هآرتس لبايدن: ماذا لو لم يرصد "جيمس ويب" حل الدولتين في "المدى القريب.. والبعيد"؟

2022-07-18

 

الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ونظيره الأمريكي جوبايدن (ا ف ب)

في مستشفى أوغستا فيكتوريا (المُطّلَع)، من بين كل الأماكن، وقع الرئيس الأمريكي أول أمس على شهادة وفاة. “حل الدولتين” مات منذ زمن، والآن مات الخيار الاستراتيجي للفلسطينيين بالاعتماد على الغرب في نضالهم لتحقيق حقوقهم الوطنية. هذا أمل صعدت روحه في أوغستا فيكتوريا، ووقع بايدن على شهادة وفاته. في الخطاب الذي ألقاه هناك، بالغ الرئيس بالذكريات عن علاجه هو وأبناء عائلته، وتذكر قسم العلاج المكثف: خط مستقيم على المونتور يرمز إلى الموت، هكذا تعلم هناك. بعد وقت قصير، في بيت لحم، سجل خط الموت على المونتور. الطريق الذي بدأ الفلسطينيون بالسير عليه منذ أكثر من 25 سنة، وصل إلى نهايته. ووصلوا معه إلى طريق مسدود.

في بداية السبعينيات، لمع نجم في سماء السياسة الفلسطينية: طبيب القلب الدكتور عصام السرطاوي، وهو لاجئ من عكا، طالب في العراق، لاجئ في باريس وأحد مهندسي اختطاف الطائرات، مر بانقلاب، كان هو الذي اخترق طريق الفلسطينيين إلى قلب الغرب، بعد أن كانوا يعتمدون على دول عدم الانحياز. السرطاوي جلب للفلسطينيين بون وفيينا وباريس وستوكهولم، بدلاً من موسكو وجاكارتا ودلهي وكوالالمبور.

ظهر هذا كخيار رائع. هو واحد ممن تعهده وحتى أحبه عدد من رؤساء غرب أوروبا والاشتراكيون الديمقراطيون في حينه: فل براندت، برونو كرايسكي، اولف بالمي وفرانسوا ميتران، ثم واصل من هناك إلى قلب الإسرائيليين. بدأ السرطاوي في الالتقاء مع ممثلي اليسار في إسرائيل. تحمس ياسر عرفات وانضم إلى الطريق الذي شقه مستشاره. ظهرت هذه الطريق واعدة أكثر من الحصول على دعم كراتشي.

بعد مرور خمسين سنة على ذلك، وصلت هذه الطريق إلى نهايتها، وبات الفلسطينيون ينزفون على الألواح. مع رئيس أمريكي يسعى إلى تخصيص بضع ساعات فقط في زيارة تبرز اسماً سيئاً لرفع العتب. ومع تصريحاته التي تعطي اسماً أسوأ للضريبة الكلامية، حان وقت الاستيقاظ من الحلم القائل بأن أوروبا وأمريكا ستفعلان شيئاً حقيقياً من أجل الفلسطينيين، بحيث لا يكون مرضياً للعزيزة التي لا يمكن المس بها، وهي إسرائيل.

مع رئيس لا يكلف نفسه أن ينطق، بشكل سليم، اسم شيرين أبو عاقلة، الصحافية التي من شبه المؤكد أنها قتلت على يد إسرائيل وتحولت إلى رمز وطني ودولي، في حين أنه يعرف كيف ينطق اسم جمال خاشقجي، فإنه لم يعد للفلسطينيين ما يبحثون عنه في هذه الساحة. عندما تحدث بايدن معهم عن أمل “يتفق مع التاريخ” وألقى نحوهم 100 مليون دولار في حملة تبرعات لمستشفى المطلع، كان من الواضح أن الأمر ضائع مع الولايات المتحدة.

ها هي القصة وصلت إلى نهايتها مع رئيس أمريكي يعد بحل الدولتين “لكن ليس في المدى القريب”. أحب أن أسأل بايدن ماذا سيحدث إذا لم يتحقق هذا الحل في “المدى القريب”؟ إذا قرر الإسرائيليون بمبادرة منهم؟ وإذا عاد المستوطنون بإرادتهم؟ هل يمكن ذلك حين يكون عددهم مليوناً بدلاً من 700 ألف؟ هل سيكونون راضين؟ هل ستفكر أمريكا بشكل مختلف؟ لماذا سيحدث ذلك؟ مع رياح سيئة داعمة للقوانين المناوئة لـ “بي.دي.اس” وتعريفات مشوهة إزاء اللاسامية، المعركة حسمت، وإسرائيل هزمتهم تقريباً بشكل نهائي، وسيكون مصيرهم مصير السكان الأصليين في الولايات المتحدة.

كان يكفي النظر إلى صورة اللقاء في بيت لحم: نحو 12 شخصاً فلسطينياً يجلسون حول الزعيمين، يرتدون ربطات العنق ووجوههم حزينة في صورة جماعية يائسة. كان يكفي تذكر أقوال بايدن في 1986 أمام وزير الخارجية جورج شولتس: “أكره سماع أن الإدارة ترفض العمل في ضوء مبادئ أخلاقية… أخجل من دولة لا تقول شيئاً. أخجل من سياسة ليس لها عمود فقري”، هذه الأقوال كانت موجهة للسياسة الأمريكية تجاه دولة الأبرتهايد السابقة، جنوب إفريقيا. أقوال مشابهة بشكل مدهش يمكن توجيهها الآن لبايدن بسبب تعامله مع دولة الأبرتهايد الثانية. ولكن لم يعد هناك بايدن ليقولها.

 

بقلم: جدعون ليفي

هآرتس 18/7/2022







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي