
تنقل يسينيا تالفيرا بعناية ضفدعاً صغيراً إلى وعاء بلاستيكي يحوي ثقوباً صغيرة واسفنجة رطبة بعدما كان نائماً بجانب نبتة، إذ يُجهّز أكثر من 2600 حيوان لاجتياز رحلة طويلة من نيكاراغوا إلى الولايات المتحدة حيث تُباع لتربيتها داخل المنازل.
وفيما أُخذت أسلافها من غابات أميركا الوسطى الاستوائية، تُربّى الضفادع والثعابين والعناكب والسحالي والسلاحف لتتولى تصديرها "إكزوتيك فونا"، وهي شركة تقول إنها "مزرعة للحيوانات" (زو فارم) وتقع في إحدى ضواحي العاصمة ماناغوا.
ومنذ 15 سنة، تربي "إكزوتيك فونا" بموجب ترخيص حصلت عليه من الحكومة 18 نوعاً من الحيوانات البرية لتصديرها إلى الولايات المتحدة وكندا وآسيا.
وتقول تالافيرا التي تدير المؤسسة إلى جانب زوجها ادواردو لاكايو لوكالة فرانس برس إنّ الطلب على هذه الحيوانات مرتفع "من جانب أشخاص يرغبون في تربية حيوانات غير الكلاب والقطط المألوفة".
- أرباح جيدة -
وتعمل تالافيرا وفريقها بجهد لتجهيز آخر دفعة من الحيوانات طلبتها شركة من ميامي وتشمل 1200 حيوان من نوع ضفدع الشجر أحمر العينين وضفدع الزجاج بالإضافة إلى 290 من السحالي من نوع "كومون باسيليسك" و"بيشيت" و800 عنكبوت من بينها عناكب الرتيلاء و350 ثعباناً من نوع أصلة عاصرة.
وتوضع الحيوانات في أوعية تحوي فتحات صغيرة تتيح لها التنفس، فيما تُنقل الثعابين إلى أكياس من القماش قبل وضعها في صناديق خشبية مكتوب عليها "حيوانات حية"، إذ ستخضع لمعاينة من أحد مفتشي وزارة الصحة.
ولا تتعرض الحيوانات للتخدير. وتقول تالافيرا "تستطيع أن تتحمل رحلات تمتد إلى 24 ساعة وحتى ثلاثة أيام" من دون أن تتناول الطعام.
وتنتقل الشحنة إلى مطار ماناغوا الدولي عبر إحدى الشاحنات، وبعد خضوعها للتفتيش الجمركي تغادر في اليوم التالي في رحلة تجارية إلى ميامي.
وتشجع وزارة البيئة في نيكاراغوا تربية الحيوانات البرية، إذ تستضيف دورات تدريبية ومؤتمرات لتشجيع السكان البالغ عددهم 6,5 مليون نسمة على الدخول في هذا المجال المربح.
وتشير الحكومة إلى أن نحو 40 ألف أسرة في نيكاراغوا، وهي إحدى أكثر دول أميركا اللاتينية فقراً، تعمل في مشاريع مماثلة.
ورغم خطوات الحكومة التشجيعية إلا أنّ التصدير يبقى عملاً محصوراً بين حفنة من الشركات الخاصة.
وأظهرت الأرقام الرسمية لعام 2019 أنّ تصدير الحيوانات البرية حقق إيرادات بنحو 300 الف دولار، إلا أنّ مقالاً نُشر أخيراً في إحدى الصحف يشير إلى أنّ الإيرادات تفوق هذا المبلغ بأكثر من الضعف.
- لا تنجو حيوانات كثيرة -
وتؤكد "إكزوتيك فونا" في موقعها الالكتروني أنها "تعتمد أقصى درجات الرعاية عند تربية الحيوانات والتعامل معها، وأن عملها كان مطابقاً" بشكل كامل "للبروتوكولات الدولية المتعلقة بتجارة الحيوانات البرية".
ويعتبر إدواردو ساكاسا، وهو مدير حديقة الحيوانات الوطنية في نيكاراغوا، أنّ هذه الممارسة "ليست سلبية" طالما أنّ البرية لم تفرغ من الحيوانات، بل تُربّى الأخيرة في مراكز مماثلة لـ"إكزوتيك فونا" تتولى إعادة إنشاء بيئتها الطبيعية.
ويضيف لاكايو، وهو زوج تالافيرا "نأخذ الحيوانات من الطبيعة مرة واحدة فقط، وننتج تلك التي نصدّرها".
أما منظمة "بيبول فور ذي اثيكل تريتمنت أوف أنيمالز" (بيتا) التي تسعى إلى وضع حدّ للتجارة بالحيوانات الأليفة، فترى أنّ هذه الممارسة قاسية على الحيوانات التي لن ينجو عدد كبير منها بعد الرحلة.
وتذكر المنظمة عبر موقعها الالكتروني أنّ "الحيوانات التي تبقى على قيد الحياة غالباً ما تعاني في الأسر، وتموت بسبب سوء التغذية والبيئة غير الطبيعية وغير المريحة التي تعيش فيها، بالإضافة إلى شعورها بالوحدة وبضغط الكبير نتيجة إبقائها داخل المنازل".
- ضفادع كوسيلة تسلية -
ويوضح لاكايو أنّ "إكزوتيك غونا" باعت عدداً كبيراً من الضفادع خلال الجائحة، إذ كان الأشخاص الملتزمون في منازلهم يبحثون عن "وسيلة للترفيه".
ويشير إلى أنّ الزبائن الأميركيين اشتروا تحديداً الرتيلاء التي تمثل حيوانات سامة لكن ليست خطرة على البشر.
وللتغلب على صعوبات الرحلة الطويلة، تُقدَّم للضفادع مجموعة كبيرة من الصراصير التي تُربى أيضاً في "إكزوتيك فونا".
وبينما تتغذى الرتيلاء على الحشرات والديدان، لا تُقدم للثعابين أي أطعمة.
ويوضح هارلينتونغ بونيلا، وهو أحد العاملين في "إكزوتيك فونا"، انّهم يقدمون الطعام للثعابين قبل يومين أو ثلاثة أيام من الرحلة لتهضمه جيداً ولا تتقيأ أثناءها".