إيكونوميست: الإيرانيون فقراء ولا يتحملون الإضرابات والنظام آمن في الوقت الحالي

2022-11-30

 يأمل الإيرانيون بتحفيز حركة كهذه هذا العام، ويتم من خلالها الإطاحة بنظام الملالي الذي حل محل الشاه طوال هذه السنين (ا ف ب)

علقت مجلة “إيكونوميست" على الانتفاضة الإيرانية قائلة إن الإيرانيين فقراء بدرجة لا تعطيهم القدرة على تنظيم الإضرابات.

وقالت إن النظام الإسلامي يستخدم التهديدات والاعتقالات وزيادة الرواتب من أجل إسكات العمال.

وجاء في التقرير أن منصات التواصل الاجتماعي حافلة بالدعوات لإضرابات عامة، وهي إشارة للتاريخ عندما قرر عمال النفط الإضراب في عام 1978 حيث انخفض الإنتاج بنسبة الثلثين وكافح نظام الشاه من أجل دفع الفواتير المستحقة عليه. وفي وقت لاحق شل الإضراب العام البلاد عن الحركة. وبعد عام أطاح الإيرانيون بنظام الشاه.

ويأمل الإيرانيون بتحفيز حركة كهذه هذا العام، ويتم من خلالها الإطاحة بنظام الملالي الذي حل محل الشاه طوال هذه السنين. وفي تشرين الأول/أكتوبر انتشرت الاحتجاجات المضادة للحكومة وغادر العمال والموظفون مكاتبهم في عدد من محطات الغاز والنفط وحرقوا إطارات السيارات في الشوارع. إلا أن التظاهرات تلاشت بعد أسابيع، وعاد العمال إلى وظائفهم ولم تتوقف عجلة تصدير النفط.

وكانت تلك الحادثة تذكيرا بالمعوقات التي تقف في وجه الحركة العمالية في إيران وكذا المعارضة العامة للنظام. والتظاهرات هي في شهرها الثالث، حيث انطلقت بعد مقتل الشابة مهسا أميني، 22 عاما، التي ماتت بعدما اعتقلتها شرطة الأخلاق التي اتهمتها بعدم ارتداء الحجاب بطريقة مناسبة، ولكنها تحولت الآن إلى لعبة الفأر والقط مع قوات الأمن الإيرانية. وهي الآن عبارة عن احتجاجات صغيرة في شوارع المدن أو حرم الجامعات والتي يتم أحيانا قمعها بشراسة. وقتل أكثر من 300 محتج، من بينهم 40 طفلا منذ بداية الانتفاضة. وترى منظمة حقوق إنسان نرويجية أن عدد الضحايا قريب من 400.

إلا أن الإضرابات أضيفت لحس الاضطرابات، وبعيدا عن توقف العمل في قطاع البتروكيماويات، ففي أسبوع واحد من تشرين الثاني/نوفمبر ترك العمال أعمالهم في شركة ديزل قريبة من العاصمة، طهران. وفعلوا نفس الأمر بمصنع ألمنيوم في الجنوب. وقرر عمال الإطفاء الإضراب في مدينة مشهد، شرق البلاد. وأغلقت الكثير من المحلات التجارية في بازار طهران أبوابها ولعدة أيام. ونظم المعلمون وسائقو الشاحنات إضراباتهم. ورغم تعدد الإضرابات إلا أن أعدادا قليلة من العمال والموظفين شاركوا فيها وبالتالي فهي ليست تهديدا للنظام. وبعد سنوات من العقوبات الاقتصادية باتت حياة معظم الإيرانيين صعبة.

واعترف الإعلام الرسمي أن نسبة الإيرانيين الذين يعيشون على 3 دولارات في اليوم تضاعفت إلى 31%. وشهد العقد الماضي انخفاضا بالقدرة الشرائية لأصحاب البيوت من الطبقة المتوسطة بنسبة 15%. وحتى لو كانوا متعاطفين مع المحتجين فلا يستطيع الإيرانيون الإضراب. وكما في عام 1978 يظل النفط والغاز ضروريا لنجاة النظام. ورغم العقوبات الأمريكية، استطاعت إيران تصدير 800.000 برميل نفط يوميا في تشرين الأول/أكتوبر، ومعظمه للصين. ورغم أنه يباع بأسعار مخفضة إلا أن التصدير يظل مصدرا مهما للعملة الصعبة في بلد لا يملك الكثير من المصادر المدرة للمال. ولم تستمر الإضرابات، فقد قامت الشرطة باعتقال أعداد من المنظمين وهددت المضربين بمزيد من القمع. وطلب من مدراء الشركات أمر عمالهم بالعودة للعمل وإلا سجنوا أيضا.

ولا يعد التهديد والتخويف السبب الرئيسي في تجنب العمال الإضرابات، بل ووضع نصف عمال النفط وعددهم 205.000 موظف الذين استخدمتهم الحكومة بناء على عقود مقيدة، ولو فصلوا من أعمالهم فسيصعب عليهم العثور على عمل جديد. وتعتبر نقابات العمال قوة مهمة في إيران وقامت بتنظيم سلسلة من الإضرابات كل أسبوع في منتصف 2018 والتي أسهمت في احتجاجات عام 2019، حيث تظاهر الناس في تشرين الثاني/نوفمبر بعدما رفعت الحكومة أسعار الوقود. ولهذا قامت الحكومة بتخويف واعتقال القادة النقابيين وحظرت العديد من المواقع التابعة للنقابات على الإنترنت.

وعانت النقابات من الصعاب بسبب التغيرات الاقتصادية طويلة الأمد، فالشركات المملوكة من الدولة والقطاع الخاص تقوم باستئجار متعهدين ولا تعين موظفين دائمين كما في العقود الماضية. وبات من السهل إنهاء خدمات الموظفين. لكل هذا تراجعت عضوية النقابات، حيث قدر الباحثون في جامعة طهران عام 2020 وجود نسبة ما بين 40-50% من قوة العمل تعمل في القطاع الرسمي بدون نقابات لتنظمهم. وبسبب ضعف النقابات والسوق الرمادي الضخم، فقد استطاع النظام التأكد من انقسام العمال. وأعلن في بداية العام عن زيادة رواتب القطاع العام والجنود والمجندين. مع أن الزيادة ابتلعها التضخم الذي وصل الآن إلى نسبة 50%، ولكن الحكومة عرضت لاحقا زيادة أخرى لعمال الخدمة المدنية والمتقاعدين. وهي تحركات كافية لكي تمنع إضرابات واسعة شلت نظام الشاه في الماضي.

ويقترح المعارضون للنظام في الداخل والخارج إنشاء صندوق لتعويض العمال الذين يطردون من عملهم، لكن النظام سيعقد كيفية حصولهم على المال. وربما لعب الشتات الإيراني دورا في تحويل الأموال للعمال، إلا أن هذا يعني قيام أمريكا بتخفيف عقوبات كتلك التي قطعت البنوك الإيرانية عن النظام المالي العالمي، وهذا ليس محتملا.

وفي الوقت الحالي يمكن للنظام تجنب الإضرابات العمالية من خلال شراء مؤيديه، لكنه لا يستطيع طباعة النقود بشكل مستمر والتي ستزيد من التضخم وتفقد العملة الإيرانية المزيد من قيمتها. ورغم ارتفاع أسعار النفط والضرائب العالية، إلا أن الميزانية الإيرانية تعاني هذا العام من عجز. وفي تشرين الأول/أكتوبر قالت اللجنة المالية في البرلمان إن آية الله خامنئي، مرشد الجمهورية وافق على استخدام الصندوق السيادي للحد من العجز في الميزانية. وطالما عجز النظام عن تقديم أجوبة جيدة للمتظاهرين في الشوارع والعمال في المصانع فسيظل يواجه أزمة تتعلق بمصيره.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي