة في قيمة العملة رغم خسارتها نسبة 80% من قيمتها أمام الدولار. لكن المشاكل تتزايد، فحجم الاحتياطي من العملة الصعبة في المصرف المركزي في السالب، ولأول مرة منذ عام 2002. وتقدر العملة الصعبة إلى جانب التبادل مع المقرضين المحليين والأجانب بـ 70 مليار دولار، وعلامات الضغط بادية. وفقدت الليرة نسبة 2% منذ الجولة الأولى وتدنت إلى 20 ليرة للدولار. وحتى يقرر أردوغان التراجع وزيادة سعر الفائدة فلن يكون لدى المصرف المركزي الطرق لحماية العملة.

وقال أردوغان إن هذه هي آخر ولاية رئاسية، ويجب ألا يحصل هذا. وبحسب الدستور الذي دفع به أردوغان عام 2017، يصح للرئيس في فترة ثانية الترشح لولاية ثالثة لو قرر البرلمان عقد انتخابات مبكرة وقبل نهاية التفويض الرئاسي. ونظرا لأن تحالف أردوغان يملك 323 مقعدا من 600 مقعد في البرلمان، فربما حدث هذا. ولو ظلت صحته جيدة فيمكن لأردغاون البالغ من العمر 69 عاما أن يظل في الحكم حتى ثلاثينيات القرن الحالي.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي