ميدل إيست آي: المشهد المناهض للاجئين بتركيا ترك السوريين أمام خيار واحد

2023-05-27

 

    كمال كليجدار أوغلو زعيم المعارضة التركية (أ ف ب)

تنتشر لافتات الحملة الانتخابية في شوارع إسطنبول حاملةً وجه المرشح الرئاسي عابس الوجه، كمال كليجدار أوغلو، مع الرسالة المقتضبة التالية لمحاولة استمالة الناخبين الأتراك: "سيعود السوريون إلى بلدهم!".

إذ سعى زعيم حزب الشعب الجمهوري، كليجدار أوغلو، المدعوم من تحالف معارض يضم ستة أحزاب، إلى تقديم نفسه خلال الجولة الأولى من الانتخابات، في شخصية الجد الذي يأمل توجيه بلاده نحو الحرية والديمقراطية والحب، لكن رسائل كليجدار أوغلو الأخيرة لا تحمل الكثير من الحب للسوريين واللاجئين.

حيث يقول موقع Middle East Eye البريطاني، إن كليجدار أوغلو يستهدف التوفيق بين أهدافه المزعومة بإعادة بلاده إلى "الديمقراطية وسيادة القانون"، وبين تهديداته بإعادة ملايين اللاجئين إلى منطقة حرب في مسعى يتعارض بالأساس مع القانون الدولي.

وتلقى خطاب كليجدار أوغلو المناهض للاجئين ختم موافقةٍ في الأسبوع الجاري، بعد أن أعلن زعيم حزب النصر اليميني المتطرف أوميت أوزداغ- الذي شن حملة قاسية لإعادة السوريين- عن دعمه لزعيم المعارضة.

وقالت كريستال آتيس، التي استخدمت اسماً مستعاراً، لموقع Middle East Eye البريطاني: "يشعر السوريون عموماً بالقلق حيال طريقة تعامل المرشحين مع قضية الهجرة".

يُذكر أن جميع السوريين الذين تحدث إليهم الموقع البريطاني كانوا يخشون الحديث بشكلٍ رسمي، وذلك خوفاً من تعرضهم لأعمال انتقامية. بينما رفضت أعداد أكبر من السوريين فكرة الحديث من الأساس، حتى لو بصورةٍ غير رسمية.

"مستوى محبط من الجهل"

خلال حملته الانتخابية، اتهم كليجدار أوغلو حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان بأنها سمحت لـ"10 ملايين" لاجئ بدخول البلاد، في تضخيم حاد للتقديرات الرسمية حول تعداد اللاجئين داخل تركيا. وعندما سمعت كريستال ذلك الرقم، قالت إنها شعرت بـ"رغبةٍ في خنق ذلك الرجل بسبب أكاذيبه".

وزعم كليجدار أوغلو بعدها أن عدد اللاجئين "غير النظاميين" قد يرتفع ليبلغ 30 مليون لاجئ خلال السنوات القليلة المقبلة. وأردفت كريستال (25 عاماً): "إن مستوى جهل الناس بمن يعيشون إلى جوارهم ويعملون معهم هو أمر محبط".

يُذكر أن كريستال سورية الأصل، وتعمل في منظمة إعلامية وتحمل الجنسية التركية الآن، كما قالت إنها ستصوت لأردوغان في يوم الأحد، 28 مايو/أيار.

وأوضحت كريستال: "أشعر بأمانٍ أكبر لأنني مواطنة الآن، لكنني لا أشعر بارتياح كبير في إخبار الناس بذلك هذه الأيام".

وقد شعرت كريستال بالارتياح عندما خرجت للتصويت، في 14 مايو/أيار 2023، دون أن يقول أي شخص تعليقاً مسيئاً عنها، وأردفت في إشارة إلى اسمها العربي الحقيقي: "من الواضح للغاية أنني أجنبية، لكنني شعرت بجنون الارتياب رغم ذلك، وظللت أنصت جيداً حتى أسمع ما سيقولونه من ورائي، إذا كانوا سيقولون شيئاً من الأساس".

ولا شك أن الشعور بالارتياب والحياة في وضع تحفز هي أمور يضطر العديد من السوريين للتعايش معها منذ سنوات، وقد ارتفعت حدة تلك الأمور خلال فترة الانتخابات تحديداً.

بينما تنفس العديد من السوريين الذين تحدث إليهم الموقع البريطاني الصعداء، بعد أن حصد أردوغان 49.4% من الأصوات في جولة الانتخابات الأولى. ومع ذلك سنجد أن العادات اليومية للسوريين قد تغيرت.

"انتخابات قائمة على الخوف والإذلال"

من جهته، أفاد يحيى (اسم مستعار أيضاً)، والذي يبلغ من العمر 25 عاماً للموقع البريطاني بأن "السوريين تجنّبوا الانخراط في النقاشات السياسية عموماً، كما امتنعوا عن الخروج في الأماكن العامة إلا عند الضرورة".

وقال يحيى إنه صوّت لأردوغان في الجولة الأولى، وسيصوت له في الجولة الثانية أيضاً. وقد غيّر يحيى اسمه الرسمي إلى اسم يبدو تركياً أكثر حتى "يتجنب العنصرية في المؤسسات الحكومية والخاصة"، كما هو حال العديد من السوريين الذين نجحوا في الحصول على الجنسية التركية.

ولا يلزمك تغيير اسمك إلى اسم تركي حتى تحصل على الجنسية، لكن العديدين اختاروا تلك العملية طواعية في محاولة للاندماج مع المجتمع بصورةٍ أفضل، وتجنُّب الاضطرار للحديث عن خلفيتهم السورية، كما يقول الموقع البريطاني.

وأردف يحيى أن "الخوف والإذلال" الذي عانى منه السوريون نتيجة خطابات المعارضة جعلهم يتجنبون الحديث بالعربية في الأماكن العامة، كما دفعهم إلى تقييد نزهاتهم في الخارج.

محاولة مستميتة لاستهداف اللاجئين السوريين

في وقت سابق من الأسبوع الجاري، نشر الموقع البريطاني تقريراً عن ظهور شروخٍ في صفوف المعارضة التركية، عقب خطاب كليجدار أوغلو المناهض للهجرة واللاجئين، مع استقالة عدة أعضاء من أحزاب المعارضة الأصغر.

ولا شك أن محاولة كليجدار أوغلو المستميتة لاستهداف اللاجئين تتناقض بوضوحٍ مع موقف أردوغان. إذ تعهّد الرئيس التركي قبل يومين من انتخابات 14 مايو/أيار بعدم إجبار السوريين على العودة إلى منطقة حرب.

وقال محمد (29 عاماً) الذي أخفى اسمه كاملاً أيضاً للموقع البريطاني: "يكفينا النظر إلى الخطاب المهين الذي تبنّته المعارضة خلال السنوات الخمس الماضية، حيث يسعى هذا الخطاب إلى عزل السوريين داخل تركيا اجتماعياً وثقافياً".

وأردف محمد أنه سيصوت لأردوغان ثانيةً في يوم الأحد، بعد أن حصل على الجنسية التركية وغيّر تهجئة اسمه ليحظى بـ"راحة البال". وأضاف محمد: "أشعر بأمانٍ أكبر نسبياً، لكنني أفكر في الملايين من أشقائي السوريين الذين يعيشون في خوفٍ خلال هذه الفترة".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي