التايمز: وسط معارضة غربية.. دول عربية حاربت الأسد تعمل على إنهاء عزلته

2023-03-07

الرئيس السوري بشار الأسد (الرئاسة السورية)

نشرت صحيفة “التايمز” تقريرا لمراسلها في الشرق الاوسط ريتشارد سبنسر، قال فيه إن الدول العربية أصبحت المحرك الرئيسي لإخراج رئيس النظام السوري بشار الأسد من عزلته. وأشار إلى أن هذه الدول تتجه نحو مواجهة مع حلفائها الغربيين، الذين لا يزالون يعارضون رفع العقوبات وتطبيع العلاقات مع النظام السوري.

 وقال إن وزير الخارجية المصري، كان آخر مسؤول عربي بارز يصل إلى دمشق ومن دولة موالية للغرب، حيث التقى مع الأسد ودعا إلى “العودة للمكان الطبيعي”، وقام وزير الخارجية الأردني بأول زيارة له إلى دمشق منذ اندلاع الحرب الأهلية. وفي الشهر الماضي سافر الأسد إلى عمان بناء على دعوة من سلطانها، وهي دولة حليفة أخرى ومهمة للغرب، إلى جانب كونها شريك استراتيجي.

وترى الصحيفة أن التحرك لإعادة مقعد سوريا في الجامعة العربية بعد تعليق عضويتها في 2012 عندما بدأ إطلاق النار، تقوده دولة الإمارات العربية المتحدة المعادية أيضا لإيران، الحليف المهم للأسد. وتدعو الإمارات لوقف “التشرذم” العربي. وحتى السعودية التي ظلت تقاوم تحرك الدول العربية، غيرت من موقفها على ما يبدو.

ونقلت الصحيفة عن وزير التجارة الإماراتي ثاني الزيودي “يجب أن يبادر أحد بالنقاش”. وقال إن الإمارات العربية تريد فتح الاقتصاد السوري رغم العقوبات الغربية. وأضاف أن الإمارات تريد إرسال رسالة إلى الولايات المتحدة تحديدا، وهي التي خططت وفرضت العقوبات الغربية القاسية على القطاعات المصرفية والنفطية من الاقتصاد السوري. وتضيف الصحيفة أن الإمارات تحركت في السنوات الماضية بعيدا عن استراتيجية واشنطن في الشرق الأوسط وأصبحت قريبة من روسيا.

وقال الزيودي: “لدى أمريكا استراتيجيتها الخاصة، وبالنسبة لنا، فنحن نقول لهم وبشكل صريح إن الازدهار والاستقرار حيويان” و “لو لم يقبلوا بهذا فهذه هي أجندتهم، وبالنسبة لنا فهي مهمة”.

وطالما نظرت الإمارات نظرة شك للربيع العربي أكثر من أي دولة عربية، وتعاملت معه كتهديد على الحكم الاستبدادي، لكن المستقر في دول الخليج. وكان وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد، آخر مسؤول عربي يزور دمشق قبل أن يبدأ الأسد بقمع الانتفاضة، قبل أكثر من عقد. إلا أن المحاولة القوية من الإمارات لإعادة تأهيل الأسد، والتي بدأت بإرسال وفد تجاري ثم إعادة فتح السفارة الإماراتية في دمشق عام 2018، تزايدت أكثر بعد خلافها مع الولايات المتحدة التي كانت تعتبر من أهم حلفائها. وعبر رئيس الدولة، الشيخ محمد بن زايد عن عدم رضاه من اتفاقية إيران النووية التي تفاوض عليها الرئيس باراك أوباما من وراء ظهر الحلفاء في الخليج. وعول كثيرا على الرئيس دونالد ترامب، ولكن بعد سنوات من السياسة الأمريكية المتقلبة في الشرق الأوسط، قررت أبو ظبي اتباع مسار مستقل عن واشنطن. ونظرا للضمانة الأمنية الأمريكية لدول الخليج، فقد عنى هذا تبني سياسات أقل عدوانية من دول الجوار.

 وأصبحت الإمارات في موقع استثنائي للتعامل في نفس الوقت، مع إسرائيل وسوريا، وهي عضو في محور المقاومة. وقال الزيودي إن الإمارات تحاول التواصل مع إيران، التي كانت عدوتها اللدودة، معلقا “إقامة علاقات جيدة مع إيران تعني ازدهار المنطقة أيضا”. وكان المحفز للتحركات الدبلوماسية الأخيرة هي الهزة الأرضية الشهر الماضي التي قتلت 6000 شخصا في سوريا و 45000 شخصا في تركيا. ودعا الداعمون للأسد في الخارج إلى رفع الحصار. وقال الغرب إن العقوبات لا تعيق المساعدات الإنسانية، إلا أنه علق الحاجة لطلب رخصة استثناء من العقوبات لتسريع وصول المواد الإغاثية.  ومع أن الهزة الأرضية الأخيرة أصابت المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، إلى جانب مناطق تابعة للنظام، إلا أن من يمكن أن يصبحوا شركاء للأسد، استجابوا لنداءاته وأرسلوا المساعدات الإنسانية إلى دمشق. وأرسلت الإمارات نصف ما تعهدت به إلى سوريا وهو 100 مليون دولار. وأرسلت السعودية التي دعمت مرة المقاتلين ضد النظام وقاومت دعوات التطبيع، المساعدات مباشرة إلى دمشق. وعلق وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان، في مؤتمر ميونخ للأمن الشهر الماضي قائلا: “في العالم العربي، هناك إجماع بأن الوضع الراهن لا يمكن استمراره”.

وتخشى الدول العربية من تحول سوريا إلى “ثقب أسود” للجريمة والدبلوماسية، حيث يتم تصنيع مواد منشطة مثل “فنيثايلين” وتصادر سلطات الجمارك في الموانئ والمطارات العربية المواد هذه بشكل دوري.

ويقول الخبير في العلاقات الإسرائيلية- العربية والضابط الاستخباراتي السابق، آفي ميلماد إن تقارب السعودية والإمارات مع سوريا، ربما كانت وراءه إسرائيل، التي لا تزال تضرب المواقع العسكرية في سوريا والمرتبطة بإيران وحزب الله، وعقدت دمشق مفاوضات قبل الانتفاضة مع إسرائيل لتوقيع اتفاقية سلام. وقال ميلماد “تنظر إسرائيل للتقارب السعودي- السوري بطريقة إيجابية”. وأضاف أن الدول العربية رأت في محاولات التطبيع مع النظام السوري طريقة لتخفيف التأثير الإيراني.

 ووقعت الإمارات اتفاقية تطبيع مع إسرائيل عام 2020، ورغم عدم متابعة السعودية لها، إلا أنها لم تخف علاقات التعاون الأمني مع إسرائيل. ومثل الإمارات، ترى أن الحدود الآمنة والأنظمة المستقرة أهم من موضوعات حقوق الإنسان.  وترى بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة أن رفع العقوبات سيشعر الأسد بالشجاعة ونظامه الفاسد بدون مساعدة السوريين العاديين.

وانتقدت المعارضة السورية ومنظمات حقوق الإنسان محاولات التطبيع العربي مع النظام. وقالت هبة زيادين، الباحثة في “هيومان رايتس ووتش” إن “على الدول العربية الباحثة عن التطبيع أن الحكومة السورية الحاكمة اليوم هي نفسها المسؤولة عن التغييب القسري لآلاف الناس وارتكبت انتهاكات حقوق إنسان خطيرة ضد مواطنيها وحتى قبل الانتفاضة”.

 وعبرت فرنسا عن معارضتها في الأسبوع الماضي عندما قالت ممثلتها لمجلس الأمن “موقف فرنسا لا يزال واضحا، ففي غياب عملية سياسية شاملة وموثوقة فلن نغير موقفنا من النظام السوري”. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية “لا تتعامل بريطانيا مع النظام السوري، الذي ارتكب جرائم وانتهاكات لا تحصى ضد الشعب السوري. وسنواصل محاسبة النظام على فشله في التعامل مع العملية السلمية التي تشرف عليها الأمم المتحدة”.









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي