المعركة السياسية تستمر بعد تمرير ماكرون قانون إصلاح التقاعد من دون تصويت في الجمعية الوطنية

ا ف ب - الأمة برس
2023-03-17

مشهد من الاحتجاجات على تمرير الحكومة الفرنسية مشروع إصلاح نظام التقاعد من دون تصويت في الجمعية الوطنية، في باريس في 17 آذار/مارس 2023 (ا ف ب)

باريس - شهدت مناطق مختلفة في فرنسا اضطرابات صباح الجمعة، غداة تمرير قانون إصلاح نظام التقاعد من دون التصويت عليه في الجمعية الوطنية، الأمر الذي يُضعف موقف الرئيس إيمانويل ماكرون وسط استعادة الاحتجاج زخمه في الشوارع وفي الجمعية الوطنية.

وفي باريس، تجمّع حوالى مئتي متظاهر بدعوة من نقابات الاتحاد العمّالي العام (CGT) النافذ، وعرقلوا حركة المرور صباح الجمعة على الطريق الدائري غداة أمسية شهدت أعمال عنف. ومساء الخميس، خرجت تظاهرة عفوية شارك فيها آلاف الأشخاص في محيط ساحة الكونكورد بالقرب من مقر الجمعية الوطنية. وتمّ اعتقال أكثر من 300 شخص الخميس بينهم 258 في باريس وحدها، وفق ما أعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان مساء لشبكة إر تي إل.

وجرت تظاهرات متفرّقة تمّ خلالها قطع طرق مؤدّية إلى مدارس، غداة قرار الرئيس إيمانويل ماكرون اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور لتمرير هذا الإصلاح الذي لا يحظى بشعبية، والذي تحرّك الكثير من الفرنسيين ضدّه منذ 19 كانون الثاني/يناير.

واختارت الحكومة الفرنسية رفع سنّ التقاعد القانوني استجابة للتدهور المالي الذي تشهده صناديق التقاعد ولشيخوخة السكان.

وفرنسا من الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سن للتقاعد من دون أن تكون أنظمة التقاعد قابلة للمقارنة مع غيرها من الدول بشكل كامل.

- على أهبّة الاستعداد -

يبرز شبه إجماع على اعتبار اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور لتبنّي مشروع القانون من دون تصويت في الجمعية الوطنية، نكسة بالنسبة إلى ماكرون الذي رَهَن رصيده السياسي في سبيل هذا الإصلاح جاعلاً منه أبرز مشاريع ولايته الرئاسية الثانية. 

ويسمح هذا الإجراء بتبنّي نصّ من دون التصويت عليه في الجمعية الوطنية، ما لم يؤدِّ اقتراحٌ بحجب الثقة إلى الإطاحة بالحكومة. 

وتعيش حكومة رئيسة الوزراء إليزابيت بورن في حالة من التأهّب، بانتظار أن تقدّم المعارضة اقتراحاً أو أكثر لحجب الثقة قبل الساعة 2,30 مساءً بتوقيت غرينتش.

ومن المرجّح أن يسبّب أحد هذه المقترحات الذي قدّمته مجموعة وسطية صغيرة في البرلمان غير معروفة للرأي العام -  مجموعة الحريات والمستقلّين وما وراء البحار والأقاليم LIOT - المشكلة الأكبر للحكومة لكونه "عابراً للأحزاب".

وقال زعيم المجموعة برتراند بانشي للصحافة، إنّ "التصويت على هذا الاقتراح سيجعل من الممكن الخروج من أزمة سياسية عميقة". غير أنّه أعرب عن أسفه لأنّ "الزملاء في حزب الجمهوريين لن يوقّعوا عليه".

من جهته، شجّع زعيم حزب فرنسا المتمرّدة (يسار راديكالي) جان لوك ميلانشون على "التحرّكات العفوية في كلّ البلاد"، معلناً أنّ حزبه سيقوم بـ"سحب" اقتراحه لحجب الثقة لصالح الاقتراح المقدّم من مجموعة "ليوت" (LIOT). ويعوّل البعض على أن يصوّت عليه نوّاب من اليمين معارضون لإصلاح نظام التقاعد.

ويأتي ذلك فيما أعلن حزب "التجمّع الوطني"، الذي يخطّط لتقديم مقترحٍ أيضاً، أنّه سيصوّت على جميع مقترحات حجب الثقة.  

بالتالي، يقع مصير الحكومة، التي تستند إلى أغلبية نسبية في الجمعية الوطنية، في أيدي حوالى ستين نائباً من المجموعة اليمينية التقليدية (حزب الجمهوريين). فلو أُضيفت أصواتهم إلى أصوات جميع نواب المعارضة الآخرين، سيصلون بذلك إلى الأغلبية المطلقة المتمثّلة في 577 نائباً، والتي يمكنها إسقاط السلطة التنفيذية. 

- "مواصلة الحكم" -

من جهته، حذّر زعيم مجموعة "الجمهوريين" إيريك سيوتي الخميس من أنّ نوّاب حزبه لن يصوّتوا على "أيّ من مقترحات حجب الثقة". لذلك، يبدو إسقاط الحكومة هدفاً صعباً للمعارضة، بينما من الممكن أن يتسبّب متمرّدون في إرباك السلطة التنفيذية.

وسيتمّ التصويت على المقترحات بعد 48 ساعة على الأقل من تقديمها، أي من المرجّح أن يجري ذلك الإثنين.

في هذه الأثناء، قال المتحدث باسم الحكومة أوليفييه فيران "نحن مدعوون لمواصلة الحكم". 

في الشارع، تستمر تحرّكات معارضي قانون الإصلاح. ومن المقرّر عقد جمعيات عامّة لبعض المجموعات النقابية (في مجال الطاقة وعمّال السكك الحديد) بعد ظهر الجمعة، لمحاولة تنظيم التعبئة التي اكتسبت زخماً بعد تمرير القانون الخميس. ويخطّط الاتحاد النقابي لـ"تجمّعات محلية" في نهاية هذا الأسبوع، بالإضافة إلى يوم تاسع من الإضرابات والتظاهرات الخميس 23 آذار/مارس، فيما حذّر مسؤولون نقابيون من حصول تجاوزات.

ويبلور الإصلاح، المتمثّل في رفع سنّ التقاعد من 62 عاماً إلى 64 عاماً، الغضب وراء الإضرابات المتجدّدة.

وتُظهر مختلف استطلاعات الرأي أنّ غالبية الفرنسيين تعارض هذا الإصلاح، رغم أنّ عدد المتظاهرين في الشوارع والمضربين عن العمل انخفض مع مرور الوقت.

ويبرز الغضب في باريس أيضاً عبر تراكُم النفايات في عدد من الشوارع، إذ لم يتم جمعها منذ عدّة أيام بسبب إضراب العاملين.

في هذه العاصمة التي تعدّ وجهة سياحية عالمية، تستمرّ الروائح الكريهة في الانبعاث من أكوام القمامة، فيما تستعدّ السلطات لاستدعاء العاملين من أجل إزالة جزء منها.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي