صحيفة عبرية: "داعش" في إسرائيل.. "مشكلة عرب" أم تهديد قومي؟

2022-10-11

تنطوي الخلية على تواصل للعمليات التي نفذها مواطنون عرب بإلهام “داعش” في السنة الأخيرة، في بئر السبع والخضيرة (ا ف ب) 

كشف خلية إرهابية عملت بإلهام من “داعش” في الناصرة قبل نحو أسبوع، هو نبأ أثار عاصفة في إسرائيل على مدى يوم كامل، قبل أن يبتلعه طوفان الأخبار. كانت خلية مميزة خططت لعمليات واسعة النطاق، سواء ضد قوات الأمن والجمهور اليهودي أم ضد مدرسة في الناصرة (تجرأت) على تعليم دروس التربية الجنسية.

شكل كشف الخلية تذكيراً بالظاهرة الموجودة في هوامش الجمهور العربي وتستند إلى أقلية صغيرة (بضع مئات قليلة)، لكنها تنطوي على تهديد فتاك، سواء بالنسبة لعلاقات اليهود والعرب في الدولة، أم للنسيج الداخلي في المجتمع العربي، بما في ذلك العلاقات بين المسلمين والمسيحيين والتوتر بين ميول متضاربة تعيش في مساحة واحدة، وبخاصة في أوساط الجيل الشاب: تطرف ديني من جهة وتحرر ثقافي من الجهة الأخرى.

تنطوي الخلية على تواصل للعمليات التي نفذها مواطنون عرب بإلهام “داعش” في السنة الأخيرة، في بئر السبع والخضيرة، وكذا للتنكيلات المتواصلة ضد الجمهور المسيحي، التي تبدو ملموسة بخاصة في عيد الميلاد. الأغلبية الساحقة من الجمهور العربي تنفر من هذه الظاهرة الهامشية، وتدرك مدى التهديد الكامن فيها، وأعلن مسؤولون كبار في المجتمع العربي وعلى رأسهم رئيس “الموحدة”، منصور عباس، بأن على المواطنين العرب أن يروا فيها تحدياً وجودياً يستوجب حرب إبادة.

ثمة خط رفيع يربط بين التطرف الديني وظواهر سلبية أخرى تسود في المجتمع العربي، وعلى رأسها الجريمة والعنف. تنمو عموم الظواهر على “أرض خصبة” من غياب الحوكمة المتواصل وفراغات سلطوية في مواقع مختلفة في المجتمع العربي. عندما يرتبط هذا الواقع بمشاكل مثل “أزمة أبناء الجيل العربي الشاب (ثلث أبناء 18 – 24 لا يعملون أو يتعلمون، وأزمة اقتصادية، وإحساس بظلم، وكذا تحريض من جانب محافل متطرفة – تنشأ ظواهر خطيرة مثل الفوضى في النقب وأحداث أيار 2021.

إن كشف خلية بروح “داعش” يشكل ضوءاً أحمر بشأن ضرورة أن تقوم الدولة – دون صلة بهوية الحكومة التي ستقوم بعد الانتخابات التالية – بالعمل على كفاح متواصل ومصمم لإعادة الحوكمة في المجتمع العربي من خلال جهد ثلاثي: استمرار السعي للقضاء على الجريمة والعنف، وتحييد محافل متطرفة، وكذا معالجة عدم الانتماء العميق لأبناء الجيل الشاب الذي تجتذب قلة قليلة من بينه لسحر سام للإسلام المتطرف، لكن لأفعالهم آثاراً استراتيجية على الواقع الداخلي في إسرائيل.

مثلما في الجريمة والعنف، لا يدور الحديث في موضوع الإسلام المتطرف عن “مشكلة العرب” بل عن تهديد قومي يستوجب معالجة متعددة الأبعاد، بمعنى التداخل بين الإحباط الأمني والجواب الاجتماعي والاقتصادي الذي يتركز على الجيل الشاب، بما في ذلك تطوير أطر لخدمات مدنية مجتمعية كفيلة بأن تمنح الشبان إحساساً بالغاية، والمساهمة للمجتمع بل والارتباط بالدولة. هذا الجهد قد يشكل أساساً للتعاون بين الدولة والمجتمع العربي – الذي هو الضحية الأولى والأساس للإسلام المتطرف الذي يعمل ضد كل ما يعتبر في نظره كـ “انحراف”: سلوك النساء، والنشاط المثلي، أو وجود غير المسلمين.

للجهد الموصوف أهمية زائدة في الوقت الحالي، حين تكون العلاقات بين اليهود والعرب في نقطة حساسة وهشة ومن شأنها أن تتدهور أيضاً بعد الانتخابات، في حال كانت نسبة المشاركة العربية فيها هزيلة بشكل يؤدي إلى تقليص التمثيل في الكنيست ويتسبب بالإبعاد والاغتراب بين المواطنين العرب والحكم والجمهور اليهودي. في مثل هذه الحالة، فإن شرارة واحدة في شكل عمل عنيف من مبادرة محافل متطرفة ربما تتسبب باشتعال كبير، وقد يكون أشد حتى من ذاك الذي اشتعل في السنة الماضية.

 

بقلم: ميخائيل مليشتاين

يديعوت أحرونوت 11/10/2022









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي