معاريف: هكذا ضاعت "العقبة" في حوارة  

2023-02-28

 

عندما تتعاظم وتيرة الأحداث، يكون واضحاً لجهاز الأمن بأن عمليات أخرى ليس سوى مسألة وقت (ا ف ب)

مع أن قمة العقبة تعبر عن إرادة ومصلحة من الطرفين – سواء أراد رئيس الوزراء نتنياهو أم رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن منع مزيد من التصعيد عشية رمضان وعيد الفصح – غير أن الميدان يشتعل، وقطار التصعيد الأمني انطلق دون سيطرة من المحطة، ويصعب إيقافه.

إن العملية القاسية في حوارة وأعمال شغب المستوطنين التي جرت في القرية في أعقابها ليست حدثاً إضافياً آخر في سلسلة أحداث وتصعيد أمني يتواصل منذ نحو سنة. هذه أحداث ذات مغزى قد تكون المحفز لتصعيد إضافي في الميدان.

من يعتقد وحتى يقول علناً إن ثأر حوارة هو الحل لتحقيق الردع الذي لا ينجح جهاز الأمن في تحقيقه في الحرب ضد الإرهاب، سيصعب عليه أن يفهم مدى الضرر لدولة إسرائيل، قيمياً ودولياً، ولكن لا يقل عن ذلك الضرر الأمني أيضاً.

عندما تتعاظم وتيرة الأحداث، يكون واضحاً لجهاز الأمن بأن عمليات أخرى ليس سوى مسألة وقت.

وقد استغل المخربون الفرصة في منطقة غور الأردن قرب أريحا لتنفيذ عملية إطلاق نار أخرى أمس. وهذه ربما تكون الإشارة الأولى في هذه المنطقة ربما منذ بداية سنوات الألفين.

حتى في السنوات القاسية بقيت أريحا المزدهرة نسبياً مرات عديدة خارج دائرة التصعيد. العملية في بيت العربا، تبدو مخططاً لها أكثر من عمليات أخرى. بعد عملية إطلاق النار في المطعم في مفترق ألموغ، التي فشلت، يبدو أن المخربين الذين خططوا لعملية أمس استخلصوا الدروس وأجروا استعدادات مسبقة، ووجدا تعبيرها أيضاً في التنفيذ. وقد تضمن هذا محور الهروب، وحرق السيارة، والهروب في سيارة أخرى، ويبدو أنها عادت باتجاه أريحا في المنطقة الفلسطينية.

لم تبدأ الأزمة الأمنية في الضفة الغربية -ولعلها الأخطر منذ الانتفاضة الثانية في بداية سنوات الألفين- في حوارة أمس. فقد كانت بدايتها عمليات الإرهاب القاسية في السنة الماضية، إلى جانب الأعمال التي ينفذها مقاتلو الجيش الإسرائيلي كل ليلة في مخيمات اللاجئين في جنين وفي حي القصبة في نابلس.

بدا أن جهاز الأمن كله غفا في الحراسة في كل ما يتعلق بالعنف من جانب المستوطنين. يجب أن تكون إمكانية الضرر الكامنة الآن واضحة للجميع ولا مكان للكلمات المغسولة. من يحرق منزلاً ويعرض حياة إنسان آخر للخطر على خلفية قومجية هو مخرب ينفذ عملية، ليس عمل “شارة ثمن” أو جريمة قومية ولا أشقياء التلال. حرق منزل يساوي إرهاباً وليس أي شيء آخر.

إن الضرر المحتمل لدولة إسرائيل، أمنياً وسياسياً، أكبر بكثر مما يمكن تقديره. جهاز الأمن وأساساً الجيش والشرطة فشلت في فهم صورة الوضع، وذلك رغم أن مؤشرات واضحة على أن رد فعل المستوطنين سيكون قاسياً في الميدان بعد عملية حوارة.

استعد جهاز الأمن في أنماط محددة. في الأشهر الأخيرة، بعد العمليات، نشأ نمط عملي ثابت: مجموعات من الشبان، الذين لم يعودوا منذ زمن بعيد مجرد “فتيان تلال”، يصلون إلى مفترقات معروفة، في منطقة حوارة ومفترق مستوطنة “يتسهار” أيضاً، لأجل رشق الحجارة على سيارات فلسطينية.

قوات الأمن تنتظر المتظاهرين في المفترقات المركزية، وهؤلاء يأتون بالفعل. لكن بالتوازي، وفي عمل مخطط له في عدة مواقع، تسلل عشرات الشبان في مجموعات مختلفة إلى القرية وبدأوا يعربدون. قرية حوارة، التي شهدت في السنوات الأخيرة حتى التصعيد الأخير، سنوات من الهدوء النسبي بل ونسجت حياة صغيرة مشتركة على الطريق المشترك لليهود والفلسطينيين، ها هي تروي الآن بقدر كبير قصة التصعيد في السنة الأخيرة. صوت العنف ينتصر، واتجاهات التصعيد يقررها المتطرفون في الجانبين، الذين يملون الوتيرة.

على رئيس الوزراء أن يقود إسناداً للجيش في وجه قوى سياسية في أثناء إنفاذ القانون، وإلا فلن تساعده حتى عشرة لقاءات أخرى في العقبة وشرم الشيخ على استقرار السفينة التي هي على أي حال غير مستقرة أيضاً من ناحية سياسية، وأساساً بسبب الخلافات مع شركائه على يمينه.

 

بقلم: تل ليف رام

معاريف 28/2/2023









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي