
كييف - أكدت أوكرانيا الأربعاء 17-5-2023 تمسّكها باحترام سيادة أراضيها كاملة في أي مقترح لانهاء الحرب التي بدأت بالغزو الروسي لأراضيها، وذلك خلال استضافتها مبعوثا صينيا يزور كييف للبحث في "تسوية سياسية" للنزاع.
وبعدما أبقت على موقفها الرسمي في النزاع محايدا على رغم تقاربها مع روسيا، تسعى الصين لأداء دور الوسيط بين طرفي الحرب التي اندلعت منذ بدء الغزو الروسي في شباط/فبراير 2022، وهو ما سيكون محور زيارة مبعوثها لي هوي التي بدأت من أوكرانيا وستشمل بولندا وفرنسا وألمانيا وروسيا.
والتقى لي هوي الأربعاء في كييف وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، قبل لقاء "محتمل" مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي في وقت لاحق.
وأعلنت الخارجية الأوكرانية في بيان أن كوليبا شرح لضيفه "مبادئ إرساء سلام دائم وعادل يستند إلى احترام سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها".
وأكد أن كييف "لا تقبل أي اقتراحات قد تتضمن خسارة أراض أو تجميد النزاع".
من جهتها أكدت بكين أن لي هوي، الممثل الخاص للشؤون الأوراسية والسفير الصيني السابق لدى موسكو، سيناقش "التسوية السياسية" للنزاع.
وامتنعت الصين حتى الآن عن إدانة التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، وذلك خلافا لغالبية القوى الدولية العظمى، ما لقي انتقاد دول الغرب.
ونشرت بكين في شباط/فبراير وثيقة من 12 نقطة تهدف إلى وضع حد للحرب في أوكرانيا، ودعت إلى الحوار واحترام سيادة جميع الدول. الا أن هذه الوثيقة لقيت انتقادا غربيا لصيغتها الغامضة.
وزار الرئيس الصيني شي جينبينغ موسكو في آذار/مارس، مقدّماً دعمًا رمزيًا لبوتين في مواجهة الدول الغربية.
- تمديد اتفاق الحبوب -
وأكد كوليبا للي هوي تقدير بلاده لدور بكين في البحث عن حلّ للنزاع، علما بأن كييف طرحت بدورها نقاطها الخاصة لأي تسوية والتي تقوم على استعادة كل الأراضي التي تسيطر عليها القوات الروسية، بما يشمل شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو في 2014.
ومن المتوقع أن يزور لي هوي موسكو "في نهاية الشهر" الحالي، وفق ما نقلت وكالة "تاس" الروسية عن نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودنكو، من دون أن يذكر موعدا محددا لذلك.
وأكد أن "الفكرة هي إطلاع هذه الدول على المقترحات الصينية لسياسة التسوية في أوكرانيا والاستماع إلى آراء وتعليقات المحاورين المعنيين".
على صعيد آخر، أشاد كوليبا بدور الصين بما يشمل مبادرة البحر الأسود التي سمحت باستئناف صادرات الحبوب عبر البحر الأسود، والسلامة النووية.
وأعلنت الأطراف المعنية الأربعاء، أي روسيا وأوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة، تمديد اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود لشهرين إضافيين.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عشية انتهاء مهلة الاتفاق الخميس "بجهود بلدنا، وبدعم من أصدقائنا الروس ومساهمة أصدقائنا الأوكرانيين، تقرر تمديد اتفاق حبوب البحر الأسود، لمدة شهرين إضافيين".
وفي حين أعربت أوكرانيا عن "امتنانها" لأنقرة والأمم المتحدة على التمديد، طالبت روسيا بضرورة معالجة "عدم التوازن" في تطبيق بنوده.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن التمديد "نبأ جيد للعالم بأسره".
- تضرر منظومة "باتريوت" -
وتأتي زيارة المبعوث الصيني بعد جولة أوروبية لزيلينسكي تلقى خلالها وعوداً بشحنات جديدة من الأسلحة التي يطالبها بها من أجل شنّ هجوم مضاد كبير.
وطالب زيلينسكي بصواريخ مضادة للطائرات، ومسيّرات هجومية، ومدرّعات... وأحرز تقدّماً في مجال تسلّمه مقاتلات غربية تطالب بها كييف منذ حوالى 15 شهرًا.
وسيمثّل إرسال مقاتلات غربية إلى كييف، بالإضافة إلى طائرات "ميغ" السوفياتية التي سبق أن أرسلتها بولندا وسلوفاكيا قيمة مضافة لأوكرانيا.
وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنّ باريس ستبدأ قريبًا تدريب طيارين أوكرانيين، بينما أعلنت المملكة المتحدة وهولندا مساء الثلاثاء رغبتهما بتشكيل "تحالف دولي" لتزويد كييف مقاتلات اف-16 الأميركية.
وأقر وزير الدفاع البريطاني بن والاس الأربعاء في برلين أن القرار بشأن تسليم مقاتلات كهذه الى كييف يعود "الى البيت الأبيض".
وقال خلال مؤتمر صحافي "لا نملك اف-16 ولن نسلّم (طائرات) تايفون ولكننا طبعاً قادرون على المساهمة في التدريب والدعم".
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الأربعاء ردا على سؤال حول الشحنات الغربية الجديدة "يلاحظ أن تدفق الأسلحة والذخيرة إلى أوكرانيا يزداد وأن مستوى الأسلحة التكتيكية والفنية التي يتم إرسالها يرتفع أيضًا".
والأربعاء، أقر مسؤول أميركي لوكالة فرانس برس بتضرّر منظومة دفاع جوي من طراز "باتريوت" تمّ تزويد أوكرانيا بها.
وقال المسؤول إن "نظام باتريوت ما زال يعمل"، وأن حجم الضرر الذي تعرّض له جراء سقوط مقذوف غير محدد على مسافة قريبة منه، لا يزال موضع تقييم.
وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت الثلاثاء استهداف نظام كهذا في كييف بصاروخ فرط صوتي من طراز "كينجال".
- باخموت -
على الأرض، أكدت أوكرانيا الأربعاء أنها تواصل تحقيق تقدم على جبهة باخموت (شرق) التي تمثّل منذ أشهر مركز القتال الميداني في هذه الحرب.
وحدّدت أوكرانيا الثلاثاء للمرة الأولى حجم المكاسب التي حققتها في الأيام القليلة الماضية حول باخموت، إذ تتقدّم على جوانبها بينما توشك القوات الروسية على السيطرة عليها بالكامل.
وقالت نائبة وزير الدفاع الأوكراني غانا ماليار "في الأيام الأخيرة حررت قواتنا حوالى 20 كيلومترا مربعا شمال وجنوب ضواحي باخموت".
وتتحدث أوكرانيا منذ أسابيع عن استعدادها لشنّ هجوم مضاد كبير في شرق البلاد وجنوبها. الا أن موعد الهجوم لم يحن بعد، إذ أكّد زيلينسكي مؤخراً أن كييف "بحاجة إلى مزيد من الوقت".
وتحدثت روسيا من جهتها عن تحقيقها مكاسب داخل مدينة باخموت المدمّرة والواقعة بمعظمها تحت سيطرتها.
وفي حين أعلن رئيس مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين في مقطع فيديو الثلاثاء مقتل متطوع أميركي يعمل إلى جانب قوات كييف في شرق أوكرانيا، أكد أنه ما زال أمام مسلحيه مسافة 1,46 كيلومتر مربع للاستيلاء على المدينة.
ويقلل مراقبون من شأن فرض روسيا سيطرتها الكاملة على المدينة من منظار استراتيجي، الا أن ذلك سيتيح لموسكو المفاخرة بنصر عسكري بعد سلسلة تراجعات في الأشهر الماضية.
إلى ذلك وقعت الولايات المتحدة واليابان وكندا وغالبية الدول الأوروبية الأربعاء، على آلية لإنشاء سجل بالأضرار الناجمة عن الحرب تمهيداً لمطالبات بتعويضات ودعاوى قضائية ضدّ موسكو، حسبما أعلن مجلس أوروبا المجتمع في أيسلندا.