
أودت عملية الدهس القاسية التي نفذت الجمعة الماضية بحياة ثلاثة إسرائيليين بينهم شقيقان، ابنا 6 و8. وهم ضحايا آخرون بسبب التدهور الأمني في “المناطق” [الضفة الغربية] الذي أودى قبل أسبوعين بحياة سبعة إسرائيليين قتلوا بالرصاص في حي “نفيه يعقوب” في القدس. لكن الوزير المسؤول عن الأمن القومي يعمل في كل هذا الوقت على احتدام الوضع وليس على تهدئته. حتى قبل أن تخلى جثث القتلى، سارع ايتمار بن غفير للإعلان بأنه وجه تعليماته للشرطة للاستعداد لحملة “السور الواقي 2” في شرقي القدس لنصب حواجز ولتصعيب سير الحياة على مئات آلاف الفلسطينيين الذين يسكنون في المدينة.
ومع أنه ليس لعائلة حسين قراقع، منفذ العملية، علاقة بالأحداث كما تبين بعد ساعات من العملية، وأن الحديث يدور عملياً عن شخص ذي تاريخ نفسي متهالك وصعب، يطالب بن غفير بفرض عقوبات جماعية ستتسبب بيقين بتدهور أمني، مع أن جهاز الأمن يتضح له بأن الحديث يدور عن منفذين تلقوا الدافعية بأفعالهم من التحريض ومن الوضع في الميدان، وعملوا وحدهم.
خرج بن غفير بإعلان على عاتقه، دون أن يسمع مواقف رجال الأمن ودون أن يأخذ بالحسبان تأثيرات مثل هذه الخطوة – والأخطر من هذا دون صلاحيات ودون بحث مسبق في الكابينت السياسي – الأمني. لا يعمل بن غفير كشخص يسعى لإيقاف التصعيد، بل كشخص يسعى لتفاقمه كي يدهور الدولة إلى انتفاضة مشابهة لما سبق حملة “السور الواقي” في 2002. قد يفسر الفلسطينيون قوله بأنه إعلان حرب، وقد يشعل عمليات إضافية، لكن لا يكفي النقد على بن غفير، ويجب ألا ننسى هذا الناشط اليميني المتطرف الاستفزازي والمجرم المدان الذي اتخذ على نفسه هدفاً هو السيطرة على الشرطة وجر الدولة إلى صدام جبهوي مع الفلسطينيين. أعضاء حزبه تواقون لـ “الثأر” بينما ينسون وظيفتهم – الحفاظ على أمن المواطنين. وعليه، يجب أن يوجه إصبع الاتهام إلى من اختار تعيين بن غفير للمنصب: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. من ينصب شخصاً خطيراً كبن غفير في منصب وزير الأمن القومي، فلا يعجب أن يكون تلميذ الحاخام كهانا معنياً باستغلال الوضع الأمني الصعب لجر الدولة كلها إلى حرب شاملة مع الفلسطينيين.
من يزرع شخصية متطرفة وخطيرة كبن غفير في المنصب المسؤول عن الأمن القومي، فلا يتفاجأ عندما يحصد عاصفة في شكل أعمال وأقوال خطيرة قد تشعل الدولة كلها. رئيس وزراء مسؤول كان سيقيل بن غفير ويستبدله بشخص مسؤول، غير أن نتنياهو متعلق ببن غفير في حملة الانفلات الهدامة خاصته من ربقة القانون، ثم يضطر كل مواطني إسرائيل إلى دفع الثمن.
بقلم: أسرة التحرير
هآرتس 12/2/2023