يديعوت: إسرائيل في وقت تضعضع العلاقات مع أمريكا.. لفين أم النووي الإيراني؟

2023-03-20

كان نتنياهو يود الفصل بين الموضوعين. مثلما قال أمس في مستهل جلسة الحكومة، إيران في جهة، والإرهاب في جهة (ا ف ب)

 كان في إسرائيل ما قبل الروتمانية واللفينية مفاهيم لا اختلاف عليها، أما الآن فلم تعد كذلك. كل من يأتي إلى المظاهرات يعرف القائمة: ديمقراطية، سلطة القانون، حماة الحمى، جيش واحد، جهاز قضاء مستقل، ويجدر بنا إضافة لاعب آخر لهذه القائمة المحترمة: الولايات المتحدة. السحابة التي تحوم فوق منظومة العلاقات مع أمريكا ليست ملموسة بعد في كل بيت في إسرائيل، لكنها ملموسة في مكتبي رئيس الوزراء ووزير الدفاع، وفي كل أذرع الأمن. لكل هؤلاء الأشخاص أسباب وجيهة للخوف.

لقد ولد التشريع المناهض للديمقراطية والاحتجاج ضده مفاجآت عديدة. فاجأ مدى الثورة وتطرفها، العدد الذي لا يعقل (124) لمشاريع القوانين الجديدة، والوقاحة، والفساد، وتصميم رواد الانقلاب على السير إلى الأمام، بخلاف إرادة أغلبية الناخبين؛ فاجأ حجم الاحتجاج أكثر من ذلك. المثابرة والحضور العالي للشباب فيه. لم يكن انقلاب كهذا، ولا احتجاج أيضاً.

يدا جو بايدن مليئتان بمواضيع داخلية وأخرى خارجية. لا يملك في هذه اللحظة اهتماماً بفتح جبهة مع حكومة إسرائيل. لا فيما يتعلق بسياسة الحكومة في “المناطق” ولا فيما يتعلق بإضعاف المؤسسات الديمقراطية داخل إسرائيل. وقد وجد طريقاً خاصاً به لمعاقبة نتنياهو: أمر إبعاد. ينتظر نتنياهو دعوة من واشنطن، ولا تأتي. كانت مكالمتان هاتفيتان، إلى جانب مكالمة أمس ربما ثلاثة. هذه وليس أكثر. اغتراب كهذا لم يشهده نتنياهو ولا حتى تجاه رؤساء مثل كلينتون وأوباما، رغم أنه تآمر ضدهم في بيتهم في واشنطن. أمريكا، وطنه الثاني، مغلق في وجهه – لأنه لا يوجد بيت أبيض ولا “آيباك” أيضاً، ولا كونغرس أو إفنجيليون، ولا يوجد يهود. من جهة أخرى، يرى نتنياهو أمريكا ولا يتمكن من الوصول إليها.

نتابع بدهشة نزعات السفر التي ألمت بنتنياهو. بداية روما، بعد ذلك برلين والآن لندن. تبدو هذه للبعض مثل إجازات ليست في أوانها؛ وللآخرين كالهرب. قد نرى في هذه السفريات تعويضاً أيضاً: لما كانوا يمنعون عنه السفر إلى أمريكا، فإنه يطير إلى تلك المقاصد التي توافق على استقباله.

كل هذا يحصل فيما تستعد إسرائيل والولايات المتحدة لعملية عسكرية محتملة ضد إيران. أجرى وزير الدفاع أوستن هنا زيارة عاجلة، ومثله رئيس الأركان الأمريكي الجنرال ميلي. طيارو سلاح الجو يتدربون مع طيارين أمريكيين في نيفادا. تستمر النشاطات لأن للإدارة في هذه اللحظة مصلحة في أن يرى الإيرانيون بأن الخيار العسكري على الطاولة. وحسب أحد المصادر، عرض أوستن على إسرائيل خطة متداخلة. وحسب المصدر إياه، رفض نتنياهو تبني الخطة، ربما عن حق: كل رؤساء وزراء إسرائيل تحفظوا من خطط متداخلة مع الأمريكيين خوفاً من أن يوقف رئيس الولايات المتحدة العملية في لحظة الأمر. يتبين العناق الأمريكي كعناق دب.

في مثل هذه المفترقات معنى هائل لعلاقات الثقة بين الرئيس ورئيس الوزراء. في الأحاديث الثنائية، في الغرفة البيضوية، يمكن الوصول إلى تفاهمات هادئة، سرية، من إيران وحتى رام الله. حاول نتنياهو أمس إقناع بايدن بأنه وحكومته ينثنيان دائماً في الموضوع الفلسطيني. لكن لا ثقة أو استعداد من واشنطن لإخفاء انعدام الثقة. وإذا كان البيت الأبيض يتردد في هذا الموضوع، فلأنه لم يحن الوقت لإعطاء تعبير ملموس أكثر للنقد على نتنياهو وحكومته.

كان نتنياهو يود الفصل بين الموضوعين. مثلما قال أمس في مستهل جلسة الحكومة، إيران في جهة، والإرهاب في جهة، والفوضى- هكذا يسمون الاحتجاج – في جهة. لكن الفصل لا يعيش إلا في خياله.

وهذه أيضاً مفاجأة، مفاجأة كبرى: كل من وقف في رأس ذراع أمني في إسرائيل في العقود الأخيرة، وكل من عينه نتنياهو في منصب، فقد وقّع في الأسابيع الأخيرة على عريضة ضد الخطوة المناهضة للديمقراطية. ثلاثة عللوا قرارهم في مقابلات صحافية بارزة: تمير باردو ونداف ارغمان في “عوفدا”، وايلانا ديان زئيف شنير في مقابلة مع نداف أيال في “7 أيام”.

 إن الحساسية التي يبديها كبار رجالات جهاز الأمن المتقاعدين لمتانة النظام الديمقراطي تبعث على التقدير. يبدو أنهم قلقون بقدر لا يقل من ظاهرتين مرافقتين: الأولى، مظاهر تمرد الضباط ورجال الاحتياط في الوحدات الأكثر نوعية في الجيش الإسرائيلي؛ والأخرى تضعضع التحالف العسكري مع أمريكا.

يعرفون ما يميل الإسرائيليون إلى كبته: لا أمل في وقف إيران في الطريق إلى النووي إلا بمساعدة أمريكا. يبدأ هذا بإسناد دولي لأعمال إسرائيلية وينتهي بالطائرات الشحن بالوقود والقنابل وقطع الغيار. ثمة صلة واضحة ومقلقة بين قدرة إسرائيل على كبح إيران وردعها وبين الثورة النظامية للفين وروتمان نتنياهو ودرعي. كلما تقدم الانقلاب ابتعد الردع. ربما نقول هذا بهذه الطريقة أيضاً: كلما اقتربت إسرائيل بنظامها من إيران، تضعف في حربها ضد إيران.

 

بقلم: ناحوم برنياع

 يديعوت أحرونوت 20/3/2023







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي