محللة سياسية: رغم الحظر الدولي .. التهديد الكوري الشمالي يتزايد

د ب أ- الأمة برس
2022-08-07

أكدت بيرجمان أن أي استراتيجية أمريكية جديدة يجب أن تعترف تماما بدور الصين كدولة داعمة لكوريا الشمالية لتحقيق الاغراض الاستراتيجية للحزب الشيوعي الصيني في المنطقة (أ ف ب)

نيويورك: رغم قرار مجلس الأمن الدولي الذي فرض منذ سنوات حظرا على إجراء كوريا الشمالية تجارب صواريخ باليستية، إلا أنها واصلت تطوير برامجها النووية والصاروخية في عام2021، وفق ما ورد في تقرير جديد للأمم المتحدة.

وقالت الكاتبة الصحفية والمحامية والمحللة السياسية جوديث بيرجمان في تحليل نشره معهد جيتستون الأمريكي إن كوريا الشمالية أطلقت في كانون الثاني/يناير فقط عددا قياسيا من الصواريخ بلغ 11 صاروخا، من بينها صاروخان من الصواريخ الفرط صوتية، وأول إطلاق منذ عام 2017 لصاروخ باليستي متنقل متوسط المدى طراز هواسونج-12يمكنه الوصول إلى الأراضي الأمريكية حيث يبلغ مداه التقريبي 4500 كيلومتر. وفي عام 2017، اختبرت كوريا الشمالية صاروخ هواسونج-15، الذي يبلغ مداه التقريبي 8500 إلى 13000 كيلومتر.

وقد أعرب مسؤولو الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية عن القلق، كما أن اختبار الصاروخ هواسونج-12 أوضح أن كوريا الشمالية سوف تسـتأنف اختبار الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والأسلحة النووية.

وبالإضافة إلى ذلك، تردد أن كوريا الشمالية تمتلك قاعدة تحت الأرض، يتم استخدامها للاحتفاظ بالصواريخ الباليستية العابرة للقارات على بعد 25 كيلومترا فقط من الحدود مع الصين. ووفقا لمحللين من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية فإنه تم اختيار الموقع لردع أي هجمات استباقية من جانب الولايات المتحدة ضد القاعدة، لتجنب استفزاز بكين.

وقال فيكتور شا، وهو خبير بشؤون كوريا الشمالية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن" الموقع بالقرب من الحدود الصينية يمثل رادعا محتملا لأي هجوم استباقي قد يمس الامكانيات الأمنية الصينية الأساسية".

وقالت وزارة الخارجية الكورية الشمالية في بيان لها" في عالم اليوم الذي تبدد فيه كثير من الدول وقتها في التعامل مع الولايات المتحدة، وهي في حالة خضوع واستسلام وطاعة عمياء، هناك دولتنا فقط على كوكب الأرض التي بوسعها أن تهز العالم بإطلاق صاروخ يمكن أن يصل مداه إلى الأراضي الأمريكية...و هناك أكثر من 200 دولة في العالم، لكن القليل منها يمتلك قنبلة هيدروجينية، وصواريخ باليستية وصواريخ فرط صوتية". وقالت كوريا الشمالية في الماضي أن الصاروخ هواسونج-12 يمكنه حمل" رأس حربي ثقيل كبير الحجم".

من ناحية أخرى، وصفت ثمان دول أعضاء في مجلس الأمن هي: الولايات المتحدة، وألبانيا، والبرازيل، وفرنسا، وإيرلندا، والنرويج، والامارات العربية المتحدة وبريطانيا- واليابان اطلاق الصاروخ هواسونج-12 بأنه" تصعيد كبير... يسعى لزيادة زعزعة استقرار المنطقة".

كما حثت الصين على " المرونة" بالنسبة لكوريا الشمالية. وقال مندوب الصين لدى الأمم المتحدة تشانج جون" يتعين عليهم اتباع أساليب أكثر جاذبية، وعملية، وأكثر مرونة، وسياسات وتصرفات في التعامل مع المخاوف" من جانب كوريا الشمالية. وأضاف " إن المفتاح الأساسي لحل هذه القضية يكمن بالفعل في أيدي الولايات المتحدة".

وتقول بيرجمان إنه يبدو أن حث الصين على أن تكون هناك "مرونة" فيما يتعلق بكوريا الشمالية يتوافق مع طموحات الحزب الشيوعي الصيني في المنطقة. وحتى من المحتمل أن تكون تصرفات كوريا الشمالية الأخيرة قد تمت بتشجيع من الصين.

وكتب جوردون جي. تشانج الخبير بشؤون الصين " إن الصين، عموما، تمارس نفوذا كبيرا على عائلة كيم الحاكمة في كوريا الشمالية ويمكنها، كأمر عملي، أن تطلب من الكوريين الشماليين عمل ما تريده".

ووفقا لبعض المحللين، فقد كان للصين دور فعال في تحقيق برنامج الأسلحة النووية الكوري الشمالي, ويقول بيتر هوسي، مدير دراسات الرادع الاستراتيجي بمعهد ميتشيل للدراسات الفضائية الجوية" إن البرنامج النووي الكوري الشمالي بدأ عام 1965 ببناء السوفييت لمفاعل نووي بقدرة 5 ميجاوات. ولكن المساعدات الصينية والباكستانية هي التي مكنت كوريا الشمالية من البدء في تشييد مفاعل بقدرة 50 ميجاوات في يونجبيون، ومنشأء معالجة سرية في منتصف ثمانينيات القرن الماضي.

وأوضح هوسي أنه " وفقا لتقارير مخابراتية تم الكشف عنها للكونجرس، هناك خمسة بنوك رئيسية وشركة قابضة تم إنشاؤها خصيصا تمول برامج كوريا الشمالية الخاصة بالتكنولوجيا الصاروخية والنووية".

وتشير بيرجمان إلى أن القلق الاستراتيجي لدى الصين فيما يتعلق بشبه الجزيرة الكورية يبدو أنه يتعلق بإنهاء التواجد الأمريكي هناك وإبعادها عن أيدي الولايات المتحدة حتى يمكن للصين أن ترسخ نفسها في نهاية المطاف باعتبارها الدولة المهيمنة على المنطقة. ويوجد حاليا حوالي 28500 جندي أمريكي في كوريا الجنوبية. وهو ثالت أكبر تواجد في الخارج بالنسبة للولايات المتحدة بعد اليابان وألمانيا.

ومن شأن التصعيد الكوري الشمالي في شكل تجارب صواريخ متزايدةـ واستئناف للصواريخ البالستية العابرة للقارات والتجارب النووية للضغط على الولايات المتحدة لتقديم تنازلات- في شكل سحب للقوات من كوريا الجنوبية – أن يصب مباشرة في مصلحة الصين، مما يمكنها من أن تحل محل الولايات المتحدة وترسخ نفسها باعتبارها القوة الرئيسية في المنطقة.

وأوضح ماركوس جارلاوسكاس، وهو أحد كبار الزملاء غير المقيمين بمركز سكوكروفت للاستراتيجية والأمن التابع للمجلس الأطلسي، والذي خدم طوال حوالي 20 عاما في الحكومة الأمريكية وكانت مهمته التعامل مع كل ما يتعلق بكوريا الشمالية، أنه إذا كانت إدارة بايدن تريد حسم التهديد الكوري الشمالي المتزايد، سوف يتعين عليها البدء في التصرف بصورة مختلفة. وسوف يتعين عليها التخلي عن" نفس استراتيجية كوريا الشمالية الأساسية التي تستخدمها الولايات المتحدة منذ عقدين من الزمان".

وأضاف أن "هذه الاستراتيجية تركز على تحقيق/ قرار استراتيجي/ من بيونج يانج للتفاوض بشأن وضع نهاية لبرنامجها الخاص بالأسلحة النووية وفيما يتعلق بتعاون بكين في تحقيق النفوذ الاقتصادي الضروري". ويبدو أنه ليس لدى الصين اهتمام بالتعاون مع الولايات المتحدة بشأن كوريا الشمالية.

وأكدت بيرجمان أن أي استراتيجية أمريكية جديدة يجب أن تعترف تماما بدور الصين كدولة داعمة لكوريا الشمالية لتحقيق الاغراض الاستراتيجية للحزب الشيوعي الصيني في المنطقة. ومن الواضح أنه لا يمكن الاعتماد على الصين لاستخدام نفوذها طواعية لاقناع جونج أون بالتخلي عن برنامجه الصاروخي والنووي.

ولحسم هذا الأمر، من الضروري أن تستخدم الولايات المتحدة وسائل لا تترك للصين خيارا سوى التعاون بشأن كوريا الشمالية. وقال جودون تشانج أن أحد السبل الفعالة للغاية هي عزل البنوك والشركات الصينية الكبيرة التي تدعم التكنولوجيا الصاروخية والنووية لكوريا الشمالية عن النظام المالي العالمي بتصنيفها بأنها "تبعث على القلق في مجال غسل الأموال" وفق القسم 311 من قانون باتريوت.

واختتمت بيرجمان تحليلها بالقول إن صناع السياسة الأمريكيين يعرفون كيف يجعلون الصين تبدأ في التصرف بمسؤولية. والسؤال الآن هو هل ستكون لدى إدارة بايدن الإرادة السياسية لاخضاع تلك البنوك الصينية الكبيرة للتصنيف وفق القسم 311 من قانون باتريوت؟







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي