فقر وإحباط في منطقة الأنديس البيروفية المنسية في ليما

ا ف ب – الأمة برس
2023-02-04

متظاهرون بيروفيون في كوسكو في 27 كانون الثاني/يناير 2023 (ا ف ب)

كوسكو - في بيلافيستا بالقرب من كوسكو الواقعة على ارتفاع 3500 متر في جبال الأنديس بجنوب البيرو، يتقدم روبين خوتيريس إيسكوبار (63 عاما) خطوة خطوة وهو يحرث حقل الذرة في أرضه بمجرفة، بلا جرار أو أسمدة، بل "بعرق جبينه وعمله وتضحياته".

يقول روبن إن "ليما تنسى أمرنا تمامًا".

تعكس الاضطرابات التي أودت ب48 شخصا منذ كانون الأول/ديسمبر في البيرو، الفجوة الهائلة بين العاصمة ليما وجبال الأنديس حيث تطالب غالبية كبرى من المحتجين باستقالة الرئيس وإجراء انتخابات جديدة.

وبدأت الأزمة بعد إقالة وتوقيف الرئيس اليساري بيدرو كاستيو ذي الأصول الأميركية الهندية والمتحدر من الأنديس بتهمة محاولة انقلابية لأنه أراد حل البرلمان الذي كان يستعد للتصويت على طرده من السلطة. وحلت محله نائبة الرئيس دينا بولوراتي.

وروبن من هذا الجزء الفقير من البيرو "المنسي في ليما". فهو يستيقظ في الثالثة فجرا لرعاية بقراته الخمس وسبع أغنام ثم يعمل في الحقل حتى غروب الشمس في زراعة البطاطس والفاصولياء والذرة لاستهلاكه المنزلي. ويخلد إلى فراشه قرابة الساعة 22,00.

ما يكسبه لا يتجاوز 20 أو 25 سوليس (حوالى ستة دولارات) يوميا عبر بيع "خمسة أو عشرة لترات +صغيرة+ من الحليب". وقال "ينقصنا كل شيء. العمل بلا مردود تقريبا ولا نحظى بحصاد جيد لنؤمن عيشا لائقا".

- مناجم ذهب وفقر -

هذا مع أن الجزء الأساسي من ثروات البيرو موجود في الأنديس، من مناجم الذهب والنحاس والفضة والزنك إلى السياح الذين يزورون روائع الإنكا ولا سيما ماتشو بيتشو القريبة.

ومثل عدد كبير من المتظاهرين يتساءل روبن "نحن نتحدث عن عائدات المناجم (للدولة)، أين تذهب؟ كل الأموال الواردة تذهب إلى ليما وفي ليما تضيع. هنا لا نحصل على فلس واحد".

وأضاف "ليس لدينا أي دعم من الدولة"، مؤكدا أنه لم يحصل على مساعدة من أي مهندس زراعي أو خدمة بيطرية على الرغم من طلباته. ولم يعد يستخدم الأسمدة غير المدعومة منذ أن ارتفع سعرها ستة أضعاف بسبب الحرب في أوكرانيا.

ويحتج روبن أيضا على ضعف البنية التحتية والخدمات الصحية والتعليمية. وقال "يؤكدون أن المستشفى مجاني. هذا ليس صحيحا. كذب مئة بالمئة. عليك أن تدفع المال".

ويأسف قبل كل شيء لأنه لم يؤمن "تعليمًا" ووظيفة "لواحد على الأقل" من أبنائه الثلاثة. واضاف "لم يكن ذلك في حدود إمكاناتي لأننا لا نملك شيئًا هنا في الريف".

وصرح عالم الأنثروبولوجيا خوليو إدموندو أوليفيرا خريج جامعة كوسكو "يتساءل الناس + كيف نستغل الغاز (بالقرب من كوسكو) وليس لدينا غاز؟ كيف يكون لدينا كل المناجم وليس لدينا مدارس جيدة ومستشفيات جيدة؟+".

واضاف "إنها مشكلة بنيوية وليست جديدة، وليست خطأ بيدرو كاستيو أو دينا بولوارتي".

وتابع أن "كوسكو - عاصمة الإنكا - تطورت مع ثقافة جبال الأنديس. ومنذ الاستقلال في 1821 ، تطورت جمهورية البيرو (...) مع حكم مركزي في ليما"، موضحا أن "جمهورية ليما ومركزيتها لم تهتما بالتعليم في البيرو، والحكومة لم تسع يوما إلى فتح مدارس أو مدارس ثانوية جيدة" في المقاطعات.

وأضاف "لم نستثمر إطلاقا في الأنديس مع أن الأنديس يؤمن بقاء العاصمة".

وذكر عالم الانتروبولوجيا سيرو دي باسكو مثالا، وهو مجمع مناجم يقترب من نهايته في الأنديس ويبعد 250 كلم شمال شرق ليما و4200 متر فوق مستوى سطح البحر.

وقال إن "الناس يعانون من وجود رصاص في رئاتهم لكن لا مستشفيات أو مدارس ثانوية أو جامعات جيدة. أخذوا كل المعادن وتركوا حفرة. سيرو دي باسكو هي واحدة من أفقر مناطق البلاد. هذا عار".

 متظاهرات بلباس تقليدي في كوسكو بالبيرو في 26 كانون الثاني/يناير 2023 (ا ف ب)

- "دماء الإنكا في عروقنا" -

في حي أنغوستورا في كوسكو، ينتظر روبن مينا (53 عاما) سائق سيارة أجرة، دوره في صف للحصول على قارورة غاز، من دون جدوى. فقد تسبب حصار المتظاهرين للمدينة بنقص في المواد الأساسية. لكنه يهاجم الرئيسة والبرلمان.

وقال بغضب إن بولوارتي تعتقد أن معظم الناس جاهلون لا سيما الذين يعيشون في الجبال. كفى.. عدم المساواة وهذه المركزية التعسفية!". وأضاف "هناك بلد يسمى ليما وبلد آخر يسمى البيرو. سمح للفساد بان يصبح مؤسسياً".

وفي ساحة توباك أمارو في كوسكو عند سفح تمثال أسود لزعيم للإنكا حارب الإسبان، يلوح متظاهرون بأعلام البيرو وكذلك بأعلام الأنديس وهم يهتفون "دماء الإنكا تسري في عروقنا. لسنا إرهابيين".

وتصف السلطة والنخب في أغلب الأحيان المتظاهرين بأنهم "إرهابيون" بسبب العنف، ولكن في إشارة أيضا إلى حركة الدرب المضيء أو مجموعات توباك أمارو التي تؤكد أن أصولها تعود الى الهنود الحمر.

وقال أحد المتظاهرين خافيير كوسيمايتا أوسكا الذي يعمل مدرسا "نعم دماء الإنكا في عروقنا. نحن أمة الكيتشوا ورثة مقاومة الأنديس في العهد الاستعماري".

وأضاف "انها مقاومة شعوبنا، الكيتشوا والأيمارا والأمازون. جميعنا متحدون! نحن متهمون بأننا إرهابيون لكننا لسنا كذلك. نحن متواضعون وكريمون".

وتابع "بالتأكيد هناك ازدراء من قبل ليما. هناك مركزية قوية مثل الحقبة الاستعمارية. يريدون منا أن نصدق أن ليما هي البيرو. لكنها جزء من البيرو مثل كوسكو أو مادري ديوس (جنوب شرق) أو منطقة أخرى".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي