روسيا وأوكرانيا نحو مواصلة الحرب في المستقبل المنظور

الأمة برس - متابعات
2023-05-23

روسيا وأوكرانيا نحو مواصلة الحرب في المستقبل المنظور (ا ف ب)

رجح تحليل أورده موقع "أوراسيا ريفيو" أن تتجه كل من روسيا وأوكرانيا نحو مواصلة الحرب في المستقبل المنظور، استنادا إلى أسباب تراها حكومتا البلدين وجيهة لإطالة أمد المعارك الدائرة على الأراضي الأوكرانية.

وذكر التحليل، الذي نشره، مانوج كومار ميشرا، أن أوكرانيا تعول على استمرار المساعدة الغربية لاستعادة أراضيها المحتلة من روسيا، فيما تميل روسيا إلى الاعتقاد بأن نجاحات ساحة المعركة الأوكرانية تشير إلى ذروة الدعم الغربي الذي سيتلاشى.

وفصل ميشرا موقف روسيا لافتا إلى 5 أسباب تدفعها لاستكمال الحرب، أولها أنها حشدت 300 ألف جندي إضافي في جهود الحرب الأوكرانية، ليس فقط لتعزيز الوحدات العسكرية الحالية، ولكن أيضًا للحفاظ على قوة كبيرة في الاحتياط، مضيفا: "هي (روسيا) تعتقد اعتقادًا راسخًا أن الدعم الغربي لأوكرانيا يمكن أن يتضاءل في أي وقت ومن ثم ستحقق روسيا أهدافها الحربية".

ثانيًا: ليس هناك أي التزامات تقريبًا من القوى الغربية بأنها سترفع عقوبات معينة إذا تفاوضت روسيا من أجل السلام.

وهنا يشير ميشرا إلى أن روسيا تشتبه في أن العقوبات قد تظل سارية حتى بعد ضمان السلام النسبي. كما أن العقوبات نفسها لا تشير إلى ما يجب على روسيا فعله للحصول على إعفاء منها.

ثالثًا: إذا تفاوضت روسيا من أجل السلام، فسيكون من الصعب على الرئيس، فلاديمير بوتين، أن يبرر لشعبه سبب غزو روسيا لأوكرانيا في المقام الأول، خاصة بعد العديد من الخسائر الكبيرة التي لحقت بجيشها واقتصادها؛ إذ سيُفسر ذلك على أنه هزيمة للقوة العظمى.

رابعًا: من شأن الجهود الأوكرانية والغربية لتشديد الخناق على روسيا بمحاولة تقديم قادتها إلى محكمة دولية خاصة وتحميلهم المسؤولية عن العدوان الوحشي على أوكرانيا أن يعقد الجهود الدبلوماسية لجلب الجانبين إلى طاولة المفاوضات.

ولذا يعتقد ميشرا أن منح القادة الروس "حصانة جماعية" هو السبيل الوحيد لفتح طريق للسلام، لكنه يظل سيناريو غير مرجح، حسب تقديره، مستندا إلى أن رفض موسكو لجلب الناتو إلى عتبة روسيا من خلال ضم أوكرانيا كعضو في حل شمال الأطلسي، وتقديمها روايات عن تعرض المواطنين الروس للتهديد على الأراضي الأوكرانية، لا سيما في لوهانسك ودونيتسك.

وأشار ميشرا إلى أن روسيا غارقة عسكريًا في أوكرانيا بعد تكبدها خسائر مبكرة في ساحة المعركة، مضيفا: "أي تصعيد غير متوقع للصراع من قبل أوكرانيا بمساعدة أسلحة متطورة من القوات الغربية قد يدعو إلى استخدام الأسلحة النووية الاستراتيجية/التكتيكية من قبل روسيا أو قد يتطلب الصراع إلى مستوى المواجهة بين روسيا والناتو".

ولطالما احتفظت روسيا بخيارات استخدام الأسلحة النووية التكتيكية التي هددت بالفعل باستخدامها، ولذا فهي "تحتفظ بقدرة المناورة المطلوبة للتأثير على نتائج الحرب وقد لا تميل إلى توقيع اتفاق سلام لإنهاء الصراع"، حسبما يرى ميشرا.

دوافع أوكرانيا

ومن الجانب الأوكراني، يلفت ميشرا إلى 3 أسباب رئيسية لتفضيل استمرار الحرب، أولها ضعف الحافز للذهاب إلى مبادرات السلام، إذ تلقت كييف معدات عسكرية غربية محدثة ودعمًا لوجستيًا واقتصاديًا لشن هجمات مضادة ضد روسيا ونجحت في هزيمة الجيش الروسي بساحة المعركة كما تشير معارك جرت في خيرسون وخاركيف.

وتأمل أوكرانيا في استعادة أراضيها من الاحتلال الروسي، خاصة بعد إعلان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بنفسه أن "المهمة الغربية هي إعادة الأراضي الأوكرانية إلى وضعها قبل عام 2022".

ثانيًا: تضغط أوكرانيا لإنشاء محكمة خاصة لتقديم القادة المتورطين في العدوان الوحشي ومجرمي الحرب إلى العدالة لارتكابهم أعمال إبادة جماعية وفظائع على الأراضي الأوكرانية، وبالتالي ستظل غير راغبة في اتفاق سلام يراوغ مبادئ نظام العدالة الجنائية.

ثالثا: أوكرانيا غير متأكدة من التزام الغرب بدعمها أمنيا بشكل قوي حال انتهاء الحرب، وستظل مترددة في الضغط من أجل السلام.

ويلفت ميشرا، في هذا الصدد، إلى أن أوكرانيا ستحتاج إلى مساعدة أمنية غربية قوية لردع التهديد الوجودي من جانب روسيا، وهذه المساعدة ستمثل لعنة بالنسبة لروسيا، خاصة بعدما أصبحت الرغبة الأوكرانية في عضوية الناتو أكثر صخباً واكتسبت قوة على المستوى الدولي.

ولا يقتصر الأمر على القرب الجغرافي لأوكرانيا من أوروبا الغربية فحسب، "بل إن تقاربها الثقافي مع سكانها البيض مع أوجه التشابه المذهلة مع العرق الأوروبي يعمل أيضًا لصالح أوكرانيا لبناء الدعم لصالحها"، بحسب ميشرا.

أمريكا وأوروبا

وبينما تبرز الولايات المتحدة كأكبر مانح لأوكرانيا، تساعد الدول الأوروبية الأوكرانيين بالأسلحة والذخائر التي ظلت الولايات المتحدة مترددة في تزويد كييف بها، مثل الطائرات المقاتلة ميج 29.

وفي الوقت نفسه، تخدم الولايات المتحدة مصالحها طويلة الأجل في مواصلة جهود الحرب بأوكرانيا من خلال فصل الاقتصاد الأوروبي عن الاقتصاد الروسي عبر جعل الأول أقل اعتمادًا على الأخيرة في تلبية احتياجاته من الطاقة.

كما عززت الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي ودول الاتحاد الأوروبي ميزانياتها الدفاعية تحسبًا للتهديد الروسي المباشر وأيضًا لمساعدة أوكرانيا، وهو ما يتماشى تمامًا مع المصالح الأمريكية.

وهنا يلفت ميشرا إلى أن الولايات المتحدة طالما كانت ترغب في أن تعزز الدول الأوروبية مساهمتها في ميزانية حلف الناتو.

دور الصين

وعن دور الصين في مستقبل الصراع، يرى ميشرا إلى أن بكين تستعد للعب دور دبلوماسي في الحرب الأوكرانية دون انتقاد شريكها الاستراتيجي روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.

وأضاف أن بكين تسعى إلى تقديم دورها كوسيط، لأنها لا تريد أن تجعل مصالحها متطابقة مع مصالح روسيا، ما قد يضر بعلاقاتها مع أوروبا.

فالصين تلوم الولايات المتحدة على دورها في تأجيج الحرب الأوكرانية لكنها لا تريد تنفير الدول الأوروبية، ومن ثم فهي تحاول خدمة مصالحها من خلال تحقيق توازن بين الأطراف المتحاربة.

ولذا يرجح ميشرا تطوير بكين لسيناريو تسعى من خلاله لخدمة مصالحها الدبلوماسية، هبر تقديم نفسها كوسيط سلام رفيع المستوى.

إنهاء الحرب

ويخلص ميشرا إلى أن أي حرب، بما في ذلك الحرب الأوكرانية المستمرة، يمكن أن تنتهي بـ 3 طرق، وهي التسوية السياسية أو الهدنة أو وقف إطلاق النار المؤقت.

أما التسوية السياسية فهي السبيل لحل القضايا السياسية الأساسية التي أدت إلى الحرب في المقام الأول، وبالتالي يمكن أن تكون طريقًا إلى سلام طويل الأمد.

ومع ذلك، يرى ميشرا أن الأهداف السياسية المتعارضة تمامًا بين روسيا وأوكرانيا تجعل التسوية السياسية أمرًا مستبعدًا للغاية.

وبالنسبة لسيناريو اتفاق الهدنة أو وقف إطلاق النار، فيتوقف على ترتيبات فنية في غياب السبل لحل القضايا السياسية الرئيسية التي تدفع الصراع، بحسب مشيرا، مشيرا إلى أن "تسريح القوات على طول الحدود، وإنشاء منطقة منزوعة السلاح، والتواصل بشأن القضايا الأمنية واتخاذ تدابير لبناء الثقة"، يمكن أن يكون مفيدا في كبح التحركات العسكرية لطرفي الحرب.

ومع ذلك، يلفت ميشرا إلى أن هذه الطرق للسلام يمكن أن تكون مؤقتة، بحيث توفر "شراء الوقت" للطرفين المتحاربين لتقوية جيشيهما من خلال توفير تدريب وأسلحة ومعدات أفضل، ثم تحت أي ذريعة، تتجدد الحرب طالما ظلت الدوافع السياسية الرئيسية للصراع مستمرة.

ويضرب المحلل السياسي المثل بضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014 والمصالحة التي تلت ذلك بين أطراف الحرب بموجب اتفاقيات مينسك 1 ومينسك الثانية، إذ لم يمنع ذلك موسكو من شن حرب أخرى في فبراير/شباط 2022.

ويلفت ميشرا إلى أن روسيا باتت مقتنعة بأن تدهور الأوضاع أوكرانيا سيدفعها إلى أحضان القوى الغربية بشكل لا رجعة يه، وبالتالي يمكن أن يكون السلام النسبي مجرد وسيلة أوكرانية لكسب المزيد من الوقت لتخريب المصالح الروسية بمساعدة الغرب.

وعلى نفس المنوال، تدرك أوكرانيا مع تقدم الحرب أن كونها قوة غير نووية، لا يمكنها من التفكير في التضحية بالمساعدة الأمنية الغربية أو عضوية الناتو لتوقيع اتفاق سلام مع روسيا.

أما القوى الخارجية، فيه تسعى إما لخدمة مصالحها الخاصة في المسرح الأكبر للحرب أو أنها تتأثر جزئيًا بالتعاطف مع الأوكرانيين بسبب القواسم الثقافية والعرقية المشتركة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي