'عيون في غزة' لمادز جيلبرت وأريك فوس: حكاية الهجوم الوحشي على القطاع المحاصر بعيون طبيبين غربيين - ابراهيم درويش

خدمة شبكة الأمة يرس الإخبارية
2010-08-23

في مركز الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة المحاصر في الحرب الاخيرة 2008/2009 كان مستشفى الشفا وفريقه الطبي والمتطوعون من الخارج. وهم ابطال المعركة وفدائيو اللحظة، فقصة الهجوم ظلت تدور حوله وتخرج تفاصيل الحرب الوحشية منه عبر كاميرات التلفزة العربية ومراسلي المحطات الغربية من الفلسطينيين. وعلى الرغم من كفاءة الصورة التي خرجت من داخل عنابر الموت والدم الفلسطيني في هذا المشفى الا ان التعتيم الاسرائيلي والشك الغربي في ' حيادية' الكاميرا التي كان يحملها الفلسطينيون جعل من رواية الحرب محط شك على الاقل من قبل دوائر صنع الصورة والقرار الاعلامي في عواصم الدول الغربية، فالصورة وان تمتعت بالحرفية العالية الا انها كما يقول مؤلفا كتاب ' عيون في غزة' وهما طبيبان نرويجيان كانت ناقصة من ' الصوت الابيض' الذي وحده يملك الحيادية والحرفية العالية.

كل هذا على الرغم من وجود 800 صحافي فلسطيني منهم 100 يعملون مراسلين لمحطات تلفزة عربية ودولية والبقية يعملون بالقطعة، ومع ذلك تظل قصة مستشفى الشفا مهمة ومحورية في رواية الحرب الاخيرة، ففيه وفي عنابره كانت تدور قصص كثيرة عن التضحيات العظيمة التي قام فيها فريق الاطباء ممن عملوا ليل نهار على انقاذ الجرحى الذين كانوا يتدفقون طوال الحرب التي استمرت اسبوعين على القطاع، وحولته الى مسلخ بشري حقيقي، وبجهود وحكمة وكفاءة الفريق الطبي تم انقاذ الكثيرين ممن اصابتهم قنابل الجيش ' المتحضر'، مما جعل كلا من مؤلفي الكتاب مادز غيلبرت واريك فوس، وهما طبيبان مجرّبان ولهما خبرتهما في العمل في ميادين الحرب مع الفرق الطبية، يشهدان ان اطباء غزة يعدون في طليعة الاطباء في العالم خبرة في التعامل مع جرحى المعارك الميدانية وخبراتهم وإنجازاتهم لا تـُقارن.

محاولة لعمل شيء

لكن الكتاب الصادر حديثا بأكثر من لغة، وهنا نعتمد على الطبعة الانكليزية الصادرة في لندن عن دار كوارتيت، هو يوميات الحرب التي سجلها الطبيبان من اجل فعل شيء لوقف الجنون الذي بدأ في اعياد الميلاد والسنة الجديدة، وهو الجنون الذي شاهده الناس في كل انحاء العالم، لكن حيوية القصة وتفاصيلها تظل بحاجة الى تنويع آخر يشبه الدراما التلفزيونية المعروفة ' اي ار' او ' كاجولتي' والتي تدور احداثهما في غرف الطوارئ، الاولى امريكية والثانية بريطانية. ففي هذا التنويع يقدم لنا كل من مادز وغيلبرت رؤيتهما للحرب وطبيعة الصراع واثره على حياة الناس، وما سجلاه من حالات ومن شاركا في علاجهم ومحاولة انقاذ حياتهم.
تبدأ الدراما بالقصف المنظم وعرض الموت الجوي على غزة في 27 كانون الأول ( ديسمبر) 2008 وفي الحقيقة تبدأ جذور علاقة الطبيبين قبل ذلك بأيام عندما تلقى اريك فوس رسالة من وزير الصحة في الحكومة المقالة، باسم نعيم، يطلب فيها من منظمة التضامن النرويجية مع فلسطين ' نورواك' كميات من الادوية والعقاقير المهمة للمستشفيات في غزة والتي نضبت مخازنها بفعل الحصار المفروض على القطاع منذ عام 2007 بعد سيطرة حماس عليه في حزيران ( يونيو) من ذلك العام، والذي بدأ عمليا مع انتصار حماس في الانتخابات التي جرت بداية عام 2006، فيما يراه الكاتبان عقابا جماعيا مارسته اسرائيل مدعومة من الغرب على الاختيار ' غير الصائب' الذي قام به الفلسطينيون في تلك الانتخابات اي انهم انتخبوا حماس. ويقدم اريك في النهاية في عرضه عن العلاقة صورة عن الجهد الذي قامت به النرويج في التعاون مع الحكومة المقالة والمؤسسات الطبية في غزة من اجل مساعدتهم على الوفاء بالمطالب اليومية التي كان الحصار يفرضها عليهم.

يوميات الحرب

والكتاب في جزء منه انطباعات وفي جزء آخر تسجيل لحالات وصور عن الجرحى وعنابر المستشفى، ومراقبة لأداء الفريق الطبي العامل في المستشفى وطريقة ادارته للأزمة، ومراقبة لحياة غزة من شرفة المستشفى، او كما نقلها لهما الناجون والجرحى وعائلاتهم الذين أدوا إلى حدوث زحام المستشفى بتواجدهم مع ضحايا الحرب التي اطلقت عليها اسرائيل ' الرصاص المسكوب'. اما الجزء الاهم منه فهو تفاصيل عمليات الانقاذ وهنا يخرج القارئ للكتاب بحزمة من المعلومات الطبية عن طريقة العلاج الاولى بل ويدخل مع الاطباء الى غرف العمليات ويشاركهم في سباق الموت والحياة من اجل انقاذ من يمكن انقاذهم من الاطفال والنساء والرجال المدنيين الذين كانوا ضحايا القصف المنظم على بيوتهم ومساجدهم ومدارسهم.

دليل للطبيب المتدرب

والكتاب مفيد للاطباء لانه يطلعهم على نوعية الحالات والجراح التي يواجهها الاطباء في ميادين الحرب، والاثار التي يتركها السلاح المتطور على الاجساد الرقيقة والفتية للاطفال والرضع، فقدان اطراف وتهشم في الجماجم، وجراح في منطقة البطن، ونزف داخلي، وتقرحات بسبب شظايا، وما الى ذلك. ومن هنا نقرأ مع مذكرات الكاتبين طبيعة الخيارات التي كانت تجبر الاطباء للتعامل مع كل مريض كحالة طارئة يجب ان تدخل غرف العمليات والعناية المركزة وما ينطوي عليه هذا القرار من مخاطر مثل ترك الكثيرين ممن هم في حاجة لعناية اكبر وتضييع الوقت على حالات اصابتها ليست خطيرة. وما يهم في الصورة ان الطبيب ايا كان الجريح الذي ينقل اليه لا يتخلى عن واجبه الاخلاقي في محاولة انقاذ المريض. يكتب كلّ ٌ من اريك وغيلبرت بنوع من الاعجاب عن انجاز فرق الانقاذ والاطباء والعاملين من الممرضين في مستشفى الشفا في الحرب الاخيرة، بل والحروب اليومية التي تمر على غزة منذ عقود طويلة، فهم في حالة طوارئ دائمة يعملون في ظروف صعبة ولكنهم يحاولون تجاوزها والتوصل لحلول ابداعية لمراوغة الموت الرابض هناك خلف ازيز الطائرات وصوت المتفجرات وصراخ الابرياء.

