
يجب أن نقول الحقيقة: في قضية آفي ماعوز و”سلطة الهوية القومية واليهودية” الحق مع اليسار. ماعوز واحد من 92 من مجموع النواب الذين يمثلون الأحزاب الصهيونية. ليس هناك ما يدعو لتحصل كتلة فرد على السيطرة فيما يتعلق بتعليم الهوية اليهودية للجمهور الصهيوني الهائل.
وليس هناك ما يدعو لتكون “سلطة الهوية القومية واليهودية التي يفترض أن تعالج الأزمة الحقيقية التي الموجودة في التعليم الرسمي في كل ما يتعلق بمعرفة اليهودية، منقطعة عن وزارة التعليم. فلما كانت الأزمة في التعليم الرسمي (اسألوا خريجاً عادياً في التعليم الرسمي لماذا تعد القدس بالذات عاصمة إسرائيل وسترون بأنفسكم) وليس في التعليم الرسمي – الديني، فلا يوجد حتى سبب في أن يكون من يدير سلطة كهذه رجل متدين. العكس هو الصحيح، هناك ما يكفي من الخريجين العلمانيين لبرامج مثل “رفيفيم”، والتي هي عربات مليئة بكل خير ويمكنها أن تأخذ التحدي القيمي والمهني المهم هذا على نفسها دون أن تثير عليها – وعن حق – كل العالم (وعليه فإنها ستحقق أيضاً نتائج أفضل من تلك التي يمكن أن يصل إليها آفي ماعوز).
باستثناء الإخفاق القيمي، فإن فشل إدارة المفاوضات الائتلافية قد يشعل ضوءاً تحذيرياً حول مسألة أي نتنياهو هو الذي سيقود الحكومة التالية – الاستراتيجي أم التكتيكي؟ لقد انتخبه اليمين مرة أخرى بفضل إنجازاته كاستراتيجي ورغم قصوره كتكتيكي: نتنياهو الاستراتيجي يتميز برؤية الصورة الكبرى، لكنه يفعل هذا غير مرة على حساب التفاصيل الصغيرة. ونحن، ما العمل، نعيش في التفاصيل الصغيرة. هكذا يقربنا نتنياهو الاستراتيجي من دول الخليج وينجح على حد تعبيره “بقلب هرم” النزاع الإسرائيلي العربي، بينما نتنياهو التكتيكي يفقد السيطرة على النقب والجليل بحكم الأمر الواقع.
لقد نجح نتنياهو الاستراتيجي في ظروف دولية صعبة (من اليسار من تنبأ بـ”تسونامي سياسي”) أن يدير إلى الوراء سفينة اتفاقات أوسلو التي يرى فيها ناخبوه تهديداً حقيقياً على مستقبل الدولة، في الوقت الذي يفقد فيه نتنياهو التكتيكي عملياً السيطرة على المناطق “ج” بسبب غياب معالجة البناء الفلسطيني غير القانوني.
وهكذا حتى قبل أن تقوم حكومة “اليمين بالكامل” يدفع اليمين الآن ثمناً استراتيجياً على الإهمال التكتيكي في إدارة المفاوضات الائتلافية: في السنوات الأخيرة لم تدع الأحزاب التي قامت من اليسار نفسها اسم “معسكر السلام” بل “المعسكر الديمقراطي” أو “الرسمي”، كون فشل خطوة أوسلو دحرها إلى استراتيجيتين بديلتين: الأولى- رفض نتنياهو، وهي التي تحطمت في الانتخابات الأخيرة وبات هناك أصوات تسمع حتى في اليسار وتدرك بأنه لا يمكن بناء معسكر سياسي على طريق المقاطعة الشخصية.
الاستراتيجية الثانية – وهي الأكثر رقة، أنه يعزو الرسمية والديمقراطية لنفسه، وكان يمكن لليمين أن يحيده من خلال إقامة حكومة تعكس إرادة الناخبين؛ أي أن يكون الليكود هو الحزب الحاكم المتسامح والمعتدل الذي يتولى المناصب الكبرى ويحدد الخطوط الأساس.
بدلاً من ذلك “نلنا” جميعاً شخصية هامشية ستنبش لأبنائنا بالهوية اليهودية، ونال اليسار هدية حقيقية – سبباً وجودياً جديداً بعد انهيار مفاهيم حل الدولتين ورفض نتنياهو. يتبين أن الفشل التكتيكي يبدو وكأنه فشل استراتيجي.
بقلم: أرئيل هوروفيتس
إسرائيل اليوم 8/12/2022