خلق الديناصورات

2023-05-28

سعد سرحان

في حكاية من الأثر، أنّ امرأةً من أخمصِ القَوْم قصدت فرعون حاملةً عنزة نافقة، آملةً كلّ الأمل أن تعود بها حيّةً ترعى. ولمّا اقتربَت من قصره، لاح لها صدرُه الأعظم، هامان، قافِلاً من خلف سِدرة في الجوار، فتقدّمت منه في ذِلّة وتضرّعت إليه بصوت خفيض: ...

- سأستبدلكِ بها واحدةً حيّة وأكثر لحماً وعافية، زمجر هامان، ثم تابع حاسماً: لا وقت لفرعون لإحياء العنز، فهو الآن مشغول بخلق الإبل.

انقبضت أسارير فرعون حين وصل هامان في تقريره اليومي إلى أمر المرأة وعنزتها، ولم تنبسط إلّا بعد أن سمع ذريعة وزيره الماكرة، فتوّج الصُّعداء بآهةٍ لا تقِلُّ مكراً:

- آهٍ، لو تعرف يا هامان كم هو مُرهقٌ خلق الإبل.

بمرور السنوات والأحقاب، كبرت تلك الحكاية. كبرت ولم تشخ، لكن احتدّت ملامحها.

فأمّا المرأة والعنزة، فقد انتهى نسلهما إلى قطعانٍ من شعوب تسعى.

وأمّا تلك السِّدرة، التي كان هامان يتعهّدها بالسماد كلّما اقتضت حاجتُه، فقد صارت إلى غابة كثيفة، لا تُغطّي جوار القصر فحسب، بل تغطّي أيضاً حاجة العباد من النبق.

وأمّا سلالة فرعون وهامان، فقد عرفت طفرات جبّارة: فإذا هَدّدَ هذا بخلق الديناصورات، أرعدَ ذاك مُنذِراً بشتاء نووي.

شاعر وكاتب من المغرب







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي