هآرتس: ماذا لو عاد نتنياهو رئيساً للوزراء؟ 

2022-08-03

بنيامين نتنياهو (أ ف ب)

ما الذي سيحدث إذا عاد نتنياهو وترأس الحكومة القادمة؟ سيناريوهات الرعب في معسكر معارضيه تزدهر؛ فهو سيكون أسيراً لايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، ماكينة السم ستعمل وقتاً إضافياً، التعيينات الحاسمة ستعود إلى يد زوجته، العنصرية ستزدهر، قوانين الحصانة ستُسن على شرفه، وحراس العتبة سيتم نفيهم أو تصفيتهم واحداً تلو الآخر، وسيتم إلغاء محاكمته، وسيتفكك جهاز القضاء إلى شظايا، أما النهاية فستحل على الديمقراطية في إسرائيل، ولن يكون لنا خيار سوى الهجرة من هنا.

ثمة أخطار أخرى لا تقل إقلاقاً عن ذلك. إذا كانت الاستطلاعات الأخيرة هي المؤشر على نتائج الانتخابات، فالسيناريو المرجح هو أنه لن تكون لنتنياهو “حكومة يمينية كاملة” برئاسته. وإذا اجتازت قائمة “الروح الصهيونية” لاييلت شكيد ويوعز هندل نسبة الحسم، فربما تزداد احتمالية تشكيل حكومة يمينية، التي ستكون كما يبدو حكومة ضيقة من 61 مقعداً. أي أنه لن تكون هناك أغلبية تمكنه من الدفع قدماً بقوانين حصانة وإلغاء محاكمته (مثل مشروع قانون عضوة الكنيست ميري ريغف). يمكن الافتراض أنه سيحاول أن يفعل كل ما في استطاعته عن طريق مبعوثيه لتحسين وضعه القانوني، أي إلقاء الرعب على القضاة وعلى جهاز القضاء كله وإشغال الكنيست بمشاريع قوانين عبثية وحرف الانتباه، لكن نجاحه في مناورته هذه مشكوك فيها.

لماذا لن ينجح؟ لأن في دولة إسرائيل، رغم السمعة السيئة التي نلصقها بها بين حين وآخر، مؤسسات فاعلة وجمهوراً مستعداً للاحتجاج. بطريقة معينة، رأينا داخل الفوضى السياسية التي سادت في السنوات الأخيرة، أن الديمقراطية تعمل وتنتج حلولاً ديمقراطية، حتى لو كانت مشوهة، وهي لا تختار الحل الذي يظهر كأنه سهل. فشل الليكود في محاولة الدفع بقوانين حصانة على أنواعها. وهو في نهاية المطاف، فقد رئاسة الحكومة بسبب أصوات الناخبين وبفضل التفاهمات التي تم التوصل إليها بين ثمانية أحزاب، وليس بسبب “قرار موظف” أو “قرار محكمة”. عندما طلب من المحكمة العليا الرد على سؤال ما إذا كان المتهم بمخالفات جنائية يسمح له تشكيل حكومة، قضت بالإجمال بأن “مسموح”. وحكومة بينيت – لبيد لم تدفع قدماً بالقانون الذي يمنع المتهم من أن يكون رئيس حكومة، إذ لا توجد أغلبية في الائتلاف لذلك. ويجب التذكير مرة أخرى بأن نتنياهو قال عن إيهود أولمرت بأن “رئيس حكومة غارقاً حتى عنقه في التحقيق، لا تفويض له من الجمهور ولا وجود لتفويض أخلاقي للبت في أمور مصيرية، لأن هناك خوفاً حقيقياً من أن يتخذ قراراته على أساس المصالح الشخصية لبقائه، وليس بناء على المصالح الوطنية”.

إذا حاول نتنياهو الدفع قدماً بقوانين حصانة أو المس بجهاز القضاء، فإن أفعاله ستشجع على تجند القوى في أوساط الجمهور والمعارضة وحراس العتبة لصد الهجوم على الديمقراطية. لن ينجح في هذه المهمة. وإذا كان الأمر هكذا، فما الخطر هنا؟ الخطر الأكبر هو أن دولة إسرائيل ستواصل الانشغال بهذه القضية إذا عاد نتنياهو إلى رئاسة الحكومة، ومشكلات حاسمة، ببساطة، ستختفي عن جدول الأعمال. غلاء المعيشة والازدحامات في الشوارع والعنف في المجتمع العربي وأسعار السكن وإخفاق جهاز التعليم، هذه أثمان سندفعها بسبب تركيز نتنياهو على شؤونه الشخصية. أيضاً إخفاقات مثل كارثة ميرون أو كارثة الكرمل تنبع من انشغال السلطة المركزية بنفسها – سياسة تركز على صغائر الأمور والمعارك الشخصية – وليس بمنع الإخفاقات وتقديم أجوبة على التقارير الانتقادية وإعطاء الاحترام المناسب لتحذيرات مثل التحذيرات التي قدمت لنتنياهو بشأن الأخطار التي تكتنف الحج إلى قبر الحاخام في ميرون.

لم تتمكن حكومة بينيت – لبيد من معالجة مشكلة غلاء المعيشة بشكل عميق، لأنه لم يكن لها أفق. وبالتالي، فإن نموذج الحكومة الانتقائية والمليئة بالتناقضات ليس الحل لمشكلات إسرائيل الجوهرية أيضاً. عدم الاستقرار هذا سيتواصل مع وجود نتنياهو في المحيط. بدلاً من خفض غلاء المعيشة، يتوسل السياسيون لأصحاب الشركات من أجل تأجيل، ولو قليلاً، رفع الأسعار إلى ما بعد الانتخابات. هذا هو الثمن الحقيقي للأزمة السياسية.

 

بقلم: سامي بيرتس

 هآرتس 3/8/2022








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي