الغارديان: بايدن يشجع المحتجين الإيرانيين والأمريكيون يتجاهلونها

2022-12-01

نظم فنانون ونشطاء إيرانيون في المنفى مظاهرات التعاطف هنا، بينما التزم السياسيون الأمريكيون الصمت إلى حد كبير (ا ف ب)

تساءلت أستاذة الأدب الأمريكية فرانسين بروز عن تجاهل الأمريكيين انتفاضة إيران، وقالت، في مقال نشرته صحيفة “الغارديان”، إن أكثر من شهرين مرّا منذ أن ماتت مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاماً، والتي اعتقلت من قبل ما يسمى بدورية شرطة الأخلاق الإيرانية لارتدائها الحجاب بشكل غير صحيح.

وألقى التقرير الرسمي اللوم في وفاتها على قصور في القلب، لكن شهود العيان وعائلتها أصروا على أنها تعرضت للضرب المبرح لدرجة أنها عانت من إصابة دماغية قاتلة. ومنذ ذلك الحين، اندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران، على الرغم من وحشية رد فعل الحكومة.  وأضافت أن أكثر من 400 شخص قتلوا، وسجن، أو اختفى، عدد غير معروف من الصحفيين والمتظاهرين. وتسبّب الرصاص المطاطي والكريات المعدنية التي تطلق على حشود المتظاهرين بالعمى للعديد من المصابين. وتم اعتقال رياضيين مشهورين، مثل نجم كرة القدم فوريا غفوري، وبطلة التسلّق إلنز ركابي، لانتقادهم الحكومة، أو ما بدا أنه انتقاد لها.

 وقالت إن “الحرس الثوري” بدأ باستهداف الأطفال، حيث قتل ما لا يقل عن 58 شاباً إيرانياً، خمسة منهم خلال أسبوع واحد فقط. ويبدو أن الحكومة تعتقد أن إرهاب الأطفال هو الطريقة الأكثر فعالية لإبقاء المعارضين في المنزل، وبعيداً عن الشوارع.

ومع ذلك، قد يكون الكثير من هذا بمثابة مفاجأة للمواطن الأمريكي العادي الذي ليس لديه اهتمام أو فضول خاص بإيران. ويفسر تقطع تغطية الانتفاضة بشكل ملحوظ. و”نحن نبحث في شاشاتنا وصفحاتنا الأولى، في الغالب دون جدوى. عند مشاهدة الأخبار المسائية، ننتظر المقطع القصير من طهران الذي يتبع ثرثرة المشاهير أو العاصفة الثلجية التي حطمت الرقم القياسي. يتطلب الأمر مثابرة للبحث عن آخر التحديثات على مواقع الويب مثل هيومن رايتس ووتش”.

وأوضح مقال نشر في صحيفة نيويورك تايمز في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر بعنوان: “الولايات المتحدة تدخل حقبة جديدة من المواجهة المباشرة مع إيران” أن هذه المواجهات سيكون لها علاقة بالبرنامج النووي الإيراني أكثر من حركة الاحتجاج الحالية.

ونظم فنانون ونشطاء إيرانيون في المنفى مظاهرات التعاطف هنا، بينما التزم السياسيون الأمريكيون الصمت إلى حد كبير.

وفي خطابه الذي ألقاه في 21 أيلول/ سبتمبر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أعرب جو بايدن عن تضامن الولايات المتحدة مع “المواطنين الشجعان والنساء الشجاعات اللواتي يتظاهرن الآن لتأمين حقوقهن الأساسية”، في اقتباس مقتضب جداً لخطاب طويل جداً حول أوكرانيا، بوتين والجوع في العالم و “أجندتنا الجريئة للمناخ”. في الواقع، تم تخصيص قدر كبير من الخطاب لأوكرانيا لدرجة أنه جعل المرء يتكهن حول مدى اختلاف الأمور إذا قمنا بتحويل جزء صغير من الدعم الاقتصادي والعسكري والسياسي الذي نرسله إلى أوكرانيا لمساعدة أولئك الذين يقاتلون من أجل “حقوقهم الأساسية” في إيران.

وتعلق الكاتبة أنه من غير المرجح أن يحدث هذا “فالسردية الإيرانية أبسط بكثير من تلك المتعلقة بأوكرانيا: داود ضد جالوت، دولة صغيرة شجاعة تصد العدوان الأجنبي. إننا نتردد في التدخل العلني في الشؤون الداخلية للأمة، وإيران لا تتعرض للغزو من قبل قوة أجنبية، رغم أن هجومها العسكري على المحافظات الكردية هو توغل معاد. قد يبدو من الغريب أن نبتعد عن جهود الإطاحة بنظام كنا نقوم بتشويه صورته منذ عقود، لكن ربما تكون الولايات المتحدة غير متأكدة مما قد تبدو عليه إيران الجديدة، وهي تلعب دورها بحذر، متمسكة بـ “العدو الذي نعرفه””.

وتستدرك قائلة: “قد يكون جانب آخر من إحجامنا وصمتنا هو أملنا المتردد في التفاوض على اتفاق نووي مع إيران. ثم هناك تاريخنا المؤسف”.

ويقال إن باراك أوباما رفض دعم احتجاجات عام 2009 في إيران، وهو قرار وصفه لاحقا بأنه خطأ، خوفاً من أن ينظر إلى التمرد على أنه تم التحريض عليه من قبل وكالة المخابرات المركزية. لكن كما يعلم قلة من الأمريكيين و(أظن) المزيد من الإيرانيين، فإن هذا حدث بالفعل.

في عام 1953، دبرت وكالة المخابرات المركزية مؤامرة للإطاحة برئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق، الذي قام حزبه بتأميم صناعة النفط الإيرانية، وتمت إعادة شاه إيران ونظامه القمعي. يمكن للمرء أن يتتبع عواقب هذا الحساب الخاطئ من خلال الثورة الإسلامية وحتى الوقت الحاضر.

وتقول: “في الغالب لا يسعني إلا الظن، وهو أن ردنا الفاتر على نضال الإيرانيين ضد الحكم الديني القمعي يرجع جزئيا إلى أن الاضطرابات الحالية تقودها النساء. وأظهرت مقاطع فيديو مبكرة نساء شجاعات يحرقن حجابهن ويقصصن شعرهن احتجاجا على فرض الحجاب عليهن ومعاقبتهن على مخالفات بسيطة. شعار المحتجين “المرأة، الحياة، الحرية”، المستعارة من حركة الاستقلال الكردية، وهو شعار ملهم، ولكن ربما فشل مرددوه في تخيل عدد الأشخاص الذين توقفوا عن سماع أكثر من الكلمة الأولى، المرأة”.

 وهناك العديد بما في ذلك، على ما يبدو، العديد من قضاة المحكمة العليا في الولايات المتحدة الذين يعتقدون سراً أو علناً أن حقوق المرأة هي مجموعة فرعية لا تذكر من حقوق الإنسان.

وإلا كيف يمكن تفسير التعبير الغريب لصرخة الرئيس بايدن إلى “المواطنين الشجعان والنساء الشجاعات”، أو المقال الذي نشرته الصحافية الإيرانية الأمريكية مسيح علي نجاد في 27 أيلول / سبتمبر في واشنطن بوست” متسائلة: “متى ستساعد النسويات الغربيات؟”. لماذا يجب أن تكون النسويات أول من يستجيب للنضال الذي يشمل كل إيراني، كل إنسان، بغض النظر عن الجنس، وهذا يجب أن يعني أنصار حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. كان الحجاب مجرد رمز، وليس السبب الوحيد للاضطرابات.

فحتى اللغة التي نستخدمها لوصف الصراع الإيراني معبرة. لو لم تكن تقودها النساء، فقد نكون أقل ميلاً إلى تسمية الوضع الحالي انتفاضة أو احتجاجا جماهيرياً، بل ثورة. وفي النهاية “يعرف الإيرانيون ما يمكن فعله للمساعدة بشكل أفضل مما نفعل، لكن أقل ما يمكننا فعله هو البقاء على دراية بما يحدث ولماذا تحتاج المقاومة وتستحق اهتمامنا”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي