جولة إعادة تاريخية.. يوم الحسم في انتخابات تركيا الرئاسية.. من سيحكم البلاد حتى 2028، أردوغان أم كليجدار أوغلو؟

الأمة برس - متابعات
2023-05-28

من سيحكم البلاد حتى 2028، أردوغان أم كليجدار أوغلو؟ (تواصل اجتماعي)

بدأ الأتراك، الأحد 28 مايو/أيار 2023، التصويت في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي ستحدد من سيكون رئيس تركيا خلال السنوات الخمس المقبلة، فهل يكون رجب طيب أردوغان أم كمال كليجدار أوغلو؟

بدأت عملية التصويت في تمام الساعة الثامنة صباحاً بتوقيت تركيا (الخامسة صباحاً بتوقيت غرينتش)، وتستمر حتى الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي. ويبلغ عدد من لهم حق التصويت 60 مليوناً و697 ألفاً و843 ناخباً، منهم 4 ملايين و904 آلاف و672 ناخباً سيصوتون لأول مرة، وذلك من إجمالي عدد سكان تركيا البالغ 85 مليون نسمة، ما يجعلها ثاني أكبر دولة أوروبية من حيث عدد السكان.

كانت الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية والرئاسية، والتي أُجريت الأحد 14 مايو/أيار، قد شهدت حسم تحالف الجمهور، الذي يقوده حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة أردوغان، الانتخابات البرلمانية لصالحه، على حساب تحالف الأمة المعارض، الذي يقوده حزب الشعب الجمهوري برئاسة كليجدار أوغلو.

جولة إعادة تاريخية في الانتخابات التركية

وهذه هي المرة الأولى التي تصل فيها الانتخابات الرئاسية في تركيا إلى جولة الإعادة، بسبب عدم حصول أي من المرشحين على 50% من الأصوات زائد واحد في الجولة الأولى، التي أجريت قبل أسبوعين، إذ حصل أردوغان على 49.52% من أصوات الناخبين، وجاء كليجدار أوغلو في المرتبة الثانية بـ44.88%، وحل سنان أوغان ثالثاً بحصوله على 5.17%.

ودخلت تركيا صمتاً انتخابياً اعتباراً من الساعة السادسة من مساء السبت (بالتوقيت المحلي)، إذ إنه وفقاً للمادة 49 من القانون رقم 298 الخاص بالأحكام الأساسية للانتخابات وسجلات الناخبين، فإن فترة الدعاية الانتخابية تبدأ قبل 10 أيام من موعد الانتخابات، وتنتهي في السادسة من مساء اليوم السابق للانتخابات. وبناء على ذلك، انتهت بحلول الساعة السادسة الفترة الممنوحة من أجل حملات الدعاية السياسية للمرشحين المتنافسين في الجولة الثانية.

وتحظر السلطات التركية حتى الساعة السادسة من مساء يوم التصويت نشر الأخبار والتوقعات والتعليقات الخاصة بالانتخابات ونتائجها، وتسمح بنشر الأخبار والبلاغات الصادرة عن الهيئة العليا للانتخابات فقط بين الساعة السادسة والتاسعة مساء. وبداية من الساعة التاسعة من مساء يوم الانتخابات، الأحد 28 مايو/أيار،  يُرفع حظر النشر الانتخابي. ويمكن للجنة العليا للانتخابات أن تقرر رفع الحظر قبل الساعة 21:00 إذا ارتأت ما يستوجب ذلك، بحسب وكالة الأناضول.

وبحسب قرار الهيئة العليا للانتخابات، يحظر بيع المشروبات الكحولية واستهلاكها في الأماكن العامة، ابتداء من الساعة 06:00 من يوم الانتخابات حتى الساعة 00:00 منتصف الليل. كما يحظر حمل السلاح لغير قوات الأمن والمكلفين بحماية الأمن العام، ويمكن إقامة حفلات الزفاف بعد الساعة 18:00 يوم الانتخابات، بشرط اتباع قواعد الحظر الانتخابي والقواعد المحددة في هذا الإطار.

كانت عملية التصويت في جولة الإعادة قد بدأت بالنسبة للأتراك المقيمين خارج البلاد يوم 20 مايو/أيار، وصوّت مليون و920 ألفاً و53 ناخباً، وبحسب الهيئة العليا للانتخابات التركية تستمرعملية اقتراع الناخبين المسجلين إقاماتهم خارج البلاد في المعابر الحدودية حتى الخامسة من مساء الأحد بالتوقيت المحلي.

وهذه الأرقام تعني أن إقبال الأتراك في الخارج على التصويت قد ارتفع، مقارنة بالجولة الأولى من الانتخابات، التي شهدت تصويت مليون و798 ألفاً و505 ناخبين بأصواتهم.

ماذا اختلف قبل جولة الإعادة؟

هذه الانتخابات التركية هي الأهم في تاريخ الجمهورية منذ تأسيسها قبل نحو قرن من الزمان، كما أنها تمثل أهمية قصوى بالنسبة للعواصم الكبرى عالمياً وإقليمياً، وتحظى بمتابعة دقيقة في شتى أنحاء العالم، لكن موقف المعسكرين المتنافسين فيها يشهد اختلافات كبيرة في جولة الإعادة عما كان عليه الموقف قبل الجولة الأولى يوم 14 مايو/أيار.

فبينما يدلي الأتراك بأصواتهم في جولة الحسم الرئاسية، يتابع العالم أيضاً نتائج الانتخابات التي تمثل مفترق طرق للبلاد، وقد تكون الأكثر أهمية منذ تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك عام 1923. إذ كانت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قد نشرت تقريراً مطلع العام الجاري، عنوانه "الانتخابات الأهم في العالم خلال عام 2023 ستكون في تركيا"، ألقى الضوء على الأسباب والملابسات التي تجعل ذلك السباق الانتخابي بهذه الأهمية، ليس فقط لتركيا، ولكن للعالم أيضاً.

فنتائج الانتخابات التركية سوف يكون لها تأثير مباشر على صياغة الحسابات الجيوسياسية في واشنطن وموسكو، إضافة إلى عواصم في أوروبا والشرق الأوسط ووسط آسيا وإفريقيا أيضاً. ولا شك أن الدور والتأثير التركي في الشؤون الدولية يمثل شهادة على إنجازات أردوغان خلال عقدين من وجوده على رأس السلطة في البلاد، ورغم ذلك فإن سعي المعارضة التركية للإطاحة بالرئيس صادف هوى الغرب بشكل لافت، وانعكس ذلك في التغطية الغربية الإعلامية للانتخابات.

فما سيقرره الناخبون الأتراك لن يتعلق فقط بمن سيحكم البلاد، لكن بكيفية الحكم أيضاً، والمسار الاقتصادي الذي ستسلكه تركيا، ودورها في تخفيف حدة الصراعات العالمية والإقليمية، مثل الحرب في أوكرانيا، والاضطرابات في الشرق الأوسط.

لكن الأمور اختلفت بشكل جذري في جولة الإعادة، بعد أن خيّبت نتائج الجولة الأولى آمال المعارضة والغرب معاً. فعلى عكس جميع استطلاعات الرأي الغربية، فاز تحالف الجمهور الحاكم في تركيا بالأغلبية في البرلمان، كما تقدم أردوغان بفارق واضح عن منافسه كمال كليجدار أوغلو، رغم عدم حسم أي منهما النتيجة لصالحه.

وتسببت نتائج الجولة الأولى في تغيير جذري في خطاب مرشح المعارضة كليجدار أوغلو، جعله أقرب إلى من خضع "لعملية زرع شخصية"، بحسب تحليل لصحيفة The Times البريطانية عنوانه "منافس أردوغان يتخلى عن خطابه الناعم في محاولة للفوز بأصوات اليمين المتطرف"، يرصد كيف "تبددت شخصية الرجل الودود اللطيف، الذي يتحدث عن العودة إلى الديمقراطية والتعددية، والذي عُرف بالقلوب التي يصنعها بيديه أثناء حملته الانتخابية".

فبعد تخلفه عن الرئيس أردوغان في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تحول إلى قومي متشدد يؤكد باستمرارٍ اعتزامه إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم. ورغم أنه كان يغلف هذا الخطاب في السابق بلغة الحماية، أصبحت نبرته الآن شديدة الفظاظة. إذ قال مخاطباً أردوغان: "جلبتَ إلى هذا البلد أكثر من عشرة ملايين لاجئ عمداً. وسأعيد جميع اللاجئين إلى وطنهم".

لكن تركيا لا تضم عشرة ملايين لاجئ، إذ تقول الأمم المتحدة إنهم أقل من أربعة ملايين، معظمهم سوريون وبضع مئات الآلاف من جنسيات أخرى، معظمهم من الأفغان، وترى التايمز أن خطاب كليجدار أوغلو يؤكد أنه في حاجة ماسة للفوز بأصوات القوميين المتطرفين. وكي يفعل ذلك، كان عليه أن يتخلى عن شخصية "الرجل اللطيف".

من الأقرب للفوز: أردوغان أم كليجدار أوغلو؟

عكس الضربات المتتالية التي انهالت على المعارضة بعد الجولة الأولى من انتخابات تركيا 2023، يبدو موقف معسكر الرئيس الحالي أردوغان أكثر قوة، حيث أعلن سنان أوغان دعمه لأردوغان وانتقد المعارضة بشدة، كما أن فوز تحالف الجمهور بالأغلبية البرلمانية يصب في صالح زعيم هذا التحالف، أي الرئيس أردوغان، بحسب توقعات المحللين واستطلاعات الرأي.

وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، على سبيل المثال، قد نشرت تحليلاً يرصد الموقف الصعب للغاية لمرشح المعارضة كليجدار أوغلو، متوقعةً أن يحصل الرئيس رجب طيب أردوغان على أغلب الأصوات التي حصل عليها المرشح الثالث أوغان في الجولة الأولى من التصويت. فأغلب من صوتوا لسنان أوغان في الجولة الأولى اختاروه بدافع قومي، وهو ما يشير إلى تنامي الشعور القومي في تركيا بشكل عام، وهي المشاعر التي تصب في صالح الرئيس أردوغان، الذي انتهج سياسات تؤكد المصالح القومية لبلاده، حتى وإن أغضبت الغرب وجعلت قادته يعادونه ويتمنون خسارته.

حلمي داشديمير، رئيس شركة "أوبتيمار" لاستطلاعات الرأي في تركيا، يرى أن تغيير كمال كليجدار أوغلو لاستراتيجيته في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية لن يسهم بتغيير كبير في حصة مرشح المعارضة. وتوقع في أن يفوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بهذه الجولة بفارق لن يقل بأي حال من الأحوال عن 3% من أصوات الناخبين، رغم تغيير الحملة الانتخابية للمعارضة لرسائلها وأهدافها.

لكن الرئيس التركي حذر، خلال التجمع الانتخابي الأخير قبل جولة الإعادة، مما وصفها "بنشوة النصر" بعد الأداء القوي في الجولة الأولى، داعياً مناصريه إلى التوجه إلى صناديق الانتخابات لحسم الأمور في الصناديق بجولة الإعادة.

ففي خطاب أمام حشد من مؤيديه الملوّحين بالأعلام في منطقة بيكوز بإسطنبول السبت 27 مايو/أيار، طلب أردوغان من الناخبين التوجه بأعداد كبيرة إلى صناديق الاقتراع، وقال: "هل سنركض إلى صناديق الاقتراع غداً؟ هل سنُدلي بأصواتنا في الساعات الأولى من الصباح؟ لن نخسر أي شخص أدلى بصوته في الجولة الأولى"، فيما رد مناصروه بحماسة: "نعم".

وأضاف: "سنشجع الأشخاص الذين لم يتمكنوا من الذهاب (إلى صندوق الاقتراع في الجولة الأولى). هل سنكمل العمل الذي لم ننته منه في 14 مايو/أيار بأغلبية ساحقة من خلال توسيع الفجوة غداً؟".

على أية حال، مع انتهاء عملية التصويت بجولة الإعادة في الخامسة مساء الأحد بالتوقيت المحلي لتركيا، ومن ثم بدء عمليات فرز الأصوات، التي من المتوقع أن تستمر حتى وقت متأخر من الليل أو الساعات الأولى من صباح الإثنين، سيعرف الأتراك والعالم من سيكون الرئيس الذي سيحكم تركيا حتى 2028: فهل سيكون أردوغان، الذي تعطيه استطلاعات الرأي أفضلية ب 5% على الأقل، أم كليجدار أوغلو؟







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي