الغارديان: حكومة تراس تسيطر عليها جماعات متطرفة بدعم من "بي بي سي"

2022-10-05

رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس (أ ف ب)

قال المعلق جورج مونبيوت في مقال بصحيفة “الغارديان” إن مراكز البحث اليمينية تسيطر على الحكومة الحالية في بريطانيا، ولهذا خططت للسيطرة على هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.

وتساءل مونبيوت عن السبب الذي يتم فيه التعامل مع هذه الجماعات التي تدعمها جهات مريبة كجماعات رقابة محايدة في البرامج التلفازية الرئيسية. وقال إن بعض هذا يمكن فهمه بسهولة، فقد آمنت ليز تراس، الوعاء الأجوف المليء بالأفكار القديمة والمستعملة التي قدمتها مراكز البحث المدعومة بالمال المشبوه، وصدقت تأكيدات هذه المراكز أن سحر السوق غير المنظم وخفض الضرائب للأغنياء جدا، سيؤدي إلى ازدهار اقتصادي. ولم تصدق مراكز البحث حظها من أن شخصية مطواعة مثل تراس أصبحت رئيسة الوزراء.

ففي اليوم الذي أُعلن فيه عن الميزانية المصغرة، صاح أعضاء هذه المراكز من أجل السيطرة على الحكومة. وقال مؤسس موقع “بيت المحافظين” تيم مونتغمري، إن هذه “لحظة عظيمة” لمعهد الشؤون الاقتصادية و”الذي احتضن تراس ووزير الخزانة كواسي كوارتينغ في الأيام الأولى من دخول البرلمان، وتحولت بريطانيا لمختبرهم الآن” كما جاء في تغريدة لمدير المعهد مارك ليتلوود، وأرفقها بـ”إيموجي” عدسات شمسية.

وفوق لقطة لشاشة هاتف، مقال في صحيفة “الغارديان” بعنوان: “هل سلمت ليز تراس السلطة لمراكز البحث الليبرالية الجديدة؟”، أجاب مسؤول السياسة في معهد الشؤون  الاقتصادية، ماثيو ليش: “نعم”. وتم تشبيه الكارثة الاقتصادية التي تسببت بها تراس وكوارتينغ بمذبحة شارع تافون، حيث تقع مراكز البحث في هذا الشارع في وستمنستر، وهي التي قامت بإعداد هذه السياسات.

ويقول مونبيوت: “أتعامل مع مراكز البحث هذه التي ترفض الكشف عن مصادر تمويلها كجماعات لوبي لمصالح خفية. ونعرف من التسريبات والتقارير الأمريكية أنها تشمل في بعض الحالات مصالح شركات الدخان، شركات النفط والأوليغارش الأجانب”.

ويظل  هناك سؤال واحد عالق لم يقدم أحد إجابة مرضية له: “أين دور بي بي سي التي فتحت الباب لهؤلاء المتطرفين يوما بعد يوم وعاما بعد عام ووفرت لهم منبرا واسعا  في نشرات الأخبار وبرامج شؤون الساعة؟”. وتضم برامج “بي بي سي” الرئيسية “توداي”، “كويسشن تايم”، “نيوز نايت” وأي برنامج يطرح أسئلة، حيث احتشد المعلقون المتطرفون من معهد الشؤون الاقتصادية ومعهد آدم سميث وتحالف دافعي الضرائب ومركز دراسات السياسة ومركز تبادل السياسات.

وهي مراكز صنفتها حملة “من يمولك؟” بأنها الأكثر غموضا من بين المراكز التي حققت فيها. وعندما اشتكى معهد الشؤون الاقتصادية لـ”أفكوم” بشأن وصف المذيع جيمس أوبراين في برنامجه على “أل بي سي”  له بأنه “جماعة لوبي يمينية متطرفة لمجموعات المصالح الخاصة ورجال الأعمال الكبار والوقود الأحفوري والدخان والطعام السريع”،  رفضت لجنة الرقابة على البرامج التلفزيونية والإعلامية الشكوى، قائلة إن أوبراين لم يشوه الحقائق.

ومع ذلك حظيت هذه المؤسسات بمساحة إعلامية على “بي بي سي” أكثر من أي جماعة غير حزبية، رغم الأموال المشبوهة التي تقف وراءها. وعادة ما تؤكد “بي بي سي” على معاييرها التحريرية التي تقول: “علينا القيام بالتمحيص في مصداقية المشاركين لتجنب الخداع”.

وعندما تم إنشاء معهد الشؤون الاقتصادية، حدد واحد من مؤسيسه مهمته بأنه واجهة، و”يجب علينا تجنب الإشارة في أدبياتنا إلى أننا نريد تقديم توعية معينة في بعض القضايا”، وتم تقديم بيان المعهد بطريقة متقنة، وكان معهدا مزيفا منذ البداية.

واعتقد الكاتب بداية، أن المشكلة تكمن بالسذاجة، ولكنه عندما شاهد “بي بي سي” ورده على الشكاوى بشأن فشله في تحديد مصداقية  المشاركين، حيث كانت دفاعية ومتناقضة وغير منطقية، رآى أن الأمر غير ذلك. وقالت “بي بي سي” في مرة، إنه ليس ضروريا لإخبار المشاهدين أن نائبا يطالب بتحرك ضد التغيرات المناخية بأنه كان يعمل مديرا لشركة نفط، لأنه كشف عن اهتمامه هذا في مكان آخر.

وكشف لاحقا أنه لم تكن هناك ضرورة للكشف عن أن معهد الشؤون الاقتصادية  تلقى تمويلا من شركات الدخان عندما عارض تنظيمات ضدها، والذريعة هي أنه لم يكشف عن هذه المصلحة. وعادة ما يتم منع مشاركة أي شخص طرح انتقادات من هذا النوع، كما تشي تجربة الكاتب.

وفي عام 2019، تحدثت صحافية “أوبزيرفر” كارول كادوالدر، لمدير “بي بي سي” في حينه توني هول، حول الإهمال الصارخ لقواعد التمحيص. وغيّر في رده القواعد عندما قال إن تمويل المراكز وولاءها يجب أن “يتم تحديده للمشاهدين عندما يقتضي السياق”. وتم تنفيذ السياسة لأسبوعين ثم أُهلمت.

وأصبح الوضع مثيرا للسخرية، فقد طلبت “بي بي سي” من هذه المراكز التعليق على أداء هذه الحكومة وكأن أفرادها مراقبون محايدون بدلا من كونهم مؤلفين لسياساتها. ولا يعتقد الكاتب أن فشل “بي بي سي” في تنفيذ قواعده هو أمر عرضي، يل يقول: “أعتقد أنها سياسة”، لكن ما هو السبب؟

ويجيب: “الترضية هو جزء من الإجابة: فبي بي سي تحاول وباستمرار استرضاء الصحافة التي يدعمها أصحاب المليارات والحكومات المحافظة. وأكثر من كل هذا، فقد ظلت بي بي سي المدافع والناشر لسياسات الحكومة في السلطة. ومدير بي بي سي هو ريتشارد شارب، وقد قيل الكثير عن تبرعات شارب لحزب المحافظين، إلا أن علاقته مع مراكز البحث ذات التمويل المالي المشبوه مثيرة للقلق أكثر. فقد كان مديرا لمركز دراسات السياسة.. وفي اليوم الذي أعلن فيه كوارتينغ عن الميزانية المصغرة، زعم المركز مسؤوليته عن عدد من البيانات المهمة فيها. وطالما دعا تحالف دافعي الضريبة لإلغاء رخصة “بي بي سي”.

ويرى لكاتب أن هناك أمرا أكبر وراء هذه القصة مما نعرف. ومن الصعب فهم الطريقة التي تقوم فيها “بي بي سي” بخرق قواعده للترويج وتطبيع جماعات ليبرالية جديدة. والليبرالية الجديدة هي تبرير فكري لحروب الطبقة التي شنها الأغنياء ضد الفقراء، و”بي بي سي” هي جزء من  الفريق.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي