الأطفال ينشدون وسط أنقاض بوروديانكا الأوكرانية لنسيان ويلات الحرب

ا ف ب - الأمة برس
2022-07-20

حصة موسيقى في بوروديانكا قرب كييف في 16 تموز/يوليو 2022 (ا ف ب)

تشير مدرّسة البيانو أوكسانا شيفتشينكو إلى كومة من الخرسانة المهدّمة والحديد الملتوي، وهو كل ما تبقى من المدرسة التي عملت فيها لثلاثين سنة ودمّرها الغزو الروسي الذي أفضى إلى احتلال بوروديانكا، إحدى ضواحي كييف الشمالية الغربية.

وتقول شيفتشينكو البالغة 53  سنة "لم يبق سوى الأرض ولا شيء آخر. وأصبح المكان أرضاً فارغةً محترقة بعدما كان مكاناً ثقافياً يدرس فيه الأطفال الموسيقى... ما حصل هو إبادة للثقافة وللأوكرانيين على يد الغزاة الروس".

وتأثرت بوروديانكا، وهي مدينة تبعد ساعة بالسيارة عن كييف وكانت تضم 14 الف نسمة قبل غزو القوات الروسية أوكرانيا في 24 شباط/فبراير، بشدّة من محاولة موسكو الاستيلاء على العاصمة الأوكرانية.

ويظهر الدمار بوضوح في شارع المنطقة الرئيسي، إذ أصبحت المباني فيه عبارة عن كومة أنقاض أو سُجلت فيها أضراراً جسيمة.

ودُمّر 12 مبنى سكنياً بالمنطقة فيما تعرض 24 آخر لأضرار، بحسب مسؤولين من البلدية. وتأثر بالعملية العسكرية الروسية أكثر من 400 منزل في المنطقة.

وبعدما دُمّرت مبانيهم، أصبحت قوات الشرطة ومكتب المدعي العام ومكتب البريد والبلدية تستقر كلها في المدرسة التي نجت من القصف.

- "شعور بالظلم" -

وتعطي شيفتشينكو في هذه المدرسة كذلك دروساً في الموسيقى للأطفال الذين عادوا إلى بوروديانكا بعد تحريرها في الأول من نيسان/ابريل.

ويغنّي الأطفال ضمن جوقة نشيد أوكرانيا تزامناً مع موسيقى تُعزف على البيانو.

وتقول المدرّسة أثناء تواجدها في صفّ مليء بآلات موسيقية "نلتقي ونتمرّن، وكان الأمر مؤلماً عندما حُرمنا من ذلك".

وتضيف انّ "خسارة مهنتي وتوقف الأطفال عن ممارسة أنشطتهم المفضلة يزيدان من التوتر الذي كنّا نشعر به، ما أثار لدينا شعوراً بالظلم".

وتلقت مدرسة الموسيقى التي كانت تضم وفق شيفتشينكو 160 طالباً قبل الحرب، تبرعات عدة من منظمات غير حكومية وأشخاص أوكرانيين وأجانب. وقدّمت لها فرقة متخصصة بموسيقى الروك أخيراً لوحة مفاتيح وآلتي درامز وغيتار.

وتقول شيفتشينكو "عدد من الأطفال كانوا يرغبون في العودة، وعادوا على غرار ما فعلت مجموعة من المدرّسين. ومن خلال جهود شخصية ومساعدة تلقيناها من جمعيات خيرية وأشخاص مهتمّين، اشترينا لوازم جديدة للمدرسة".

وفي أحد الصفوف الضيّقة، تؤدي ديانا كوفتون (15 سنة) أغنية أوكرانية شهيرة. وكانت الشابة قد غادرت بوروديانكا في اليوم الأول من الحرب قبل أن تعود إلى المنطقة.

وتقول "كنت أتساءل سابقاً ما إذا كان عليّ السفر للعمل أو الدراسة. أما اليوم فأصبحت متأكدة من رغبتي في إكمال دروسي بأوكرانيا. أريد أن أعيش هنا".

- "الموسيقى تساعد على الشفاء" -

وانضمت معلمة الغيتار تاتيانا كريفوشاينكو بدورها مجدداً إلى المدرسة لإعطاء دروس للأطفال. وبدت شفتاها ترتجف فيما حبست دموعها عندما كانت تروي كيف هربت من بوروديانكا.  

وتقول لوكالة فرانس برس "كان علينا السير حتى لا نلتقي بالقوات الروسية. مشينا خلال إحدى الليالي عشرة كيلومترات عبر الحقول حتى وصلنا إلى قرية زاغالتسي المجاورة".

وتضيف "كان الأطفال يبكون ويشعرون بأوجاع في أياديهم نتيجة جرّهم، وطلب مني ابني حينها أن أتوقف عن إمساكه بيده".

وتوجهت تاتيانا إلى غرب أوكرانيا قبل أن تعود إلى بوروديانكا في أوائل أيار/مايو.

وترى المدرّسة أنّ "الموسيقى من شأنها مساعدة البشر على الشفاء لأنها تفصلهم عن مشاكلهم"، مضيفةً "طلب مني الأطفال، حتى أولئك الذين أصبحوا خارج أوكرانيا، ألا أتوقف عن إعطاء الدروس".

وقُتل خلال الهجوم الروسي على بوروديانكا أكثر من 150 شخصاً من بينهم ثمانية أطفال.

ويشير رئيس البلدية بالإنابة غيورغي إيركو الذي أصبح مكتبه موقتاً في المدرسة إلى أنّ المدينة بقي فيها حالياً 9000 شخص فقد نصفهم تقريباً منازلهم.

ويقول "إذا تضرر سطح المبنى الذي تقطنه فينبغي إصلاحه للاستمرار في العيش فيه. والأمر نفسه ينطبق على المدينة. فبوروديانكا ليست مدينة أشباح. الحرب ستنتهي والحياة ستستمر".

ويضيف "آمل أن تسير الأمور بشكل جيد. عاد السكان وينبغي أن يعيشوا في ظروف طبيعية. ونحن نعمل جاهدين لضمان ذلك".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي