باستثناء الصين.. كل الأطراف خاسرة في الحرب الروسية الأوكرانية

الأمة برس - متابعات
2023-05-16

باستثناء الصين.. كل الأطراف خاسرة في الحرب الروسية الأوكرانية (ا ف ب)

يرى الباحثان نيلاي سايا ورحمة واديدي أن كل القوى الرئيسية، باستثناء الصين، لم تحرز نصرا واضحا في الحرب الروسية الأوكرانية، التي لا تلوح في الأفق نهاية لها ويستعد العالم للمزيد من إراقة الدماء والدمار في العام الثاني للنزاع الذي بدأ في 24 فبراير/ شباط 2022.

جاء ذلك في تحليل لـ"سايا" الأستاذ المشارك في السياسة العامة والشؤون العالمية بجامعة "نانيانج" التكنولوجية بسنغافورة، وواديدي الباحث بنفس الجامعة، نشرته مجلة "ذا ناشونال إنترست" الأمريكية (The International Interest).

وأضاف الباحثان أنه "منذ أن تولى الرئيس (الأمريكي) جو بايدن منصبه (يناير/ كانون الثاني 2021)، كانت الولايات المتحدة هي الداعم الأكثر ثباتا لأوكرانيا، حيث ضخت أكثر من 75 مليار دولار في شكل دعم إنساني ومالي وعسكري".

وتابعا: "تقدم واشنطن، أو ستقدم في القريب العاجل لكييف، نظم أسلحة متقدمة بينها صواريخ جافلين المضادة للدبابات ومنظومة باتريوت للدفاع الجوي ودبابات أبرامز، كما يقدم شركاء واشنطن الأوروبيون مساعدات لأوكرانيا، بينها دعم مالي وإنساني ودعم للطاقة وللميزانية إضافة إلى المساندة الدبلوماسية".

ولفتا إلى أن "الاتحاد الأوروبي وافق، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، على حزمة تشريعية ستقدم لأوكرانيا دعما ماليا بقيمة 18 مليار يورو خلال العام الجاري".

واستدرك سايا وواديدي: "رغم دعم الغرب غير المحدود لأوكرانيا، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين ليسوا أقرب لطرد روسيا من أوكرانيا مما كانوا عندما اندلعت الحرب، بينما يستنزفون مواردهم"، وتعزو روسيا شنها تلك الحرب إلى أن خطط جارتها أوكرانيا للانضمام إلى شمال حلف الأطلسي (الناتو) تمثل تهديدا للأمن القومي الروسي.

روسيا.. مشاكل عديدة

"على الجانب الآخر للحرب، تواصل روسيا خلق مشاكل من شأنها أن تتسبب في سقوطها، وبينما قاوم الاقتصاد الروسي تأثير العقوبات الاقتصادية الغربية، خسرت موسكو سوق الاتحاد الأوروبي وشهدت هجرة ضخمة للعقول، وزاد اعتمادها على إيران وكوريا الشمالية للحصول على الأسلحة والامدادات، وأصبحت الشريك الأصغر بالفعل للصين"، وفقا لسايا وواديدي.

واعتبرا أن "روسيا فشلت في محاولتها لتجديد هيمنتها على فنائها الأمامي، وأصبح الناتو أكثر اتحادا، وضم فنلندا إليه وفي طريقه لضم السويد، كما سرَّعت الحرب وتيرة الانتقال العالمي صوب الطاقة البديلة؛ مما يشكل تهديدا خطيرا لاقتصاد موسكو القائم على الوقود الأحفوري (النفط والغاز الطبيعي والفحم)".

وتابعا: "وفيما يتعلق بالتكلفة الإنسانية للحرب، يذكر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن القوات الروسية والمجموعة الخاصة من المتعاقدين العسكريين الذين يقاتلون إلى جانبها (فاجنر) خسروا من 60 إلى 70 ألف من مقاتليهم خلال العام الماضي".

أوكرانيا.. الخاسر الأكبر

ومن الواضح أن الخاسر الأكبر في الحرب، وفقا للباحثين، هي أوكرانيا نفسها، "فبعد أن تصدت على نحو بطولي للهجوم الروسي الأولي على كييف، والذي استهدف الرئيس فولوديمير زيلينسكي نفسه، تجد أوكرانيا نفسها الآن تواجه حالة حرب خنادق ضد الروس على غرار الوضع في الحرب العالمية الأولى (1914-1918)".

وزادا بأن "خطوط الجبهات أصبحت ساكنة بشكل كبير على طول مناطق خيرسون وزابوريجيا ودونيتسك ولوهانسك، وقُتل ما لا يقل عن ثمانية آلاف مدني وعشرات الآلاف من الجنود الأوكرانيين".

وأضافا أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صَّعد من سياسة حافة الهاوية النووية، حيث أعلن عن خطط لوضع أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا مع حلول يوليو/ تموز المقبل، وهذه خطوة ستشكل تهديدا وجوديا لبقاء أوكرانيا كدولة".

واعتبرا أنه "رغم أن كييف استطاعت أن تتجنب التعرض لهزيمة، فإنه لا يلوح في الأفق نصر أو من الناحية العملية نهاية للحرب".

الصين.. مكاسب كثيرة

أما بالنسبة للصين، بحسب سايا وواديدي، فهي "الدولة الوحيدة التي تحقق مكاسب من المذبحة.. ظلت بكين بعيدا تبتسم بينما استنزفت الولايات المتحدة مواردها في تدخلات بالشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين، والآن تفعل الشئ نفسه في وقت وجدت فيه واشنطن نفسها متورطة في حرب أخرى طويلة لا يمكن الانتصار فيها".

وتابعا أنه "في الوقت نفسه، ضخت الصين أموالا هائلة للإنفاق على جيشها وتحديث قواتها الجوية والبرية وتوسيع دائرة انتشار قواتها البحرية في شرق آسيا للتصدى للوجود البحري الأمريكي وتحديث مخزونها من الأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية ونظم الإطلاق.. وصنَّاع السياسة الصينيين يدركون أن الغزوات الأمريكية المستمرة والمكلفة ستؤدي فقط إلى جعل ميزان القوة يميل أكثر لصالح بكين".

وزادا بأن "الصين استفادت أيضا من الحرب الأوكرانية في سياستها الخارجية، حيث زادت بشكل مطرد من علاقاتها الاقتصادية مع روسيا، ومن المحتمل أن تزود موسكو بأسلحة وذخيرة، وفقا لخبراء في الشؤون الصينية".

واعتبر الباحثان أنه "من المفارقة أن الغرب أصبح متورطا في حرب ضد روسيا في اللحظة التي كان يتعين عليه فيها أن يعمل على دعم روسيا كثقل موازن ضد صعود الصين".

واستطردا: "بدلا من ذلك، دفع الغرب روسيا إلى الارتماء في أحضان الصين التي كانت تنتظر ذلك مفتوحة الذراعين وترغب في مواصلة "صداقة بلا حدود" مع روسيا التي لديها كل الأسباب للخوف من صين صاعدة".

وختما تحليلهما بأن "الولايات المتحدة أعدت نفسها لمواجهة ضد قوتين عظميين (روسيا والصين)، وهذا موقف لا يعتقد سوى المتفائلون السذج أنها يمكنها الفوز فيه".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي