واشنطن بوست: اهتمام أردوغان بالمناطق المنكوبة دفع سكانها للتصويت للرئيس الذي يعرفونه

2023-05-24

بعد الكارثة ظل كمال كليتشدار أوغلو، منافس أردوغان، يتحدث عن إصلاحات سياسية وتصحيح الاقتصاد (ا ف ب)

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا لمراسلها مراد أستاذكين، تساءل فيه عن سبب شعبية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مناطق جنوب البلاد التي تعرضت لزلزال مدمر في شباط/ فبراير الماضي.

ففي بلدة نورداغي جنوبي تركيا التي شهدت ازدهارا في البناء كإشارة على اهتمام الرئيس التركي بالإعمار والتنمية، التقى الكاتب والدا وابنه كان ينقلان الأبواب والنوافذ من أنقاض بيت إلى شاحنة تنتظرهما، وعندما سئل إيرن ياكا (18 عاما) عمن انتخب، أجاب “نحن مع الريس”، في إشارة للقب الزعيم في العهد العثماني.

ومات واحد من كل ستة في البلدة التي يبلغ عدد سكانها 25 ألف نسمة، فيما بلغت حصيلة القتلى بشكل عام في تركيا أكثر من 50 ألفاً.

ومع الكشف عن حجم الكارثة، واجهت حكومة أردوغان انتقادات بسبب عدم استجابتها السريعة للكارثة، وتوقع الكثيرون أن يدفع الرئيس وحكومته الثمن. ولكن في 14 أيار/مايو، وقف الجنوب الذي يعتبر أهم معقل لحزب العدالة والتنمية، بشكل قوي مع الرئيس. فقد حصل أردوغان في ست ولايات على نسبة 63% من أصوات الناخبين، ولكنه خسر هاتاي التي شهدت أسوأ موجات الدمار، ولكن بأعشار قليلة عن منافسه.

 وقال ياكا: “أردوغان رجل طيب، بارك الله فيه. بعد الهزة اعتنى بنا جيدا”. وبعد أن دّمر بيته “ياكا” المكون من طابقين، زودته الحكومة ببيت حديدي مجهزٍ بمكيف هواء وغسالة وجلاية صحون. وقال: “ساعد أردوغان الضحايا كثيرا… هذه أمور واضحة وضوح الشمس”.

وتقول الصحيفة إن الكثير من اللوم وقع على المتعهدين الفاسدين الذي ساعدهم حزب الرئيس، كما أن التأخر في وصول المساعدات كان سببا بحسب البعض في زيادة أعداد الضحايا. ولكن في بلد منقسم، لم يتأثر أردوغان من الكارثة.

ويقول مراد سومر، المحلل السياسي في جامعة كوتش بإسطنبول: “ينقسم الناخب التركي إلى كتلتين أو أكثر جامدتين”. وكشفت استطلاعات للرأي من معهد استطلاعات في أنقرة، انقساما واضحا بناء على الخطوط الحزبية، فقد قالت نسبة 90% من ناخبي حزب العدالة والتنمية، إن الحكومة تعاملت بنجاح مع كارثة الزلزال، فيما رأى ناخبو حزب الشعب الجمهوري العكس، بنسبة 96%. وهي دينامية تعززت بتحكم الدولة شبه الكامل بالإعلام حسب غونول تول، مديرة برنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط.

وقالت: “في مجتمعات مستقطبة، خاصة الدول المستبدة حيث لا يمكن الوصول للمعلومات بسهولة، فالحقيقة لا تهم كثيرا”.

وفي شمال نورداغي، تقع كهرمان مرعش التي تبعد مسافة نصف ساعة بالسيارة، وكان يعيش فيها نصف مليون نسمة، وهي واحدة من المدن التي تضررت كثيرا، قال محمد (57 عاما) إنه صوّت لأردوغان وحزب العدالة والتنمية، مشيرا إلى معسكر الخيام الذي يعيش فيه مع زوجته وأولاده قائلا: “ماذا يمكنهم عمله أكثر من ذلك؟”.

وقال عامل بناء كان يتحدث وهو مستند إلى جدار البلدية، إن زيارة أردوغان للبلدة كانت مهمة “ولم يتركنا لوحدنا”. وزار أردوغان البلدة في 8 شباط/ فبراير، بعد يومين من الكارثة، واعتذر للسكان بأن الرد كان بطيئا وطالبهم بالوحدة. وطلب من الناجين تسجيل أسمائهم للتصويت، حيث وضع يوم 2 نيسان/ أبريل كآخر يوم للتسجيل في المجلس الأعلى للانتخابات.

وأي شخص يرغب بالتصويت، كان عليه السفر للمكان الذي تركه. ولم يسجل سوى 133 ألف شخص بحسب المجلس الأعلى للانتخابات. وكانت نسبة الاقتراع 89% في الجولة الأولى، ولكن نسبة المشاركين في مناطق الكارثة كانت أقل بنسبة خمس أو ست نقاط.

وفي هاتاي، انخفضت النسبة إلى 83%، مع أن هذه النسبة كانت خارج التوقعات حسب بولنت أوك، المسؤول في المنطقة التي يديرها حزب الشعب الجمهوري.

وأثبت أردوغان صمودا في المنطقة أكثر من حزبه، ففي مقاعد البرلمان الـ600، حصل حزب العدالة والتنمية على أكبر نسبة من المقاعد في مناطق الزلزال، ولكنها كانت أقل مما حصل عليه في عام 2018. فقد تراجع الدعم للحزب في كهرمان مرعش بنسبة 11%.

وقال سيلفين كوركماز، مدير استان بول للاستطلاعات: “أظهر الناس غضبهم تجاه حزب العدالة في كهرمان مرعش (لمرشحي البرلمان) وليس أردوغان”. ورغم خسارته 27 مقعدا، إلا أن الحزب حصل على مقاعد كافية مع تحالفه ليصبح الأغلبية في البرلمان.

وانتقد أوكيس، وهو حارس متقاعد عمره 64 عاما، حكومة العدالة والتنمية في المنطقة، خاصة ما وصفه غياب القيادة “يمينا وشمالا”. وقال: “تعود الناس على التصويت لحزب العدالة والتنمية بدون تفكير.. ولكن بعد هذا، فمن الصعب أن يظل الحزب في السلطة”.

 إلا من صوّتوا لصالح أردوغان تحدثوا عنه وكأنه صديق قديم، حيث قال محمد عن الرئيس إنه “يفهمنا بكل شيء ويعرفنا جيدا.. نعرف من هو الرئيس”. وتقول غونول إن الناس في زمن الكوارث يتطلعون لزعيم حازم.

وبعد الكارثة ظل كمال كليتشدار أوغلو، منافس أردوغان، يتحدث عن إصلاحات سياسية وتصحيح الاقتصاد، وجعل ذلك مركز حملته الانتخابية، مما ترك انطباعا لدى سكان المناطق المنكوبة أن أردوغان هو الشخص الوحيد الذي يهتم بهم. وجاء الرئيس بخطط إعمار وبناء بيت لكل شخص تشرد، حتى “قبل أن يُخرج الناس أحبابهم من تحت الأنقاض”.

وقال كوركماز إن كليتشدار أوغلو لم تكن لديه خطة تعافٍ جيدة، و”لم تصل مقترحات المعارضة إلى مناطق الكارثة” بسبب الإعلام الذي تسيطر عليه الدولة. وقال إن “أهم إستراتيجية لأردوغان في هذه الانتخابات هي إدارة المفاهيم بدلا من تقديم حلول للقضايا”. مؤكدا: “لا يزال أردوغان يقف كقائد أعلى”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي