مدرسة في ضواحي دكار تعلّم الشباب السنغاليين أصول فنّ الغرافيتي

ا ف ب - الأمة برس
2023-05-14

ابراهيم سواماريه خلال حصلة في مدرسة للغرافيتي في ضاحية العاصمة السنغالية دكار في 26 نيسان/ابريل 2023 (ا ف ب)

دكار - تتولى مدرسة لرسوم الغرافيتي الجدارية في إحدى ضواحي دكار تعليم عدد من الشبان السنغاليين أصول هذا الفن الشائع في بلدهم، والذي تنتشر أعماله في شوارع عاصمة هذه الدولة الإفريقية.

يحمل ابراهيم سواماريه قلماً وممحاةً ويبدو متردداً قبل أن يرسم بتأنّ بضعة أحرف على ورقة بيضاء. ثم يمحو ما رسمه لأنّ النتيجة لم ترضه ويعيد الكرّة. إنّه ينجز تمريناً يتمثل في ابتكار رسم غرافيتي بكلمة "توب".

وبابتسامة صغيرة، يقول الشاب السنغالي البالغ 26 سنة والذي ترك دراسته قبل شهرين ليتسجّل في مدرسة "آر بي اس أكاديميا" لتعلّم الغرافيتي في غيدياواي بضواحي دكار، "إنّ المسألة ليست سهلة، خصوصاً لشخص مبتدئ مثلي".

ويؤكد سيرينيه منصور فال الملقّب بمادزو، وهو أحد العناصر الـ25 التأسيسيين للمدرسة، أنّ الأخيرة التي أُنشئت في كانون الأول/ديسمبر 2021 لا مثيل لها في السنغال أو إفريقيا. ويوضح أنّ الهدف منها هو أن تكون "مكاناً للاجتماع وتبادل الخبرات والمعارف".

ويتمثل الهدف من ذلك في "تدريب شباب مهنيين" ليكونوا "نافعين" للمجتمع ويساعدوا الناس على "إدراك التحديات السائدة في عصرهم".

والرسوم الجدارية المعروفة بالغرافيتي هي جزء من مشهد داكار وضواحيها حيث تثير الثقافة الشعبية اهتمام نسبة كبيرة من الفئة الشابة.

وظهرت الغرافيتي في السنغال خلال أواخر ثمانينات القرن العشرين تزامناً مع ظهور حركة عفوية للشباب هي "سيت-سيتال" ("نظيف وأنظّف"). وكان أعضاء هذه الحركة يكافحون الظروف غير الصحية في العاصمة وضواحيها، وكانوا بعد تنظيفهم الأحياء، يرسمون صوراً لمرابطين على الجدران ليثنوا السكان عن إعادة رمي نفاياتهم في الشوارع، على حد قول مادزو.

ويشير إلى أنّ الغرافيتي الذي كان يُعتبر في السابق "عملاً للكسالى ولا يمكن للمرء أن يعتاش منه"، بات يحظى راهناً بالتقدير.

وتنتشر اللوحات ورسوم الغرافيتي الجميلة والملوّنة في أروقة مبنى المدرسة المكوّن من طبقتين، فمنها ما يُظهر رجلاً عجوزاً ذا لحية بيضاء، تنبت من رأسه نبتة صغيرة تحوي أزهاراً من الصدف. ويقول مادزو "إن الرجل يرمز إلى الوحدة الإفريقية".

وتزيّن حروف كبيرة باللونين الوردي والأخضر جدار  مدخل الصف الذي هو عبارة عن مكان يحوي طاولة كبيرة ولوحات على الحائط. ويشير سوماريه إلى أنّ الكلمة التي يصعب إنجاز رسم غرافيتي بها هي "ستايل" ("أسلوب")، ويقول باسماً "واجهت صعوبة في قراءتها أيضاً".

- التحلّي بالصبر والقوة -

وكان الدرس في ذلك اليوم يتمحور على مفهوم الفن، أي كيفية التعبير عن فكرة ما وتجسيدها من خلال الألوان، على ما يوضح فنان الغرافيتي شريف طاهر ديوب، المعروف بـ"أكونغا" والذي بات يمارس مهنة التدريس. ويقول "نحن لسنا في مدرسة تقليدية، فكل الدروس تُعطى ببساطة".

وترك ليباس سار (18 عاماً) وموريس ديوف (25 عاماً) بدورهما مقاعد الدراسة للالتحاق بـ"آر بي اس أكاديميا". ويُفترض أن يتلقى تلاميذ المدرسة ثلاثة دروس أسبوعياً بين النظري والتطبيقي على مدى ستة أشهر، فيما يشكلون الدفعة الثالثة التي تتخرج من المدرسة، وسيحصلون عقب ذلك على شهادة لا تعترف بها السلطات السنغالية.

وتبلغ رسوم التسجيل في المدرسة 25 ألف فرنك إفريقي (نحو 43,7 دولاراً) بالإضافة إلى 15 ألف فرنك إفريقي (نحو 25,13 دولاراً) يدفعها الطلاب شهرياً.

وتشكل المدرسة النشطة جداً عبر مواقع التواصل، مشغلاً فنياً أيضاً. ويلفت مادزو إلى أنّ بعض الفنانين الأجانب يقيمون فيها احياناً للمشاركة في معارض أو لتبادل خبراتهم.

مادزو (36  سنة) الذي بدأ يتعلّم الرسم الغرافيني من كبار السن في حيّه منذ أن كان في السابعة، يُعد من بين أبرز فناني فن الشوارع هذا بالسنغال. ويقول إنه ملتزم بالوقوف إلى جانب الشعوب ولا يتردد في اتخاذ المواقف.

وفي اليوم الذي أعقب أعمال شغب أودت بحياة عشرات الأشخاص في العام 2021، جرى التداول عبر مواقع التواصل برسم جداري من مجموعته.

ويظهر في الرسم الرئيس ماكي سال وهو يرتدي بزة بألوان العلم الفرنسي ويطلق النار على شاب. وتم محو الرسم سريعاً وفي ظروف غامضة. ومذاك، يؤكد مادزو أنه يتعرض لضغوط سياسية من السلطات.

والتحق تلاميذه بالمدرسة مدفوعين بشغفهم، رغم علمهم بأنّ الفرص في هذه المهنة محدودة. ويأمل هؤلاء في أن يختبروا يوماً ما النجاح نفسه الذي حققه مادزو، ويحلمون بالسفر لإظهار موهبتهم خارجاً. ويقول أكونغا "ينبغي التحلّي بالصبر والقوة".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي