
في يوم السبت، توج الملك تشارلز الثالث أخيرا، وأصبح الرمز المركزي في الدراما الملكية الطويلة وإن ليوم واحد، لكن السؤال هل سيظل نجم الدراما؟
يجيب جيمس بونيزويك في صحيفة “نيويورك تايمز” قائلا: “كان من الصعب إحداث تغيير حقيقي في المسلسل الدرامي الطويل، لكن حلقة السبت كانت خاصة وبعناصر من “العرش” (مسلسل درامي) و”الخلافة” (مسلسل)، حيث أصبح الملك تشارلز الثالث، النقطة المركزية في الفرقة، وإن ليوم واحد”.
وعادة ما يكون تتويج الحكام البريطانيين، طقسا سياسيا ومراسيم دينية. ولكنه أيضا عرض تلفزيوني، كما في حالة تتويج الملكة إليزابيث الثانية عام 1953، وهي مفارقة تاريخية، لتأكيد المقدس الذي تم تشكيله، بحيث صار فيه الحكام الوراثيون مضطرين أن يظهروا أهميتهم وعلاقتهم بالعصر الإلكتروني.
وكان تتويج الملك تشارلز، عرضا مبهرا مليئا بالألون، وعرض مجد الطاووس للتقاليد البريطانية، من الأجراس وصفارات القرن الحادي والعشرين. وأظهر البريطانيون أجمل ما لديهم من الملابس والأزياء وأهم المقتنيات القديمة في يوم ماطر. وقدمت شبكات التلفزة كل الروعة التي يمكن للكاميرا تصويرها، بل كان هناك صورة بالأشعة السينية لويستمينستر آبي، وتمت الإشارة إلى “عرض خيالي” أكثر من مرة. إلا أن العروض الخرافية عادة ما تحمل رسالة. وهذا العرض، لديه الكثير، منها: تمرير استمرارية وتصوير الملكية بأنها لا تزال حديثة ومتطابقة مع الواقع المعاصر، وكذا إعادة تأطير السرد بشأن العائلة المالكة، وتقديم تشارلز ليس كقائد ولكن كمسار.
وهذا طموح كبير، فلم يكن تشارلز في حياته نجما، فهو ملك منذ عدة أشهر، مع أنه رمز دولي منذ عقود. وقصته كانت عن أمه وزوجاته وأولاده. وطوال العصر التلفازي، كانت والدته ممثلا للملكية. وكان زواجه من الأميرة ديانا أهم حث تلفازي في القرن العشرين. لكنه كان مرتبطا بقصة “تشارلز وديانا” مع أن الأميرة هي التي كانت المهمة في القصة.
وهو اليوم رمز ثانوي، في مسلسل درامي حلقاته متواصلة، مركزها شقيقه الذي سقط وأهين، وابنه وزوجته الأمريكية اللذين توترت علاقاتهما بالعائلة المالكة.
وفي يوم السبت، كان الملك تشارلز هو المركز، ولكن كئيبا بل ويشعر بالثقل، وتم تقديم كل قطعة من موروثات الملكية في يوم تتويجه، السيف والعباءات. وبدت الملكة كاميلا التي ظلت مبتسمة طوال الحفل، مستمتعة بما يجري حولها. وربما كانت اللحظة الأكثر ملاءمة عندما تم دهن تشارلز بالدهن خلف شاشة من الألوان المطرزة بشكل باذخ.
وكانت الشاشة من أجل حماية لحظة مقدسة بين الله والملك، وكذا إظهار غرابة علاقة الملك بالنجومية، عمل مسرح حميمي تم عرضه أمام جمهور من الملايين. وحتى ركوبه عربة مذهبة كان رمزا من الروعة غير المريحة. وعلى قناة “بي بي سي”، ناقش الضيوف التحديات والمخاطر لركوب العربة والملك ترتدي طبقات من القماش الباذخ.
وعلى الجانب الآخر من الأطلنطي، كان لشبكات التلفزة أشياء أخرى للتركيز عليها، بعد قرنين ونصف من الثورة، حيث بدا التتويج كحفلة أزياء لأعضاء العائلة المالكة. وركزت التلفزة الأمريكية على وجود ابن تشارلز، الأمير هاري. وتساءلت عن سبب غياب زوجته، ميغان ماركل، وسبب تقاعدهما من الواجبات الملكية. وحتى في الوقت الذي كان فيه الملك والملكة يتجهزان للعودة إلى باكنغهام بالاس، انشغل مصور شبكة “سي أن أن” بالبحث عن مكان هاري على هوامش الحفل.
وتم تقديم حفل التتويج وعرضه بطريقة واعية من أجل تقديم صورة حاضرة عن ملكية حديثة وشاملة، تريد التخلص من إرثها الاستعماري، وغنت فرقة غوسبل ترانيم هاليوليا إلى جانب ترانيم أخرى.
لكن ظهور هاري بزيّه المدني كان إشارة عن الشق بين التقليدي والمعاصر، ولا يمكن تخفيفه بعرض ملكي. وحتى مع ظهور الملك على شرفة قصر باكنغهام ليحيي الجماهير في يوم ماطر، كان اهتمام الصحافة هو البحث عن هاري وغيابه عن الشرفة.
واستطاعت الملكة إليزابيث النجاة من الحوادث الدرامية داخل العائلة، وهذا راجع في جزء منه لشعبيتها التي بنتها من خلال الإعلام، بدءا من التتويج عبر التلفاز الذي قدمها كامرأة شابه تتولى منصبا كبيرا. وبالمقارنة، فتشارلز مشهور وهو رجل إعلام لديه مواقف، بدون صورة النجم، وربما لم يكن لديه الوقت الكافي لبنائها. وأصبح لديه لقب، وإن لم يكن الملك نجما، فالمراسيم أرادت إظهار أن التاج موجود دائما.