إندبندنت: عامان على انفجار بيروت.. العدالة غائبة والضحايا يستنجدون بالأمم المتحدة

2022-08-04

أثيرت مخاوف عندما بدأت صوامع الغلال في المرفأ بالاحتراق قبل 3 أسابيع، وانهارت ناشرة الدخان السام (أ ف ب)

نشرت صحيفة “إندبندنت” تقريرا لمراسلتها في الشرق الأوسط بيل ترو، قالت فيه إن عائلات ضحايا انفجار بيروت، طالبت الأمم المتحدة بالتدخل العاجل وإرسال فريق تقصي حقائق إلى بيروت للتحقيق بانفجار المرفأ الذي تصادف ذكراه الثانية اليوم الخميس.

وقُتل في التفجير 215 شخصا على الأقل، وجرح 6 آلاف شخص عندما انفجرت أطنان من نترات الأمونيوم في ميناء العاصمة، وكان أقوى انفجار غير نووي يشهده العالم في تاريخه الحديث. ولم يحاكم أي شخص على الكارثة، كما تجمدت محاولات التحقيق.

واتهمت عدة منظمات حقوقية عشية الذكرى الثانية، ومنها هيومان رايتس ووتش وأمنستي انترناشونال، ولجنة القضاة الدوليين إلى جانب الناجين وعائلات الضحايا، الحكومةَ الللبنانية بأنها تعرقل محاولات تحقيق العدالة بطريقة وقحة، وأنها تقوم بمنع التحقيق وحماية السياسيين والمسؤولين المتورطين. وحثّت هذه المنظمات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على الموافقة على قرار في جلسة المجلس القادمة الشهر المقبل، وإرسال فريق تقصي حقائق مستقل و”بدون تأخير”.

وجاء في  البيان: “يجب على اللجنة التوصل إلى الحقائق والظروف بما فيها الأسباب الحقيقية للانفجار”. وأضاقت المنظمات: “بات من الواضح الآن، وأكثر من أي وقت مضى، أن التحقيق المحلي لا يمكنه إنجاز العدالة”. وقال بول نجار، الذي كانت ابنته البالغة من العمر 3 أعوام من بين الضحايا الصغار، إن مطالب تقصي الحقائق ستكون على رأس مطالب المتظاهرين في بيروت يوم الخميس. وقال: “حقيقة مضيّ عامين أمر رهيب، ولا يشفي الزمن الجراح، والألم يزداد سوءا في غياب الحقيقة والعدالة أو أي شيء”. و”في نظرنا العدالة ميتة في لبنان، لا يوجد شيء اسمه العدالة هنا”.

وجاءت تعليقاته بعد دعوات بابا الفاتيكان فرانسيس، الذي استخدم صلاته الأسبوعية العامة يوم الأربعاء، وصلّى لعائلات الضحايا محذرا أنه لا يمكن إخفاء الحقيقة، و”أدعو أن يجد كل شخص العزاء ويرتاح بالعدالة والحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها”. وتم التحضير لعدة احتجاجات لإحياء ذكرى مرور عامين على الانفجار ومن الذين تأثروا به، ويطالبون بالعدالة. ولم يجد هؤلاء استجابة لطلباتهم المتكررة من أجل تحقيق العدالة.

كل هذا رغم الأدلة الصارخة والتي تثبت أن المسؤولين البارزين من سلطات الميناء إلى رئيس الدولة، كانوا يعرفون بالمخزون القاتل الذي سبب الانفجار ولم يفعلوا شيئا. وعيّن وزير العدل اللبناني القاضي فادي صوان لكي يترأس التحقيق، وأصدر في كانون الأول/ ديسمبر 2020، اتهامات ضد 3 وزراء سابقين ورئيس الوزراء في حينه بالإهمال. وعزلته محكمة بعد عدة أشهر عندما اشتكى وزيران سابقان بأن القاضي تجاوز صلاحياته. وتم تعيين القاضي طارق بيطار محل صوان، إلا أن محاولاته للتحقيق مع الوزراء السابقين ومدير المخابرات العامة القوي عباس إبراهيم، فشلت. ونفى الجميع ارتكابهم أي خطأ، وقاوموا الاعتقال وزعموا أن لديهم حصانة، أو أن القاضي ليست لديه صلاحية محاكمتهم.

وتقول منظمة هيومان رايتس ووتش، إن المشتبه بهم قدّموا العام الماضي عدة قضايا للمحاكم تطالب بعزل بيطار، واتهموه بالتحيز و”الأخطاء الخطيرة”، مما أدى إلى تعليق  للتحقيق أكثر من مرة. وتم وضع القضية على الرف في بداية 2022، نظرا لتقاعد القضاة في المحكمة التي كان من المفترض أن تفصل في عدة شكاوى ضد بيطار، قبل السماح له بالاستمرار. ورفض وزير المالية، المدعوم من رئيس البرلمان نبيه بري، التوقيع على مرسوم لتعيين قضاة جدد، متعللا بموضوعات طائفية مثيرة للقلق. وهو ما جمد كل محاولات التقدم بالتحقيق، حسب فاروق المغربي، أحد المحامين الذين يمثلون الذين أصيبوا بحراح خطيرة أو عائلات الضحايا.

وأخبر المغربي صحيفة “إندبندنت” أنهم يحاولون تقديم عريضة للبرلمان لتعديل الإجراءات المدنية، والتي تسمح بوقف التحقيقات بطريقة آلية عندما يتم التقدم بشكوى ضد القاضي المعني. ويريدون زيادة الغرامات ضد الأشخاص الذين يقومون “بسوء نية” ومنع الساسة من المضي في هذا الطريق. وقال إنه يأمل بدفع وزير المالية لكي يعين رئيسا جديدا لمحكمة النقض حتى يتم النظر في الشكاوى القائمة التي تمنع استمرار التحقيق. وقال المغربي: “علي أن أكون متفائلا بتحقيق العدالة، كلنا جرحنا من هذا التفجير.. دمروا البلد ولا يمكننا التعامل مع هذه الطريقة اللبنانية، إنه أمر ضخم”. و”لو استمرينا في القتال، فسيكون لدينا فرصة للعدالة، أما إن فقدنا الأمل، فلن تكون هناك فرصة، ولا خيار أمامنا إلا القتال”.

وأثيرت مخاوف عندما بدأت صوامع الغلال في المرفأ بالاحتراق قبل 3 أسابيع، وانهارت ناشرة الدخان السام. وتلقى عمال الإطفاء تحذيرات من إمكانية انهيار صومعتين في  الجزء الشمالي. وقال الجنرال ميشيل المر، مدير الإطفاء والذي خسر عشرة من رجاله في الانفجار، إن صومعة غلال لا تزال مشتعلة، ولكن رجاله لم يحاولوا إطفاء النار فيها بسبب مخاوف انهيارها. وقال إنه يجد صعوبة في وصف شعوره بالحزن على غياب التقدم في مسار العدالة: “منع التحقيق، ولا زلنا بانتظار النتيجة، ولا يمكننا عمل أي شيء كعمال إطفاء ونقوم بمهتنا وعملنا”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي