نيويورك تايمز: الحرب العالمية الثالثة تبدأ مع نسيان الحربين السابقتين

2022-12-03

 الولايات المتحدة تتحمل اليوم، مرة أخرى، العبء الأساسي لمواجهة طموحات الحكومات في موسكو وبكين (ا ف ب)

حذر الكاتب ستيفن ويرثيم كبير الباحثين في السياسة الخارجية الأميركية بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والمحاضر بكلية الحقوق في جامعة ييل، من أن الحرب العالمية الثالثة ستبدأ مع نسيان مآسي الحربين العالميتين السابقتين.

وكرس ويرثيم جزءا كبيرا من مقال له في صحيفة "نيويورك تايمز" (The New York Times) الأميركية لعرض الخسائر والتضحيات الكبيرة التي تكبدتها أوروبا وأميركا خلال الحربين السابقتين.

وقال إن الإدارة الأميركية الحالية تدرك التكلفة الباهظة لحرب عالمية ثالثة والتي ستكون أسوأ بكثير من الحروب السابقة، ونقل بعض تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن خلال حرب أوكرانيا والتي تعبر عن خشيته من اندلاع حرب عالمية ثالثة واستدعائه لشبح الحرب العالمية الثالثة 4 مرات في يوم واحد.

حقبة جديدة في السياسة الخارجية الأميركية

وقال إن تحذيرات بايدن كانت -أكثر من أي بيان رئاسي آخر منذ 11 سبتمبر/أيلول 2001- إشارة إلى بداية حقبة جديدة في السياسة الخارجية الأميركية، مضيفا أنه طوال حياته وحياة معظم الأميركيين الأحياء، ظلت الولايات المتحدة هي المهيمنة على العالم بدون منازع ودون رادع وظل تنافسها القوي مع روسيا والصين لا ينفي إمكانية التعايش بين القوى العظمى.

لكن الحرب الأوكرانية، يقول الكاتب، خلقت خطرا حادا يتمثل في إمكانية نشوب صراع بين الولايات المتحدة وروسيا. كما أنها جعلت الغزو الصيني لتايوان في صدارة المخاوف الأميركية وزادت من استعداد واشنطن للرد بقوة عسكرية، معلقا بأن ذلك يُسمى في الواقع "الحرب العالمية الثالثة".

اختفاء جيل الحرب العالمية الثانية

وتساءل ويرثيم عن عدد الأميركيين الذين يمكنهم حقا تصور ما يمكن أن تعنيه حرب عالمية ثالثة، قائلا إن الذين شهدوا الحرب العالمية الثانية ولا يزالون على قيد الحياة لن يتجاوز عددهم 10 آلاف فرد في نهاية العقد الحالي.

وقال إن أحد أسباب تجنب اندلاع حرب عالمية ثالثة هو الخوف من هذه الحرب حتى مع الهيمنة العسكرية لأميركا على العالم، ولفت الانتباه إلى تجنب القادة الأميركيين في الحرب الكورية وأزمة الصواريخ الكوبية من استخدام كل القدرات العسكرية الأميركية.

عدم القلق من آثار الحروب

ومع ذلك، يقول الكاتب، إن الذاكرة ليست ثابتة أبدا. فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، أعيدت صياغة الحرب العالمية الثانية على أنها انتصار أخلاقي ولم تعد حكاية تحذيرية، وإن الدرس المزدوج المستفاد من الحروب العالمية -وهو دعوة أميركا لقيادة العالم مع عدم المبالغة- حُصر في نصيحة أحادية التفكير للحفاظ على القوة الأميركية وتوسيعها. وأشار إلى أن عدم القلق بشأن آثار الحروب أصبح تقريبا حقا طبيعيا لكونك أميركيا.

وعاد ليقول، لكن هذا الحق المكتسب قد انتهى حاليا. فقد دخلت أميركا حقبة جديدة من التنافس الشديد بين القوى العظمى والذي يمكن أن يتصاعد إلى حرب تقليدية أو نووية واسعة النطاق. ولذلك حان الوقت للتفكير في العواقب.

وأوضح أن التهديد الكبير من دخول أميركا في حرب شاملة يأتي من موسكو، إذ يسيطر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على آلاف الأسلحة النووية، وهو ما يكفي لتدمير الحضارة مرات عديدة، وقد هدد منذ بدء الحرب في أوكرانيا، باستخدامها.

وأضاف إذا لم يكن احتمال نشوب حرب مع روسيا كافيا، فإن علاقات الولايات المتحدة مع الصين في حالة سقوط حر، مما يدفع بالقوتين الرائدتين في العالم للمواجهة لعقود قادمة.

هل تستحق قضية تايوان التضحيات؟

وتساءل الكاتب عما إذا كانت قضية تايوان تستحق التضحيات، قائلا إن هذا السؤال سيتم عرضه أثناء النزاع، لكن من الضروري عرضه مسبقا، وحتى أولئك الذين يعتقدون أن الولايات المتحدة يجب أن تقاتل من أجل أوكرانيا أو تايوان يجب أن يثقفوا الجمهور حول مخاطر صراع القوى العظمى في العصر النووي والإلكتروني.

وختم بالقول إن الولايات المتحدة تتحمل اليوم، مرة أخرى، العبء الأساسي لمواجهة طموحات الحكومات في موسكو وبكين، لكنها تواجهها، هذه المرة، بدون تجربة في الذاكرة الحية لدى الجمهور، عن الحروب العالمية الشاملة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي