الجزائر في قلب أمل إبراهيم جلول وسعاد ماسي وأعمالهما الموسيقية

ا ف ب - الأمة برس
2022-11-26

المغنية والملحّنة سعاد ماسي في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 في باريس (ا ف ب)

تستعد كل من المغنيتين أمل إبراهيم جلول وسعاد ماسي لجولة حفلات قريباً، وما يجمع الأولى المقيمة في مدينة ليون والثانية المستقرة في باريس أنهما جزائريتان من الجيل نفسه، اختارتا الانتقال إلى فرنسا قبل نحو ربع قرن سعياً إلى فرص للانطلاق، لكنّ بلدهما الأم بقي حاضراً بقوة في وجدانهما وفي أعمالهما الموسيقية.

ليست جلول وماسي منفيتين ولا لاجئتين، بل هما اختارتا فرنسا ذات يوم لتستقرا فيها، كونها تفتح لهما آفاقاً فنية لم تكن متوافرة يومذاك، إذ كانت الأبواب موصدة في وجه تألقهما  في بلدهما الخارج من عقد أسود شهد فيه حرباً أهلية وأعمال عنف.  

قالت مغنية الأوبرا أمل إبراهيم جلول التي تركّز على الأغنيات التقليدية من العالم المتوسطي لوكالة فرانس برس "غالبا ما كانت تنتابني كوابيس ، لكن الغناء هو الذي جعلني أغادر الجزائر وليس الإرهاب".

نمت موهبة أمل البالغة اليوم السابعة والأربعين بفعل نشوئها في كنف عائلة يعشق افرادها الموسيقى في منطقة تيليملي في قلب العاصمة الجزائرية.

وتقول "أنا من الجزائر العاصمة، ووالدي يتحدر من مدينة مليانة" الواقعة على بعد نحو مئة كيلومتر غرب العاصمة، موضحة أنها "من الجزائريين المعرّبين" الذين لم يحتفظوا باللغة الأمازيغية. 

كان جدها، وهو موسيقي هاوٍ مهتم بأنواع الموسيقى الكبرى، وراء تشجيع والدها على إرسالها إلى الكونسرفتوار وتوجيهها نحو الموسيقى الكلاسيكية المدونة. وكان الجد يقول للوالد إن أبناءه "سيتعرفون على الموسيقى الأخرى من طريق السمع في كل الأحوال، فهي ثقافتهم وهم منغمسون فيها".

كانت بداية أمل إبراهيم جلول بالكمان، ثم تحوّلت إلى الغناء. وخلال فترة تدريب في نيس، في جنوب غرب فرنسا، لاحظت معلمتها موهبتها وأتاحت لها التقدم إلى امتحان القبول في كونسرفتوار باريس، فتلقفت أمل الفرصة.

وتروي "كنت اصبحت شابة، وسبق أن أتممت جزءاً من دراستي في الجزائر العاصمة، حتى أنني كنت معلّمة موسيقى في مدرسة ثانوية".

صورة أرشيفية للمغتية الأوبرالية أمل إبراهيم جلول التقطت في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2014 في مدينة ورزازات المغربية (ا ف ب)

- "لم أهرب من بلدي" -

أما سعاد ماسي، فكانت في السادسة والعشرين عندما أحيَت حفلتها الأولى على الضفة المقابلة للبحر الأبيض المتوسط، في فرنسا، وكانت بدأت تصبح معروفة في الجزائر العاصمة حيث شاركت في فرق للروك وموسيقى "الشعبي" والفلامنكو.

ترعرعت سعاد هي الأخرى في قلب العاصمة الجزائرية، في باب الواد ثم في بولوغين،  وغالباً ما كانت تمضي فترات في منطقة القبائل التي تتحدر منها عائلتها.

ومع أن سعاد وأمل اللتين يتشابه مسارهما، بَنَتا حياتيهما في فرنسا، بقيت الجزائر في قلبيهما، ولم تغب يوماً.

وتقول أمل إبراهيم "لم أهرب من بلدي"، فيما تؤكد سعاد ماسي: "الجزائر في داخلي". وما مِن وسيلة أفضل من فنهما للحفاظ على هذه الرابطة القوية جداً.

تجمع جلول منذ عام 2008 بين كونها مغنية أوبرالية ومغنية موسيقى تقليدية (عربية-أندلسية وموسيقى "الشعبي"...).

وتقول "أشعر أن هذه الثقافة المزدوجة توفر لي ثراءً كبيراً".

وللمرة الأولى، خصصت أمل لموسيقى منطقة القبائل ألبومها الأحدث "لي شومان كي مونت" (Les Chemins qui montent) الذي صدر في منتصف تشرين الأول/أكتوبر وستغني منه في حفلات موسيقية تقيمها في ثلاث مدن فرنسية في تشرين الثاني/نوفمبر، على أن تليها حفلات أخرى في 2023.

وتقول "أحببت دائماً هذه الموسيقى. لا تزال أغنيات إدير وجمال علام ولونيس آيت منقلات تتردد في أذني، لقد كنا نستمع إلى هؤلاء المغنين كثيراً مع والدي". 

ويتلاءم صوتها الأوبرالي الدافئ والملون من دون كبير جهد مع هذا النوع من الموسيقى. وترى أنها "أغنيات مزخرفة جداً، كالأغنيات من نمط الباروك".

في منتصف تشرين الأول/أكتوبر أيضاً، صدر لسعاد ماسي، وهي عازفة غيتار إلى جانب كونها مغنية، ألبوم عاشر بعنوان الأغنية التي حققت نجاحًا عالميًا "سيكانا" (Sequana)، على اسم إلهة من آلهة الغاليك، ويتضمن أنواعاً موسيقية عدة، منها مثلاً من افريقيا ما ينتمي إلى موسيقى البوسا والساحل والماندينغو.

كذلك يتضمن الألبوم الذي أنتجه جاستن آدامز ، المنتج السابق لرشيد طه، بعضاً من الأغنيات الفرنسية، وشيئاً مما يذكّر ببدايات سعاد ماسي كمغنية روك.

لكن آلتي المندول والدربوكة الجزائريتين، واللغة الجزائرية التي أدت بها ماسي تسعاً من الأغنيات الإحدى عشرة في الألبوم، تذكّر بلا شك بأصولها.

 وتقول سعاد ماسي التي تحيي حفلات قريباً في فرنسا وسويسرا وبلجيكا "الجزائر في قلبي، في رأسي، في دمي". 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي