الاستثمارات الصينية في بابوا غينيا الجديدة تثير قلق السكان المحليين

أ ف ب-الامة برس
2023-05-21

 

     صورة التُقطت في 17 أيار/مايو 2023 تظهر عمالًا صينيين وآخرين من بابوا غينيا الجديدة في بور موريسبي (ا ف ب)

بكين: تستعدّ عاصمة بابوا غينيا الجديدة لانجاز مشروع حيّ صيني فخم قرب عشوائيات تحيط بمبانٍ شاهقة، ما يعكس تدفّق الاستثمارات الصينية إلى الدولة الفقيرة وذات الموقع الاستراتيجي بالنسبة لبكين، ولو أن ذلك لا ينعكس منفعة على السكان المحليين.

تستثمر بكين مبالغ هائلة في بابوا غينيا الجديدة لإمكاناتها الواعدة وموقعها قرب طرق بحرية حيوية، وهي دولة واقعة في المحيط الهادئ وغنية بالموارد لكنها واحدة من أفقر الدول في العالم.

يظهر عدد كبير من المشاريع الصينية في جميع أنحاء بور موريسبي بما في ذلك مجمع بقيمة 414 مليون دولار، وهو أكبر استثمار لبكين في بابوا غينيا الجديدة، وسيضم سينما وفندقًا وشققًا ومطاعم.

لكن السكان المحليين يشعرون بالضيق لأنهم لا يرون منفعة مباشرة لهم من المشاريع الصينية، ويشتكون من أن آلاف العمال يتم استقدامهم من الخارج وتوظيفهم للعمل في مشاريع كبيرة ويُرسلون الأموال الذين يجنونها إلى بلادهم.

وقالت النائبة السابقة غابيا غاغاريمابو (62 عامًا) "لماذا تم استبعادنا؟ ما يمكن أن يفعله (العمّال) الصينيون يمكن لشعبنا أن يفعله"، مضيفة "يأتون إلى هنا ونحن نجلس أمامهم ونراقبهم".

وتثير المشاريع الصينية غير المكتملة أو غير المستخدمة مخاوف بشأن المنافع وراء مساعدات بكين وشكوكًا في أنها تزيد الفساد في البلاد.

في موقع مشروع الحيّ الصيني الفخم، لا تزال الرافعات معطلة بعد سنوات من التأخير بسبب جائحة كوفيد-19.

تقبع ناطحة سحاب صينية الصنع هي أطول مبنى في البلد ويبلغ ارتفاعها 23 طابقًا، مقفرة بعدما اكتشف مسؤولون عيوبًا متعددة فيها.

على جدران مركز مؤتمرات بنته الصين من أجل قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، كتابات ورسوم قبالة حرّاس وبستانيين يقولون إن الكهرباء انقطعت عن المشروع منذ العام 2018.

وتابعت غابيا غاغاريمابو "أصبحت المشاريع أشباحا. أين الأموال؟ أين التنمية؟"

- "ليست مرتبطة بقيود سياسية" -

اعتبر دبلوماسي غربي طلب عدم الكشف عن هويته إن الصين تستثمر في دولة جنوب الهادئ الأكثر اكتظاظًا بالسكان "لموقعها الاستراتيجي ووفرة النفط والغاز والمعادن، بالإضافة إلى وفرة الفرص".

تُعدّ الصين حاليًا ثاني أكبر شريك تجاري لبابوا غينيا الجديدة بعد أستراليا المستعمرة السابقة، حيث تستثمر بكين بكثافة في البناء ولكن أيضًا في الطاقة والموارد وتجارة التجزئة والاتصالات.

من المشاهدات في المدينة طريق سريع جديد من ستة ممرّات يمرّ عبر العاصمة، ومدخل مدرسة تضمّ ثلاثة آلاف طالب مخطوطات بلغة المنادرين، فيما تتوقف حافلات عليها لافتات بالصينية لمنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ 2018 بوسط المدينة. من جهة أخرى، تحمل محكمة وطنية في طور البناء اسم شركة بناء تتخذ من بكين مقرًا.

تقول وسائل إعلامية صينية مملوكة للحكومة أن الاستثمارات هذه مخصصة لتحسين نوعية الحياة في بابوا غينيا الجديدة.

فالعام الماضي، كتبت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية إن الاستثمارات "ليست مرتبطة بقيود سياسية".

استقر المهاجرون الصينيون في البداية في جزر المحيط الهادئ في القرن التاسع عشر، لكن تدفقًا جديدًا - بعضه غير قانوني - منذ الثمانينات جعلهم محور اضطرابات سياسية.

وأثارت الموجة الأخيرة من استقدام عمال للعمل في "مبادرة الحزام والطريق" تفاقمًا في التوترات المجتمعية أدّت إلى أعمال شغب ونهب ضد شركات صينية.

امتنع بعض العمال الصينيين عن التطرّق إلى المسألة حين سألت وكالة فرانس برس عنها، لكن البعض مثل تشين جينغ فضّل التعبير عن رأيه.

وقال صاحب كشك لإصلاح هواتف والبالغ 46 عامًا "إنهم (الصينيون) يتعرضون للتمييز محليًا. أشعر بذلك قليلًا".

- "سيأتون ويأخذون كل ما لدينا" -

رغم تذمّر السكان، مضت حكومة بابوا غينيا الجديدة قدمًا وأصبحت في العام 2018 أول دولة في المحيط الهادئ توقّع مذكرة تفاهم لمبادرة الحزام والطريق الصينية تبلغ قيمتها تريليون دولار، والمبادرة هي مشروع جيوسياسي أساسي بالنسبة للرئيس الصيني شي جينبينغ.

في العام التالي، ارتفع عدد الشركات الصينية التي لديها فروع في بابوا غينيا الجديدة - ومعظمها شركات مملوكة للدولة - من 21 إلى 39، بحسب الباحث في المشاريع الصينية في المحيط الهادئ بيتر كونولي من الجامعة الوطنية الأسترالية.

في متجر صغير صيني مغطى بقضبان معدنية لحماية العمال من السرقات المسلحة، قال المدير فينسينت هي إنه يدعم قدوم مزيد من العمال الصينيين إلى بابوا غينيا الجديدة.

وأضاف التاجر المتحدر من مقاطعة فوجيان الصينية، متحدثًا بالانكليزية ثم بالماندرين لئلّا يتمكن السكان المحليون من فهم ما يقول، "هناك بعض الوظائف التي لا يمكنهم مزاولتها. لا يمكنهم مساعدتنا".

وتابع "لا أعلم لماذا يتحدثون بهذه الطريقة. يجب أن يكون لدينا صينيون هنا يقومون بهذا العمل".

لكن تنامي الأنشطة التجارية الصينية يغذّي استياء السكان المحليين لأنهم "يخشون على أمنهم الاقتصادي والتوظيفي"، بحسب الأستاذ المساعد في الجامعة الوطنية الأسترالية سينكلير دينين.

فالسكان المحليون يعتبرون أن المهاجرين الصينيين الأثرياء نسبيًا لا يختلطون بالمجتمع ويرسلون أرباحهم إلى بلادهم ولا يوظّفونها في بابوا غينيا الجديدة حيث يعيش نحو 40% من السكان تحت خط الفقر.

وقالت هيثر يانينين (60 عامًا) التي تدير كشكًا لمستحضرات التجميل "لا فرص مؤمنة لنا. إذا استمررنا على هذا النحو، فلن يكون لدينا مكان للعمل قريبًا".

وأضافت "سيأتون ويأخذون كل ما لدينا".

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي