الغارديان: الظواهري قُتل بعد نجاح إستراتيجيته للتوسع في إفريقيا والتخلي عن الهجمات الكبرى لرفيقه بن لادن

2022-08-05

حذر تقرير الأمم المتحدة من إمكانية استخدام المناطق التي سيطرت القاعدة عليها أو تنظيم الدولة، كنقطة انطلاق هجمات في المستقبل القريب (ا ف ب)

نشرت صحيفة ” الغارديان” تقريرا لمراسلها جيسون بيرك والمتخصص في شؤون القاعدة، قال فيه إن مقتل زعيم التنظيم، أيمن الظواهري جاء في وقت وسّعت جماعته من حضورها في نزاعات القارة الإفريقية.

ويرى أن آخر انتصار لأيمن الظواهري قبل مقتله في كابول يوم الأحد بصاروخين انطلقا من مسيرة أمريكية، كان الهجوم الذي نفذه أكبر فرع تابع للقاعدة في منطقة الساحل والصحراء على قاعدة عسكرية في مالي.

وكانت الأساليب المستخدمة في الهجوم معروفة: انتحاريون فتحوا ثغرة في دفاعات القاعدة بشكل سمح للمقاتلين بالوصول إلى المدافعين المصدومين. إلا أن العملية كانت بداية تصعيد مهم. فلم تكن القاعدة التي سجلت حضورها في مالي منذ أكثر من عقد قادرة على ضرب هدف بهذه الأهمية أو قريبا من العاصمة باماكو.

ويرى بيرك أن الهجوم على قاعدة كاتي، أكد على تصميم التنظيم في إفريقيا وأماكن أخرى رغم عقود من الحرب التي قادتها أمريكا ضد الإرهاب والتنافس الحاد بينها وتنظيم الدولة الإسلامية. وجاء في تقرير أصدرته الأمم المتحدة الشهر الماضي إن “السياق الدولي بات في صالح القاعدة والتي ترغب بالاعتراف بها كزعيمة لحركة الجهاد الدولي”. وكان الهجوم في مالي بشهر تموز/ يوليو، تأكيدا لقرار الظواهري عام 2011 التخلي عن الهجمات الكبرى ضد الغرب والتي كان يدعمها زعيم القاعدة الأول، أسامة بن لادن. وبدلا من ذلك، وجّه قادة القاعدة لتحقيق مكاسب في الميادين المحلية، بدون تشتيت انتباههم باستهداف حركة الملاحة الجوية الدولية أو تفجير المدن الأوروبية.

 وحذر تقرير الأمم المتحدة من إمكانية استخدام المناطق التي سيطرت القاعدة عليها أو تنظيم الدولة، كنقطة انطلاق هجمات في المستقبل القريب.

وجاء فيه: “يظل التهديد من تنظيم الدولة والقاعدة منخفض نسبيا في مناطق التي لا تجري فيها نزاعات، لكنه يبقى مرتفعا في المناطق التي تأثرت بالنزاعات أو المجاورة لها. وحتى يتم إنهاء النزاعات بطريقة ناجحة فإن واحدا منها أو غيرها قد يكون حاضنة لعمليات خارجية لتنظيم الدولة أو القاعدة او أي جماعة إرهابية مرتبطة بها”. وأثبت التقدم في مالي صحة جزء آخر من استراتيجية الظواهري، وهي بناء قاعدة دعم شعبي للتنظيم.

وقال الظواهري لقادة فروع القاعدة بعد توليه القيادة عام 2011، إن تظلمات  المجتمعات المهمشة يمكن استغلالها، خاصة تلك التي تتسم فيها سلطة الحكومة بالضعف. ويمكن بناء علاقات قوية مع اللاعبين المحليين من خلال التعاون بل والزواج. وعليهم عدم اللجوء للعنف إلا في حالة رأوا أنها ضرورية ومشروعة. وكانت الإستراتيجية سابقة لصعود تنظيم الدولة عام 2014، إلا أن نجاح التنظيم المنافس أضاف زخما لها. ففي الوقت الذي اعتمد فيه تنظيم الدولة على الإكراه والتخويف لإخضاع السكان، حاولت القاعدة الظهور بمظهر المعتدل. وعانت القاعدة من نكسات متعددة، بل تعرضت للمحو تقريبا في سوريا والعراق، ولم تكن قادرة على التنافس في ميادين أخرى مع تنظيم الدولة في كل من نيجيريا وسيناء في مصر. إلا أن الظواهري نجح في أفريقيا تحديدا، فقد توصل الزعيم السابق شخصيا إلى تحالف مع حركة الشباب التي تسيطر على مناطق واسعة من ريف الصومال ولديها قوة من آلاف المقاتلين.

وفي تموز/ يوليو، واجه 500 من مقاتلي الحركة، القوات الإثيوبية في عملية توغل حدودية. والحركة الصومالية ثرية وتستطيع إرسال ملايين الدولارات لخزينة القاعدة المركزية، كما تعتقد المخابرات.

ويرى محللون، أن المشاكل العميقة الناجمة عن التنافس على المصادر بسبب التغيرات المناخية وعدم الاستقرار السياسي وتشريد السكان والانسحاب الأخير للقوات الفرنسية من مالي فرصة جيدة للقاعدة التي استفادت منها في توسيع مجال تأثيرها. وبادر فرع القاعدة في مالي “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” لاستغلال وجود مرتزقة فاغنر الروسية القريبة من الكرملين.

واتُهمت فاغنر بارتكاب انتهاكات منظمة لحقوق إنسان، بما في ذلك مجازر ضد المدنيين، وأثارت غضب السكان المحليين ضد الحكومة.

وكان هجوم القاعدة على قاعدة كاتي خارج العاصمة المالية باماكو، ردا على تعاون الحكومة مع فاغنر، كما قالت جماعة الإسلام والمسلمين. وفي البيان الذي نشره الموقع الإستخباراتي “سايت”: “نقول لحكومة باماكو، لو كان لك الحق في استئجار المرتزقة لقتل الناس الأبرياء العزّل، فمن حقنا تدميرك واستهدافك”. وقال الجنرال ستيفن جي تاونسند، قائد القيادة المركزية الأمريكية في إفريقيا، إن جماعة الإسلام والمسلمين “تتقدم نحو الجنوب” و”وهم الآن قرب واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو، وبدأوا الآن عمليات في دول الساحل، وهذا مثار قلق، كما أعتقد للعالم الذي يراقب”.

ولكن وجود القاعدة في شمال إفريقيا تم تقييده إلى حد ما، في تونس وليبيا بعد الهدوء النسبي في الفوضى التي تبعت حركات الربيع العربي. وفي اليمن، ضعف فرع التنطيم إلا أنه لا يزال موجودا، مع أن المخابرات الغربية اعتبرته مرة من أخطر وأقوى فروع القاعدة. وفي خارج إفريقيا، كانت المكاسب الكبرى التي حققتها القاعدة في أفغانستان.

وقال دافيد غارتستين، مدير فالينز غلوبال لتحليل المخاطر: “انتصار طالبان قوّى القاعدة كما هو متوقع، وهذه حقيقة بسيطة”. وأقامت القاعدة علاقات مع رموز قوية في طالبان وفصائل فيها، والتي كانت منقسمة حول طريقة التعامل مع القاعدة ومنحها ملجأ آمنا أو من كانوا راغبين بمنحها الملجأ ضمن شروط. فالبيت الذي قتل فيه الظواهري يعود إلى وزير الداخلية بالوكالة سراج الدين حقاني. أما بقية المسؤولين البارزين في القاعدة، فمعظمهم في إيران التي هربوا إليها في عام 2001. وتشير تقارير إلى أنهم يواصلون النشاط من هناك، رغم القيود المفروضة على اتصالاتهم.

والتحدي للتنظيم هو أن معظم القادة المرشحين للقيادة قُتلوا في غارات جوية أمريكية، كما تقول كاثرين زيمرمان، الزميلة في معهد “أمريكان إنتربرايز” في واشنطن. ومنهم حمزة بن لادن الذي قتل في باكستان ما بين 2017- 2019. كما قُتل الرجل الثاني في القاعدة في عملية يعتقد أن الموساد يقف وراءها في طهران عام 2020. ومما ساعد القاعدة على توسيع نشاطاتها، هو انشغال الولايات المتحدة  في أماكن أخرى.

وتعلق زيمرمان: “لا نكرس الكثير من الانتباه. والسؤال على الأقل هناك في واشنطن دي سي، ما القضية التي ستجبرنا على التحول عن آسيا؟” و”ما هو التشتيت الإستراتيجي عن تركيزنا الجديد على الصين؟ والجميع يقولون إنه عملية إرهابية ضخمة، ولكنني لست مقتنعة أنها ستفعلها” أي القاعدة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي