يواجه اتهامات جنائية.. "إدانة ترامب والقبض عليه".. القصة الكاملة لما يواجهه الرئيس السابق وتداعياته “الكارثية” على أمريكا

متابعات - الأمة برس
2023-03-21

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب (أ ف ب)

يواجه دونالد ترامب اتهامات جنائية تتعلق بمزاعم حول دفعه أموالاً لإسكات نجمة أفلام إباحية كانت تنوي نشر تفاصيل علاقة جمعتهما، وقد ينتج عن ذلك القبض عليه هذا الأسبوع، فماذا يعني ذلك لترشح الرئيس السابق للانتخابات المقبلة؟

أنباء القبض المتوقع على ترامب جاءت على لسان الرئيس السابق نفسه، حيث نشر السبت 18 مارس/آذار، منشوراً على منصة تروث سوشيال للتواصل الاجتماعي، وهي المنصة التي يمتلكها، قائلاً إنه يتوقع أن تلقي السلطات القبض عليه يوم الثلاثاء 21 مارس/آذار، ودعا أنصاره للاحتجاج.

وكتب ترامب في منشوره: "هناك تسريبات غير قانونية من مكتب المدعي العام الفاسد والمسيس للغاية في مانهاتن، الذي أتاح الفرصة لجرائم العنف لتصل إلى أرقام قياسية، ورئيسه المُمول من جورج سوروس، تشير إلى أنه سيتم اعتقال المرشح الجمهوري الرئيسي، والرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية، يوم الثلاثاء من الأسبوع المقبل. احتجوا، استعيدوا أمتنا!". وذلك رغم عدم وجود جريمة يمكن إثباتها، واستناداً إلى قصص قديمة تم فضحها بالكامل (من قبل العديد من المدعين العامين الآخرين!).

ما تفاصيل ورطة ترامب القانونية هذه المرة؟

ذكرت مصادر أن ألفين براغ، المدعي العام لمنطقة مانهاتن في نيويورك، قدّم أدلة لهيئة كبار المحلفين في نيويورك على أن ترامب دفع مبلغاً قدره 130 ألف دولار لنجمة الأفلام الإباحية، ستورمي دانيالز، في أواخر الحملة الانتخابية الرئاسية عام 2016، مقابل سكوتها عن علاقة زعمت الممثلة أنها جمعتها بترامب.

كان ترامب قد نفى وجود أي علاقة مع دانيالز، واسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد، واتهمها، عن طريق محاميه، بالابتزاز. وترجع وقائع القصة إلى عام 2016 عندما اتصلت دانيالز بوسائل إعلام أمريكية، عارضة عليها بيع قصتها حول ما قالت إنها علاقة جنسية ربطتها بدونالد ترامب في عام 2006.

وعندما علمت حملة ترامب بالأمر، قام محاميه، مايكل كوهين، بدفع مبلغ 130,000 دولار للسيدة دانيالز لكي تلتزم الصمت. هذا الأمر في حد ذاته لا يمثل مخالفة قانونية. لكن لاحقاً، يزعم أن ترامب قام بسداد المبلغ إلى كوهين على دفعات، وتظهر سجلات الدفع أن تلك المبالغ دفعت بهدف سداد رسوم قانونية.

وهنا يقول الادعاء أن هذا الأمر يعتبر تزويراً في سجلات أعمال ترامب، وهذا يمثل مخالفة أو جنحة جنائية بحسب قوانين ولاية نيويورك. وإضافة إلى هذه المخالفة أو الجنحة، قد يقدم الادعاء أيضاً لترامب اتهاماً بأنه انتهك القانون الانتخابي، على أساس أن محاولته إخفاء علاقته بدانيالز تم بهدف إخفاء الأمر عن الناخبين، وبالتالي فإن تزوير السجلات المالية يعتبر جريمة أشد خطورة.

وفي حالة إدانة ترامب بهذه التهم، فالعقوبة تتراوح بين الغرامة المالية إذا كان الاتهام جنحة وبين السجن لمدة أقصاها 4 سنوات إذا كان الاتهام جنائياً. فما مدى احتمال إدانة ترامب في المحاكمة من الأساس؟ الأمر الوحيد الذي يجمع عليه الفريقان، المؤيد لمحاكمة ترامب والرافض لها والمندد بها، هو أن القضية معقدة للغاية وإثبات التهمة من جانب الادعاء مسألة ليست سهلة، إضافة إلى أن مدة المحاكمة قد تستمر لعام أو أكثر على أقل تقدير.

فتاريخ المحاكمات الأمريكية يحمل سوابق ضئيلة لمثل هذه المحاكمة، وباءت جميع المحاولات السابقة لتوجيه اتهام لسياسيين بعبور الخط الفاصل بين تمويل الحملات الانتخابية والإنفاق الشخصي بالفشل.

ما موقف الجمهوريين من القبض على ترامب؟

يعتبر الرئيس السابق أن الاتهامات مفبركة والقضية برمتها تقف وراءها دوافع سياسية هدفها حرمانه من الترشح في السباق الانتخابي 2024، أو على الأقل التأثير على فرصه في الفوز، والتي يزعم أنها محسومة بسبب شعبيته الجارفة.

ويمكن القول إن غالبية المشرعين والسياسيين وقيادات الحزب الجمهوري هبوا للدفاع عن ترامب ويتفقون معه تماماً في أن المحاكمة سياسية بامتياز. بل إن كيفين مكارثي، رئيس مجلس النواب وأحد قيادات الحزب الجمهوري وأبرز داعمي ترامب، أمر على الفور بفتح تحقيق بشأن ما إذا كانت جهات التحقيق قد أساءت استخدام أموال دافعي الضرائب لمواصلة "مطاردة الساحرات" تلك، بحسب وصفه، على ما أفاد تقرير لشبكة Foxnews اليمينية.

وكتب مكارثي على تويتر: "ها نحن نذهب مرة أخرى أمام إساءة استخدام مخزية للسلطة من قبل مدعٍ عام راديكالي، يسمح للمجرمين العنيفين بالسير بحرية في الشوارع، بينما يسعى للانتقام السياسي من الرئيس ترامب".

مايك بنس، نائب ترامب سابقاً وأحد المرشحين المحتملين للرئاسة أيضاً، انتقد فكرة اعتقال ترامب الوشيكة، قائلاً إن هذه الخطوة تصرُّف يعبر عن "محاكمة مشحونة سياسياً"، بحسب Foxnews.

وإذا ما وجهت السلطات اتهامات لترامب، فسيكون أول رئيس أمريكي سابق يخضع للتقاضي باتهامات جنائية. وتُظهر استطلاعات رأي أنه متقدم على منافسيه المحتملين لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة، ومن بينهم حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس الذي يتوقع بشكل كبير أن يخوض سباق الترشح.

لكن ترامب أصبح بالفعل صاحب الرقم القياسي في السوابق التاريخية، فهو أول رئيس سابق يتعرض منزله للاقتحام والتفتيش من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالي، في إطار مذكرة تفتيش أصدرها النائب العام لاسترجاع "وثائق سرية" كان قد نقلها من البيت الأبيض إلى مسكنه الخاص، وهي مخالفة قانونية جسيمة بطبيعة الحال.

إذ كانت مداهمة منتجع مارالاغو، وهو منزل الرئيس السابق، لا تزال حدثاً بارزاً داخل وخارج الولايات المتحدة، فالغارة التي وقعت الإثنين 8 أغسطس/آب 2022، سابقة لم تحدث في التاريخ، حيث قامت قوات الأمن بمداهمة مقر إقامة ترامب وفتَّشته وصادرت عشرات الصناديق من الوثائق، التي تحمل تصنيف "سري للغاية".

كما أن ترامب ملاحَق من جانب الأجهزة القضائية الفيدرالية لعدد من الأسباب، منها ما يتعلق بالتهرب الضريبي، ومنها ما يتعلق باقتحام أنصاره الكونغرس الأمريكي يوم 6 يناير/كانون الثاني 2021، لكن تلك الغارة التي نفذتها قوات مكتب التحقيقات الفيدرالي غير مرتبطة بأي من ذلك، بل بشأن نقل الرئيس السابق مستندات مصنفة على أنها "سرية للغاية" من مكانها داخل البيت الأبيض إلى منزله الخاص.

ما تأثير إدانة ترامب على ترشحه في الانتخابات؟

يقول خبراء قانونيون إن أي محاكمة لترامب، بغض النظر عن القبض عليه خلال هذا الأسبوع من عدمه، لن تبدأ ربما قبل أكثر من عام، وقد تتزامن مع الأشهر الختامية للحملة الانتخابية لرئاسة البيت الأبيض في 2024، والتي يسعى فيها ترامب للعودة إلى المكتب البيضاوي.

فما يواجهه ترامب هذا الأسبوع معروف بلائحة الاتهام، وهي عبارة عن إشعار رسمي يتهم فيه المدعون العموميون شخصاً ما بارتكاب جريمة، ويحوي معلومات أساسية عن التهم الموجهة إليه.

وكي يتمكن المدعي العام من استصدار لائحة اتهام جنائية، يعرض قضيته ضد هذا الشخص أمام هيئة محلفين كبرى، وفقاً لوزارة العدل الأمريكية. وقد يُستدعى الشهود للإدلاء بشهادتهم أمام هيئة المحلفين الكبرى وتُقدَّم الأدلة خلال جلسة أو جلسات مغلقة.

وبعد الاستماع إلى المدعي العام والشهود، تجري هيئة المحلفين الكبرى تصويتاً سرياً لتقرير إن كانت الأدلة المتوفرة كافية لإصدار لائحة الاتهام. ولو قررت هيئة محلفين كبرى أن الأدلة غير كافية، لا تصدر لائحة اتهام.

وجميع الإجراءات التي وقعت أمام هيئة المحلفين الكبرى، والتي، على سبيل المثال في قضية فيدرالية، تتكون عادة من 16 إلى 23 عضواً، تظل سرية. ومن الضروري أن يوافق ما لا يقل عن 12 عضواً في هيئة المحلفين الكبرى على إصدار لائحة اتهام.

ويقول المحامون إن عبء إثبات الأدلة ليس كبيراً على هيئة المحلفين الكبرى، لأن إجراءاتها لا تحدد إدانة أو براءة؛ بل هي مجرد إجراء لتحريك القضية ودفعها إلى المحاكمة في النهاية، بحسب تقرير لصحيفة The Independent البريطانية. وإذا أقرت هيئة المحلفين لائحة الاتهام، فبإمكان المدعي العام بعد ذلك إحالة القضية إلى جلسة استماع تُعقد أمام قاضٍ. وفي جلسة الاستماع، يتلو القاضي التهم الموجهة للمدعى عليه والعقوبات القصوى لهذه التهم.

وفي هذه المرحلة، بإمكان المدعى عليه أن يعترف بالتهم الموجهة إليه أو ينكرها أو يدخل في اتفاق إقرار بالتهمة مع المدعين. فلو أنكر المدعى عليه التهم الموجهة إليه، ستستمر القضية وسيحدد القاضي مبلغ كفالة، وموعد جلسة استماع قبل المحاكمة وموعد المحاكمة.

ويُعيَّن محامي دفاع للمتهم. وتنتقل القضية بعد ذلك إلى مرحلة الدراسة، التي تتضمن الاطلاع على التقارير وأقوال الادعاء والشهود والأدلة التي ستُقدم إلى هيئة محلفين في محاكمة.

وهنا يأتي السؤال الذي يدور في أذهان الجميع: ماذا سيحدث لترامب في انتخابات 2024؟ وهل سيكون قادراً على المشاركة فيها، إذا ما تم توجيه اتهام جنائي إليه؟ والإجابة تأتي من الدستور والقوانين الأمريكية، وهي باختصار: لن يحدث تغيير لا على سير الانتخابات ولا على فرص ترامب في المشاركة فيها.

إذ لا توجد أي قيود في الدستور الأمريكي تمنع أي شخص متهم أو مدان بارتكاب جريمة، أو حتى يقضي عقوبة خلف القضبان، من الترشح للرئاسة أو الفوز بها. وحتى لو حوكم ترامب وأدين في إحدى ما يسمى بـ"المحاكمات السريعة"، التي أشاد غير مرة بتفعيل الحكومة الصينية لها في قضايا المخدرات، لا يزال بإمكانه إدارة حملته الرئاسية بأكملها من زنزانته.

هل يمكن أن يستفيد ترامب سياسياً مما يحدث؟

لكن ما ليس واضحاً بالقدر نفسه هو ما سيحدث لو فاز بالانتخابات في هذه الحالة. فمثلما لم يضع الدستور قيوداً على الشخص الذي يرشح نفسه وهو مدان، لم يفسر ما سيحدث في حالة فوزه. فلم يذكر الدستور إن كان ترامب سيُمنح تلقائياً إفراجاً مؤقتاً من السجن، باستثناء احتمال أن تكون أي اتهامات فدرالية، إن كانت لا تزال قيد المحاكمة في الوقت الذي يتولى فيه ترامب الرئاسة للمرة الثانية، قد أسقطت لرفض وزارة العدل محاكمة أي رئيس يشغل المنصب.

لكن التهم على مستوى الولاية، وهي التي يُحتمل أن تُوجَّه لترامب، أكثر تعقيداً، ولن تدخل ضمن نطاق سلطات ترامب في العفو في حال إدانته. ولو أُدين ترامب بتهم على مستوى الولاية وفاز بالانتخابات في الوقت نفسه، فمن المرجح أن يعقب ذلك معركة قانونية ضخمة للتوصل إلى طريقة تمكنه من قطع فترة عقوبته.

ولو لم يتمكن ترامب من ذلك، فمن شبه المؤكد أنه سيُعزل أو يُعفى من منصبه بموجب التعديل الخامس والعشرين، الذي يسمح لمجلس الوزراء بإقالة رئيس عاجز عن أداء واجباته الرئاسية التي لا يمكن أداء الكثير منها من زنزانة السجن، مثل الاطلاع على المواد السرية، على سبيل المثال لا الحصر.

وتظل أي إدانة لترامب احتمالاً بعيداً. لكن المناقشات التي رافقت ترشحه للرئاسة رغم مواجهته لعدد من التحقيقات الجنائية نقلت أجزاءً من القانون الدستوري الأمريكي من خانة النظرية إلى الواقعية بدرجة أكبر بكثير من التي تصورها عديد من الخبراء.

على أية حال، يرى كثير من المراقبين والشخصيات العامة أن اعتقال ترامب وإدانته وخضوعه للمحاكمة على الأرجح سيصب في صالحه سياسياً، بل إن الرئيس التنفيذي لشركة تويتر، إيلون ماسك، توقع أن يفوز دونالد ترامب "بأغلبية ساحقة" في ‏الانتخابات الرئاسية لعام 2024، إذا تم توجيه الاتهام إليه، أو ربما اعتقاله أو رؤيته "مكبل اليدين". وكتب ماسك على تويتر: "إذا تم توجيه اتهامات جنائية لترامب، فسيعاد انتخابه بانتصار ساحق" في الانتخابات الرئاسية المقبلة 2024.

ونشرت شبكة CNN الأمريكية تحليلاً عنوانه "لماذا ستكون لإدانة ترامب تداعيات سياسية ووطنية هائلة"، رصد الموقف غير المسبوق الذي يواجه السياسة الأمريكية، في ظل دعوة ترامب أنصاره للتظاهر احتجاجاً على اعتقاله المحتمل، وكيف أن ما قد يحدث على الأرجح سيفوق في خطورته اقتحام الكونغرس الأمريكي عام 2021 رداً على خسارة ترامب الانتخابات أمام جو بايدن.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي