فايننشال تايمز: تقارب السعودية مع إيران تعبير عن براغماتية في السياسة الخارجية

2023-03-16

جاء استئناف العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض في الوقت الذي وضعت فيه المملكة شروطها لتطبيع العلاقات مع إسرائيل (ا ف ب)

نشرت صحيفة ” فايننشال تايمز” مقال رأي للكاتبة كيم غطاس، قالت فيه إن التقارب السعودي مع إيران هو مجرد تمرين في كسب الوقت، وإن واشنطن محقة في براغماتيتها بشأن الدور الصيني في الصفقة.

وقالت الكاتبة وهي مؤلفة كتاب “المد الأسود” إن الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، حث في مقابلة مع مجلة “ذي أتلانتك” السعوديين والإيرانيين على حل خلافاتهم، والبحث عن “طريقة فعالة للتشارك في نفس الحي وبناء نوع من السلام البارد”، وجاء حديث أوباما بعد توقيعه اتفاقية تاريخية مع طهران تتعلق ببرنامجها النووي.

وشعرت الرياض في حينه بالغضب من ذلك التعليق، فقد كانت عدوتها اللدودة إيران صاعدة، وسقطت العاصمة اليمنية صنعاء بيد الحوثيين عام 2014. وبعد عام، أصبحت السعودية في حالة حرب، وكان جنودها يموتون على الحدود مع اليمن.

وكانت واشنطن قد طرحت في السابق فكرة احتواء طهران من خلال زيادة دول الخليج تحدّيها غير المتكافئ لتأثير طهران في المنطقة. ومن هنا، كان لافتا إعلان الصين عن عودة العلاقات الطبيعية بين السعودية وإيران.

ويُفهم من تغريدة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أن البلدين “سيشتركان في نفس المصير ونفس الصفات”، بشكل يجعل من التعاون بينهما في مجال الاستقرار والازدهار ضروريا.

وتضيف غطاس أن المملكة وبعد سنوات قليلة من التفاخر والمغامرة من الحرب المدمرة في اليمن، إلى الحصار العبثي على قطر، عادت على ما يبدو للبراغماتية المحسوبة التي طبعت السياسة الخارجية السعودية في أوقات سابقة. وتقوم في الوقت نفسه بـ”توازن متطرف” حسب إيميل هوكاييم من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية.

ففي الشهر الماضي، كان الأمير فيصل أول مسؤول عربي يزور أوكرانيا منذ بداية الحرب عليها، ولقيت الزيارة ترحيبا من واشنطن، ثم زار روسيا. وفي كانون الأول/ ديسمبر، استضافت الرياض أول لقاء بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي. وأعلنت شركة بوينغ الأمريكية، هذا الأسبوع، عن صفقة طائرات مع السعودية بقيمة 37 مليار دولار.

 وجاء استئناف العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض في الوقت الذي وضعت فيه المملكة شروطها لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، بما في ذلك ضمانات أمنية ومساعدة أمريكية في برنامج نووي للأغراض المدنية.

وتقول غطاس إن الصفقة في بكين حدثت بعد عامين من المحادثات التي رعاها العراق وعُمان، وبعد مستويات لا تُحتمل من التوتر والتهديدات الإيرانية التي كادت تودي بالنمو الاقتصادي السعودي.

وقال مسؤول سعودي للكاتبة في العام الماضي، إنهم باتوا واضحين حول أهمية بقاء أي اتفاق، ولم يكن لديهم أي خيار سوى التواصل مع طهران.

 وعليه، فالسعودية تشتري الوقت وتفتح نافذة للتنفس. وبغض النظر عن ردود الفعل المبالغ فيها، لأننا شاهدنا أمورا كهذه من قبل، فبعد أعمال الشغب الإيرانية في مكة أثناء موسم الحج في عام 1987، قطعت السعودية علاقاتها مع إيران. وعندما اجتاح صدام حسين الكويت في آب/أغسطس 1990، أعادت المملكة علاقاتهما مع إيران نظرا للاشتراك ضد عدو الواحد، مما فتح الباب أمام عقد من الانفراج في العلاقات. وكان السعوديون راغبين في الحفاظ على التقارب لدرجة أنهم تباطأوا في التعاون مع محققي “أف بي آي” بتفجير مبنى في الخبر عام 1996 والذي تورطت فيه إيران.

وهذه المرة، تريد طهران فك العزلة والحصول على الشرعية، وغير ذلك سيكون صعبا. فلن يجلب الاتفاق مع السعودية قبولا واسعا لها، في وقت تستمر أجهزة الطرد المركزي بالعمل.

وكان ولي العهد السعودي واضحا بأنه لن يأخذ الوعود الإيرانية على محمل الجد. ففي فترة التقارب، قامت إيران ببناء مشروعها النووي، ووسّع الحرس الثوري تأثيره في المنطقة. وفي الوقت الذي يُنظر فيه للوساطة الصينية بأنها وخزة في عين واشنطن، إلّا أن الصين هي الدولة الوحيدة التي تمتلك التأثير الكافي على الطرفين.

وفي البداية، قلقت واشنطن من دور الصين، لكنها تبنّت موقفا براغماتيا. وأخبر مسؤول أمريكي الكاتبة: “نتعامل معه، إنه أمر إيجابي”. ولو أدارت الولايات المتحدة العلاقات مع المملكة بشكل جيد، لأخبرتهم بالمحادثات في وقت سريع، ولم تكن لتنتظر حتى الساعات الأخيرة.

وهو درس يدعو واشنطن لإدارة العلاقات بشكل جيد كي لا تخسر مجال تأثير جديد في الشرق الأوسط، وفق رأي الكاتبة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي