تقرير: أمريكا لا تستطيع التخلي عن مكافحة التمرد في أفريقيا

د ب أ- الأمة برس
2022-11-20

يتعين أن تعزز السياسة الأمريكية المزيد من العلاقات في أفريقيا ووضع استراتيجيات أفضل للمشاركة (ا ف ب)

واشنطن: ترى الباحثة الأمريكية ناتاشا لويس أن الإرهاب يزداد مرة أخرى في أفريقيا، مع زيادة اقتراب المتطرفين الإسلامويين من إقامة خلافة في أفريقيا.وذكر المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية وهو معهد تحليل تابع للبنتاجون هذا الصيف أن الهجمات الإرهابية في أفريقيا زادت بنسبة 300% خلال العقد الماضي، وبلغت الهجمات العنيفة الضعف خلال السنوات الثلاث الأخيرة .

وتقول لويس، الباحثة المتخصصة في الأمن الأفريقي، بما في ذلك الإرهاب، والصراع وحقوق الإنسان في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية إنه في ضوء تخفيف قيود كوفيد-19 وزيادة البطالة، أصبحت منطقة أفريقيا جنوبي الصحراء " موضعا للإرهاب". وذكر مركز أفريقيا أن" الوفيات نتيجة للإرهاب هناك زادت أكثر من ألف شخص منذ عام 2007، ونصف إجمالي الوفيات كان نتيجة للإرهاب عالميا العام الماضي والذي شهدته أفريقيا جنوبي الصحراء، خاصة في منطقة الساحل". كما أن أفريقيا تضررت بشدة بتأثيرات الاحتباس الحراري، حيث أصبحت المجتمعات الريفية والفقيرة أكثر عرضة لنفوذ الجماعات المتطرفة، وهي تبحث باستماتة عن فرص لإعالة أسرها.

وتضيف لويس، الحاصلة على درجة الماجستير في الشؤون العالمية مع التركيز على الأمن العابر للدول من جامعة نيويورك أن القيادة الأمريكية في أفريقيا( افريكوم) ذكرت الشهر الماضي أن حركة الشباب هي" أكبر وأنشط شبكة قاعدة حركيا في العالم، وأثبتت إرادتها وقدرتها على مهاجمة الولايات المتحدة". وبعد أسبوع، ارتكبت الشباب هجوما واسع النطاق في مقديشيو ، أدى لمقتل أكثر من 100 مواطن وإصابة 300 آخرين.

ومع انتشار الإرهاب في أكثر من 12 دولة أفريقية، أصبح من المهم بصورة متزايدة التساؤل عن الكيفية التى ربما تصبح بها الدول الأجنبية أكثر مشاركة. ويزيد أهمية هذا الأمر توقع نشوب حرب باردة بين الولايات المتحدة، وروسيا، والصين. وعلى أية حال، لا شك أن دولا مثل فرنسا، والولايات المتحدة والتي واجهت فشلا كبيرا في أفريقيا والشرق الأوسط سوف تكون مترددة في القيام بتنفيذ عمليات كبيرة لمكافحة التمرد. وعلى سبيل المثال ، كانت الولايات المتحدة في مشاركتها في الصومال حريصة للغاية بألا تكرر الأحداث التاريخية التي وقعت عام 1993. ومع ذلك، أثبتت مثل هذه الخيارات العسكرية بأنها تحقق نتائج عكسية، مما يؤدي إلى تحولات خاطئة في الاستراتيجيات.

وتشير لويس إلى أن ثلاثة أرباع العمليات الأمريكية الخارجية تقريبا في الفترة ما بين1989 و2018 كانت غير تقليدية. ومع ذلك تحولت الاستراتيجية العسكرية الأمريكية خلال السنوات القليلة الماضية بعيدا عن الإرهاب واتجهت نحو المنافسة الاستراتيجية بين الدول، لا سيما روسيا والصين. ويضعف خفض عمليات مكافحة التمرد بشكل كبير القدرة على ترسيخ" نفوذ أمريكي في مناطق استراتيجية غير مستقرة" على حد قول الباحث العسكري الأمريكي أليكسندر كاليوت. وكتب الضابط في الجيش الأمريكي جوستين ليتش في عام 2014 محذرا من أن الجماعات الإرهابية تستغل هذا التحول بعيدا عن نشاط مكافحة التمرد.

وقال ليتش" العديد من العناصر العنيفة التي ليست بدول على استعداد لاستغلال تلك التحولات: وما زالت القاعدة ومجموعات أخرى لاحصر لها نشطة في أفغانستان، وباكستان، وكذلك الجماعات التابعة لها في شمال أفريقيا، واليمن، ومناطق أخرى؛ حيث تواصل بوكو حرام في نيجيريا والشباب في الصومال مواجهة خصومهما في معركة ضارية؛ كما أن تنظيم الدولة الإسلامية(داعش) تنامى بوتيرة مخيفة في سوريا والعراق. وسوف يظهر المزيد من الجماعات المتطرفة".

وتؤكد لويس أن توقعات لينش أثبتت صحتها مع انتشار الجماعات الإرهابية الحالية وظهور جماعات جديدة في أفريقيا. ومعظم إجراءات محاربة الإرهاب رجعية وليست استباقية، وتسفر في الغالب عن تجاهل الولايات المتحدة للأسباب الرئيسية للتحول إلى التطرف. ومع انسحاب الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي من دول مثل الصومال، أصبحت الجماعات الإرهابية اكثر جرأة. وعلاوة على ذلك، فإن حملات الدعاية الروسية والصينية في أنحاء أفريقيا أسفرت عن أسافين ضد الغرب. وأسفرت المشاعر ضد فرنسا والتي عززتها روسيا عن هجمات مميتة وانسحاب فرنسي كامل من مالي.

ويتعين أن تعزز السياسة الأمريكية المزيد من العلاقات في أفريقيا ووضع استراتيجيات أفضل للمشاركة. ومع ذلك، فإنه مع التحول العسكري بعيدا عن مكافحة التمرد، يثار التساؤل حول كيف تستطيع الولايات المتحدة توسيع نطاق تواجدها في أفريقيا. وفي ظل فشلها مؤخرا في الشرق الأوسط، يبدو أن واشنطن غير قادرة على التعلم من أخطائها السابقة.

وما لم تغير الولايات المتحدة استراتيجياتها الدبلوماسية والعسكرية في أفريقيا، من المحتم أنها سوف تكرر نفس الأخطاء. وإذا ما قامت الولايات المتحدة بتوسيع نطاق تواجدها العسكري في أفريقيا، من المرجح أنها سوف تفشل مرة أخرى في إدراك التعقيدات الخارجية وسوف تكون عاجزة عن ترسيخ حكومات فعالة، ومن ثم سوف تعود إلى ممارسة التخلي عن جهود بناء الدول. ومثل هذه السياسات سوف تزيد فراغات السلطة والأمن سوءا، وسوف تفاقم انتشار الإرهاب الذي يتزايد بالفعل.

ولا شك أن أوجه فشل الولايات المتحدة في العراق سوف تدفع واشنطن إلى التردد في المشاركة في عمليات مكافحة التمرد. ورغم أن الولايات المتحدة شهدت ماضيا مضطربا بالنسبة لعمليات مكافحة التمرد في أفريقيا، فإنه سوف يكون من المستحيل تجاهل انتشار النفود الروسي والصيني والتهديد المتعلق بإمدادات الموارد الرئيسية. ومن المؤكد أن الاعتماد على الموارد المهمة سوف يزيد من المنافسة في أفريقيا. وبالإضافة إلى ذلك، سوف يؤدي توسع الإرهاب في القارة إلى اضطرابات حتمية في امدادات هذه الموارد الرئيسية.

ويلخص تحذير المحلل رشيد عبيد فيما يتعلق بحركة الشباب حاضر ومستقبل الإرهاب في أفريقيا: إذ يقول" استعدوا! سوف يزداد الأمر سوءا قبل أن يتحسن". وفي مرحلة ما في المستقبل القريب، سوف يضغط هذا على الولايات المتحدة لتوسيع نطاق تواجدها في أفريقيا. فليس بوسع الولايات المتحدة مواصلة دورة فقدان تركيزها على مكافحة التمرد، ونسيان الدروس الماضية ، وغض الطرف عن وضع سوف يجذبها إليه في نهاية الأمر.










شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي