
في استطلاع داخلي أوصى به “حداش” قبل انتهاء آب الماضي، ظهر أن نسبة المواطنين العرب الذين ينوون التصويت في الانتخابات انخفضت إلى 42 في المئة. الخوف الكبير هو أن يعيد سلوك كهذا نتنياهو إلى الحكم. لا أتفاخر بمعرفة الأفضل للجمهور العربي، لكني أحاول تفهم منطق هذا التوجه. لقد وجد هذا السلوك الصدى على صفحات هذه الصحيفة في مقال ألكسندر يعقوبسون في 17/8، الذي كتب فيه بأن “الذين كانوا يفضلون رؤية دولة واحدة من البحر وحتى النهر في نهاية المطاف، ليسوا بحاجة فقط إلى خوف من حكومة نتنياهو، بل رهانهم على حكم اليمين في إسرائيل من وجهة نظرهم هو الرهان السياسي الحقيقي والأكثر عقلانية”.
ينبع عدم المشاركة في الانتخابات حسب تقديري من عدة أسباب رئيسية: أ- ازدراء المشروع الصهيوني مع يقظة جديدة للوعي بصدمة النكبة والشعور بالمواطنة المتدنية. ب- التماهي مع فلسطين، جزء كبير من عرب إسرائيل يعتبرون أنفسهم فلسطينيين. ج- خيبة الأمل من نشاطات منتخبيهم الذين لا يحاربون كما يجب من أجل حقوقهم وحقوق كل الشعب الفلسطيني.
يبدو أن المشاركة في الانتخابات تعدّ مثل إعطاء الشرعية للكيان الصهيوني والاعتراف به.
صوت عرب إسرائيل قد يرجح كفة الميزان في نضال اليمين للحصول على الأغلبية والعودة إلى الحكم. تقع على عاتقهم مسؤولية حاسمة. تعقيدات ودهاليز السياسة الإسرائيلية ليست غريبة على الجمهور العربي، وبالتأكيد على قادته. هؤلاء يتنافسون فيما بينهم في تظاهرة شعبوية لمعارضة كل ما يمثل إسرائيل في محاولة لكسب التعاطف.
يجب أن يكون واضحاً ما ستكون عليه نتائج حصول كتلة اليمين على أغلبية. ليس عبثاً خوف نتنياهو في هذه المرة أيضاً من “العرب يتدفقون إلى صناديق الاقتراع”. لا شك أنه إذا تم انتخابه، فلن يوفر وسيلة تساعده في الهرب من رعب القانون. حكومة التغيير الحالية ليست حلم عرب إسرائيل. مع ذلك، حسب “السياسة الواقعية” فإنها مفضلة على الكابوس البيبي مع ايتمار بن غفير كوزير للأمن الداخلي وبتسلئيل سموتريتش كوزير للعدل.
إن تعزيز قوة الأحزاب العربية سيشكل عاملاً حاسماً سيؤثر بشكل مباشر على حياة ناخبيها بدرجة لا تقل عن تأثيره على حياة اليهود. وحضور محترم لأعضاء كنيست عرب سيفيد الجمهور العربي وسيمنع تعاظم الفاشية وسيكبح التنمر على الفلسطينيين والتنكيل بهم. لا يدور الحديث عن التماهي مع الصهيونية، بل عن القلق على احتياجات المجتمع العربي في إسرائيل. ما الذي سيشعر به المواطن العربي الذي قاطع الانتخابات عندما يتبين له مساء الأول من تشرين الثاني بأنه أعطى نتنياهو المقعد 61؟ حتماً سيحصل على اللقب غير السار، “المستعربين”. من أجل مصلحتهم هم أنفسهم يجدر بعرب إسرائيل الانضمام إلى الجهود التي تسعى لعدم عودة اليمين إلى الحكم عن طريق المشاركة اليقظة في الانتخابات.
بقلم: رافي فلدن
هآرتس 20/9/2022