اولاد حماس، ماذا تعني؟

وعلى خلاف الصورة التي نقلها الاعلام الغربي من ان معظم الجرحى الذين تمت معالجتهم في المستشفى كانوا من مقاتلي حماس، بل في مقابلة قام بها اريك واجهه المذيع بان المستشفى لا يستقبل الا ' اولاد حماس' وعندها يجيب ' ماذا؟ اطفال حماس؟ماذا تعني؟' ويعلق بحس من الصدمة والحزن مسترجعا صور الاطفال الذين قاموا بعلاجهم، اطفال جرحوا نتيجة طلقات النار، واطفال جاؤوا يحملون على رؤسهم شظايا القنابل الملقاة عليهم من الجو، والاطفال الذين جرحوا بعد ان قصفت الطائرات مدرستهم. ويضيف انه نسي كل ما قاله اثناء المقابلة واخذ يفكر ان القضية الفلسطينية لم تعد تتعلق بالحقوق بل بقيمة الحياة الانسانية، مشيرا الى ان المجازر والابادات تبدأ - كما تعلمنا دروس التاريخ - عندما تنزع الانسانية عن جماعات تمهيدا لقتلها، مستشهدا في هذا بما حدث للهنود الحمر في امريكا، والحملة الدعائية التي قامت بها المانيا النازية ضد اليهود، وما جرى في رواندا بين الهوتو والتوتسي. ويقول ان ' التهوين من قيمة الانسان تمنح رخصة لضرب اهداف مدنية للمدى الذي قامت به اسرائيل اثناء الغزو'. وفي اثناء الحرب وفوضى الموت والدمار يفكر المراقب وهو ما فعله اريك عندما فكر بمسؤولية اوروبا عن الجريمة لانها تعاملت او وافقت اسرائيل على عقابها لمليون ونصف مليون فلسطيني وصنفتهم بالارهابيين لانهم اختاروا اي الفلسطينيين الجانب الاخر .

ويعتقد ان الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي كانوا مشغولين بهوس ' سحق حماس' اكثر من حماية ارواح وحياة الفلسطينيين العاديين. ومن هنا تؤكد شهادة اريك وغيلبرت ان الغالبية العظمى من الضحايا الذين استقبلهم القطاع هم من المدنيين. في داخل دوامة الحرب تبرز اهمية القرارات واتخاذها في الوقت المناسب وللحالة المناسبة، فعلى الرغم من ان طبيب الحرب قد يجد في خيار قطع الطرف المصاب طريقا لانقاذ حياة الجريح الا ان التردد يبرز اكثر عندما يتعلق الامر بحياة ' زهور وبراعم' ستواجه مصير عيش بقية حياتها من دون طرف او اطراف وشاهدا على فظاعة الحرب، وهنا تظهر المعضلة بين الحفاظ على حياة المصاب الطفل او الصبي بكامل اطرافه وبين خيار قطع الطرف الذي يهدد الحياة والبحث بينهما عن خيار آخر.

احباط وحزن ودموع

لا تخلو يوميات الحرب على غزة التي كتبها فوس وغيلبرت من لحظات مؤثرة فيها من الاحباط والحزن والدموع ما فيها، منها تلك التي وُجد فيها اريك وآخرون من الاطباء وممرضون يبكون في شتاء غزة القارص امام المستشفى ليس من شدة البرد ولكن حزنا على الفقدان، وتلك التي وجد فيها غيلبرت نفسه عاجزا، الى جانب سرير عليه صبي قتلته القنابل الاسرائيلية وهو يلعب في الطابق العلوي من بيته مع ابن عمه. من جانب آخر، تسجل يوميات الحرب غياب عدد من مؤسسات الاغاثة الطبية الدولية ، ربما بسبب عدم التعويق الذي مارسته اسرائيل على حاجز اريتز او تلك البيرقراطية الشديدة على معبر رفح، لكنهما قرآ في اجابة طبيبة من ' اطباء بلا حدود' كانت في غزة ان المنظمة اعتقدت ان مستشفيات غزة وهي 27 ربما قد تكون قد تأثرت بالحظر الدولي على حماس او لأن الهجوم الاسرائيلي المخطط له بدقة جاء في فرصة اعياد الميلاد والعالم الغربي نائم يحتفل بأعياده، ومن هنا كان تجنيد اطباء متطوعين للذهاب الى غزة مهمة صعبة للعديد من المنظمات الدولية العاملة في مجال الاغاثة الطبية.

بيروقراطية وطوابير

وما دام الحديث عن البيروقراطية فرحلة الطبيبين وإن وجدت كل الدعم اللوجيستي من السفارة النرويجية في القاهرة، فاريك وغيلبرت من ' المحاربين القدماء' في مجال الدعم الطبي للفلسطينيين وتعود خدمتهما الى الاجتياح الاسرائيلي للبنان، وهما منذ الانتفاضتين الاولى والثانية مرورا بأوسلو واتفاقياته يعرفون غزة وعملوا فيها ومستشفياتها وتعاونوا من مع مؤسساتها الطبية منذ تلك الفترة. وطوال المدة التي سافرا فيها لغزة كانا يعبران اليها من معبر اريتز وهذه هي المرة الاولى التي يدخلان فيها للقطاع من الجانب المصري. وتبدو رحلة الدخول سباقاً مع الزمن، واقتضت منهما السفر الى العريش وقضاء ليلة هناك حتى تسنى لهما دخول القطاع ليصلا الى مستشفى الشفاء داخل سيارة اسعاف وبدء العمل والمساعدة. ويقدم الوصف لمصاعب الدخول من معبر رفح صورة عن الصعوبات البيروقراطية والخطوط الطويلة من الشاحنات والاطباء العرب الذين كانوا ينتظرون دورهم للعبور ومعهم المعونات الطبية التي ربما تكون قد تلفت بعد حصولهم على اذن العبور. ومن هنا لاحظ الكاتبان ان اهم اشكالية يواجهها فريق المستشفى كانت ارسال الحالات الطارئة لمستشفى العريش او الخارج لأن هذا الوضع يقتضي اجراءات معقدة. ويشير الكاتبان الى انهما حملا معهما صندوقين من الادوية الطارئة على الرغم من القائمة الطويلة التي طلبها وزير الصحة في غزة، ولكنهما دخلا بوعد قدوم مواد طبية جديدة. وعلى الرغم من الصعوبات البيروقراطية الا ان الكاتبين يلاحظان ان اللحمة الوطنية تجتمع في الازمات في اشارة للمساعدة التي تلقوها من الهلال الاحمر الفلسطيني في القاهرة وهي المؤسسة التي تراجعت اهميتها مثل بقية مؤسسات الشتات بعد اوسلو.

يوم الأحد كان مريعاً

بين الحزن والمشاعر الفائرة يكتب غيلبرت في مذكراته عن واحد من الاحداث قائلا 'يوم الاحد كان مريعا، فيه قتل الاسرائيليون صبياناً فلسطينيين وفيه جاءت للمستشفى موجة بعد موجة من الجرحى...'. والمذكرات وكتابتها كانت جزءا من مهمة الطبيب، اضافة إلى الحديث مع الاعلام، ويؤكد ان العمل الاعلامي لم يكن ليعوق ابدا او يسمح له بإهمال الواجب الذي جاءا من اجله الى غزة. بعد يوم طويل في عنابر المستشفى، كانا يجلسان على سريرهما ويكتبان مذكراتهما ويتأكدان من عدد الموتى والجرحى حسب احصائيات وزارة الصحة. ويشار هنا إلى ان اليوم الاول ومع تدفق الجرحى والقتلى تأثر نظام التسجيل الذي لم يكن قادرا على استيعاب الاعداد والتصدي لها. ومن هنا تم عقد اجتماع لكل الاخصائيين من اجل اعادة ترتيب الاولويات واعادة النظام لحالته الطبيعية.

بشر يتعبون

ما يهم في رحلة طبيب الحرب انه مثل بقية البشر يتعب ويصاب بالاعياء ومشاعره تجاه الجرحى تتراوح هنا بين التعاطف والحزن الى التعامل مع المريض من دون اية علاقة الى اللامبالاة ومن هنا تبدو اهمية عدم استمرار الطبيب في الميدان مدة طويلة كي لا يفقد طاقته ويكون عبئا على الطواقم الطبية التي جاء لنجدتها. ' عيون في غزة' تسجيل مخلص وصادق لاحداث الحرب الاخيرة على غزة فيه لحظات من الاثارة والانسانية، وتساؤلات عن العدل وقيمة الحياة الانسانية والحرب ومن لديه القدرة على وقفها. والحرب ليست حزنا كلها ففيها من اللحظات الساخرة الكوميدية، وفيها تأملات عن زمن مضى وحروب سابقة يستعيدها العدو واساليبها في حروبه الحالية. ومن داخل الصفحات تطل صورة الجرحى التي تغيب احيانا عنا ملامحهم واسماءهم وتظل قروحهم والشاشات الطبية حول رؤسهم عالقة في اذهاننا. في الحرب ايضا امتحان لمدى الصبروالعلاقات الانسانية والاخوة والتعاون وفي الكتاب لحظات مثيرة تبدأ من الرحلة الاولى ولقاء الطبيبين مع ممثل الهلال الاحمر الفلسطيني في القاهرة الذي قدم لهم مساعدته ووضع نفسه في الخدمة. وفيها مشاركة بالقليل من الطعام والقليل من النوم والراحة. اعاد الي الكتاب كلمة ' كماج' التي تستخدم في فلسطين للخبز ومعها طعامه اليومي من الفول والبيض والزيتون و' الشطة' الغزية.

جريمة في سوق الخضار

وفي الحرب يبدو التعاطف الدولي مهما مع الذين يعانون من نارها ومن هنا كانت اول عبارة سمعها اريك وغيلبرت من المسؤولين في المستشفى ' اعتقدنا ان العالم قد نسينا'. ' عيون في غزة' مكتوب بلغة يتعاطف فيها الطبيب مع ضحايا الحرب ولهذا عندما ظهر غيلبرت على شاشة ' فوكس نيوز' المتطرفة اتهمته بانه ' دعائي لحماس'. يبدأ الكتاب بحكاية الطفلة ' جمانة' السموني التي تعرضت عائلتها لمجزرة وصرخة امرأة من العائلة ينقل عنها غيلبرت الذي عاين طفولة وبراءة تحولت إلى ضحية، صرختها وهي تقول: ' ماذا فعلت جمانة لهم؟ انهم مجرد اشرار ومن هناك ليحمينا ويحمي العزل؟'. اسئلة طالما ترددت في اثناء الحرب ومع استمرار الحصار والحرمان. الكتاب وثيقة مهمة، ورواية درامية تدور احداثها في اروقة وعنابر وغرف العناية وعمليات مستشفى الشفا وشهادات الكاتبين تعيد للحياة قصة وتسجلها من اجل ان لا تستعصي على النسيان، وفيه من المواد والمعلومات الاساسية عن الصراع وجذوره والحملات الاستيطانية والمعاملة القاسية للفلسطينيين قبل غزة وبعدها، وكيف كان بامكان الغزي السفر يوميا للعمل في اسرائيل او زيارة مدن الضفة الغربية من دون معوقات، وكيف كبرت المعابر لتتحول الى قلاع يمر منها العابرون الفلسطينيون الى بيوتهم في القطاع كما تمر قطعان الماشية في طريقها إلى مسلخ. كتاب يحكي جحيم خمسة عشر يوما من مطر الموت على غزة وابادة عبر الريموت كونترول. وفيه محاولات لتعريف العالم بما يجري في داخل غرف المستشفى من موت ودم يسيل. وفي مقدمة الكتاب وضع الكاتبان اغنية لريم بنا ' ميزان ما اتقلك هديتلي كتافي' واغنية ' يا ليل ما اطولك' التراثية.

ولكن غزة اشعلت خيال المغنين والفنانين فهناك اغنية كتبها لارز برينز عن مذبحة سوق الخضار في وسط غزة ' عندهم احدث انواع الاسلحة، لا يريدون قتل الكثير، لديهم احدث الاسلحة، مثل مبضع الجراح، يبحثون عن الاهداف العسكرية، قل لي لماذا قصفوا سوق الخضار؟...'. تذكر رحلة اريك فوس ومادز غيلبرت بكتابات لأطباء وممرضين وتجارب من دخلوا في حميم التجربة الفلسطينية في المخيمات في لبنان. هنا يحضر اسم الممرضة السويدية ايفا شتال في تل الزعتر وسوي انغ تشاي الطبيبة السنغافورية التي سجلت تجربتها في كتاب واسع الانتشار ' من بيروت للقدس'. هم الاطباء شهود المعاناة الحقيقية ومن يكتبون حكايتها. لكن مشكلة مادز ورفيقه انهما متعاطفان اكثر من اللازم مع ضحاياهما، ولن تصدق روايتهما على الجانب الاخر من المتوسط في الغرب. لا يهم فنحن نصدقهما لأننا شاهدنا، ومعنا يصدقهم الكثيرون ممن رأوا رعب اللحظة ولاحقوها.

' ناقد من أسرة 'القدس العربي'
Eyes In Gaza
Mads Gillbert & Erik Foe
Quartate
London/ 2010

 
 









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي