8 أعوام مضت على الإبادة الجماعية للأيزيديين.. والعالم تخلى عنهم

د ب أ- الأمة برس
2022-08-01

في أي عالم مثالي، كان ينبغي النظر إلى الإبادة الجماعية للأيزيديين في ضوء هذا التاريخ والسعى لتصحيح تلك الأخطاء (أ ف ب)

واشنطن: عندما أعلن التحالف العالمي لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية( داعش) وقوات سوريا الديمقراطية عن هزيمة داعش على الأرض عام 2019، تنفس العالم الصعداء. فقد انتهت الجماعة الإرهابية التي كانت تسيطر على مساحات كبيرة من العراق وسوريا تقدر بمساحة بريطانيا العظمى، ونفذت هجمات متطورة في الخارج، وارتكبت فظائع لا توصف ضد شعوب المنطقة.

ويقول باري إبراهيم الرئيس المؤسس والمدير التنفيذي لمنظمة " الحرية للأيزيديين"، و الصحفية الأمريكية ميجان بوديت مديرة الأبحاث في معهد السلام الكردي في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية إن تلك الهزيمة كان ينبغي أن توفر للأيزيديين- الذين سعت داعش للقضاء عليهم في حملة إبادة جماعية بدأت قبل ثمانية أعوام وتحديدا في الثالث من آب/أغسطس عام 2014-فرصة للتعافي وإعادة البناء.

وكان الأيزيديون يأملون في إعادة النساء والأطفال الذين تم خطفهم إلى عائلاتهم، وأن يتم إعادة بناء سنجار، وعودة النازحين إلى ديارهم، ومثول أفراد داعش أمام العدالة لمحاكمتهم على الجرائم التي اقترفوها، وأن يخطوا نحو مستقبل لا يمكن أن يشهد مطلقا حدوث مثل هذه الوحشية مرة أخرى.

ومع ذلك، بعد قرابة عقد من بدء المذبحة الجماعية وأكثر من ثلاثة اعوام من فقدان داعش لما يسمى بخلافتها، لم تتحقق تلك الأهداف الأساسية. والمسؤولة عن ذلك جزئيا نفس الحكومات التي قالت إنها لن تعترف" مطلقا مرة أخرى" بأن " جرائم داعش" مذبحة جماعية، والتي تطلق تصريحات منمقة دعما للأيزيديين.

ويقول إبراهيم وبوديت إن الرد العسكري الدولى الذي أدى إلى هزيمة داعش جدير بالإشادة. ولو لم تقم الولايات المتحدة وحلفاؤها بإجراء لوقف داعش في العراق وسوريا عام 2014، لكان الأيزيديون عرضة للدمار بصورة دائمة.

ومع ذلك، فشلت الجهود السياسية، ويرجع ذلك إلى حد كبير لعدم اعترافها بالعوامل الهيكلية والأسباب الرئيسية وراء فظائع داعش، أو معالجتها. ويوضح التاريخ مرارا وتكرارا أن الإبادة الجماعية لا تبدأ مطلقا بالقتل الجماعي- فمثل هذا العنف هو دائما عملية يسبقها تهميش، واضطهاد، وتجريد من الإنسانية.

ويرى إبراهيم وبوديت أن التهميش، والاضطهاد، والتجريد من الانسانية بالنسبة للأيزيدين في أوطان أجدادهم في الشرق الأوسط بدأت قبل عام 2014 بوقت طويل . فهم لم يعاملوا مطلقا كمواطنين على قدم المساواة مع الآخرين في الدول التي يعيشون فيها، و لم يتم الاعتراف بالهوية الأيزيدية. وكان جيرانهم يعاملونهم بمشاعر تنم عن الشكوك والازدراء. وحتى اليوم، يرفض الكثيرون شراء أي مواد غذائية من الأيزيديين ، اعتقادا منهم بـأنها غير نظيفة.

وتلك المواقف أسفرت عن عنف جماعي قبل 2014 أيضا. ففي المثال الذي يعد صارخا، قتلت القوات العثمانية حوالي 300 الف من الأيزيديين إلى جانب 5ر1 مليون من الأرمن في أثناء الإبادة الجماعية للأرمن. وقبل سبع سنوات من مهاجمة داعش لسنجار، أسفرت تفجيرات المتطرفين من السنة في المنطقة عن قتل حوالي 800 شخص وإصابة أكثر من 1500.

وفي أي عالم مثالي، كان ينبغي النظر إلى الإبادة الجماعية للأيزيديين في ضوء هذا التاريخ والسعى لتصحيح تلك الأخطاء. وبدلا من ذلك، أطال العالم دون قصد أمد عدم المساواة الخطيرة.

وأشار إبراهيم وبوديت إلى أن اتفاق سنجار يعد دليلا على هذا النهج الخاطىء. فالهدف المعلن للاتفاق وهو تعزيز السلام والاستقرار في سنجار ما بعد داعش أمر جدير بالثناء، كما أن بعض جوانب الاتفاق مفيدة.

ومع ذلك، فإنه بعد عامين تقريبا من عقد الاتفاق، يبدو أنه زاد ولم يقلص عدم الاستقرار. وهذه نتيحة مباشرة لحقيقة أن الاتفاق يعطي الأولوية لمصالح الحكومتين في بغداد وإربيل- واستبعد المجتمع المدني الأيزيدي من مفاوضات الاتفاق.

وقال إبراهيم وبوديت إن ثمانية أعوام من الفشل السياسي تعد أيضا سنوات كثيرة بالنسبة للناجين من الإبادة الجماعية الذين لديهم أمل في إعادة البناء والتحرك إلى الأمام. ويتعين على المجتمع الدولي الالتزام بتمكين الأيزيديين- ابتداء بالمجتمع المدني الأيزيدي- لبناء مستقبل آمن ومستدام لما بعد داعش بنفس القوة التي تم استخدامها لهزيمة داعش.

وبادىء ذي بدء، يتعين أن يكون هناك جهد دولي مركز لإنهاء كل الهجمات الداخلية والخارجية على سنجار. ويمكن أن تكون إحدى الخطوات المهمة لذلك غلق المجال الجوي للمنطقة أمام الطيران الأجنبي، مع استثناءات خاصة لمهام محاربة داعش. وهناك سوابق ناجحة لمثل هذه السياسة.

كما يتعين إعادة التفاوض بشأن اتفاق سنجار في ظل وساطة دولية محايدة وبمشاركة الأيزيديين من كافة الأطياف السياسية. وينبغي ألا يخدم الاتفاق الجديد أجندات سياسية خارجية، ويجب ألا يشمل أو يتغاضى عن أي عمل عسكري مخطط ضد الأيزيديين أو طرد أي أيزيديين عراقيين.

واختتم إبراهيم وبوديت تقريرهما بأنه يتعين أن يكون هناك جهد مركز في كل من بغداد وإربيل لتعزيز المشاركة السياسية المتساوية والعادلة بالنسبة للأقليات.

ويتعين أن يكون الأيزيديون قادرين على المشاركة في الحكومتين كممثلين لمصالح الأيزيديين- وليس كرموز للأحزاب السياسية.

ويجب أن تعتمد جهود تقديم المساعدات الانسانية وتعزيز إعادة البناء على أساس احتياجات المجتمع المدني وأن تسهل التمكين الاجتماعي، والسياسي، والاقتصادي الحقيقي بدلا من خلق الاتكالية والتصرف تجاه الأزمات فقط عند وقوعها.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي